حوار/ امل خليفة

خاص/ مجلة القدس، بالرغم من حجم المشاورات والمحادثات التي استضافتها كل من مصر وقطر إلا أن المصالحة الفلسطينية ما زالت تراوح مكانها بل وأصبحت على حافة من الفشل أو التنفيذ على حد سواء، حيث تشكلت لجان عديدة من قبل الأطراف وبإشراف عربي للوصول إلى حلول تخرج الشارع الفلسطيني من الانقسام، إلا أنها تبقى في حيز الورق والمحادثات دون التطبيق الفعلي على أرض الواقع إضافة لتقاعس حركة حماس في القطاع عن تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات لا يبشر بخير، لتصبح المصالحة رهينة أمام بعض الملفات التي تعتبر أساسية لتنفيذ المصالحة... للوقوف على فحوى هذه الخلافات كان لنا هذا اللقاء مع الأخ عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورجل المصالحة.

              

س: الأخ عزام الأحمد ماذا أنجزنا على صعيد المصالحة والى أين وصلت الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية؟

بعد اجتماعات القاهرة التي عقدت في  20-22 ديسمبر الماضي تم تشكيل لجان متخصصة للبدء في تنفيذ آليات المصالحة وعقدت لجنتا الحريات وبناء الثقة في غزة والضفة الغربية سلسة اجتماعات كان بعضها مشتركاً عبر الفيديو كون فرنس لتنسيق أعمال اللجنتين ووضعت اللجنتان أسس عملهما في ضوء المهام الموكلة لهما في اجتماع القاهرة وهي بحث موضوع المعتقلين ومنع السفر من غزة وعودة كوادر فتح التي اضطرت للخروج من غزة على خلفية الانقلاب الذي حصل ومشكلة الحصول على جوازات السفر وحلها وحرية العمل للجميع في الضفة وغزة وكذلك عمل المؤسسات التي أغلقت، وأستطيع القول وقبل أن تبدأ اللجان عملها فور اجتماعات القاهرة الرئيس أبو مازن أصدر تعليماته بكلمات واضحة لوزير الداخلية بإصدار جواز السفر لأي مواطن فلسطيني يطلبه وفق القانون لأن هذا حق كفله القانون وبالفعل تمت عملية إصدار الجوازات رغم أن التصريحات السلبية من غزة صدرت من البعض في غزة حاولت إنكار هذه الحقيقة ولكن ثبت بطلانها وكذبها ولعل تصريحات الأخ مصطفى ألبرغوثي منسق لجنة الحريات وبناء الثقة في الضفة كانت دليلاً دامغاً على عدم صدقية ما صدر من غزة من بعض الناطقين حول هذه القضية وبالفعل بإمكان أي مواطن أن يحصل على جواز سفر حسب القانون وبالطريقة المعتادة سواء كان هذا المواطن من غزة أو الضفة أو في الخارج فهذا حق قانوني للجميع.

 

كيف تقيّم عمل وأداء لجان بناء الثقة والحريات والمعتقلين؟ وهل تعمل بالتساوي في الضفة وغزة؟

النقطة الأخرى قضية المعتقلين تم إطلاق سراح العشرات من المعتقلين الذين لا يشكلون خطراً على الأمن في الضفة الغربية وزاد عددهم عن ستين معتقلا فعلا وأيضا هناك خطوات أخرى لإطلاق سراح بقية المعتقلين وفق هذه الأسس وهي عملية مستمرة وأتوقع أن يتم انجاز هذا الملف خلال أيام في الضفة ولكن في غزة لم يتم إطلاق سراح أي معتقل حتى هذه اللحظة وبقية النقاط سواء إعادة فتح المؤسسات أو المسح الأمني الذي تحدثت عنه لجنة بناء الثقة والحريات وحرية العمل مكفولة ولكنها بالفعل تحتاج إلى حكومة واحدة تراعي هذه المسألة وتحلها بشكل جذري وربما يحتاج ذلك إلى وقت أطول، وبقية اللجان تم عقد لقاء في القاهرة قبل أربعة أيام وتم فيه اجتماع لمنسقي لجنة الحريات في الضفة وغزة بوجود الطرف المصري باعتباره المشرف على عمل لجنتي الحريات رغم أن لجنة الحريات في غزة حاولت أن تجعل من نفسها وصياً على عمل اللجنة في الضفة الغربية وحاولوا إعطاء أنفسهم حق تقييم عملهم دون أن يعرضوا ذلك على الجهة التي شكلتهم ودون أن يقدموا نتيجة عملهم للمصريين وكان الاجتماع ايجابياً جرى فيه إقرار الانجاز الذي تم في الضفة الغربية وطلب من الجهات المعنية في غزة أن تحذو حذو ما تم في الضفة الغربية من انجازات و تم الوعد بذلك، في لجنة المصالحة المجتمعية هذه لجنة عملها معقد وربما يستمر عملها لعدة سنوات ورغم تأخرها أسبوعين عن موعد اجتماعها وهي لجنة موجودة في غزة لأن عملها كله سيكون في غزة تقريبا وفي الضفة لن يكون لها عمل لأن أغلب حالات القتل والتدمير ومصادرة الأموال كانت في غزة في فترة الانقلاب، ونحن في حركة فتح ورغم تحفظنا على طريقة تشكيل هذه اللجنة لم نعترض عليها فالمهم أن تسير وأن تنجز هذه اللجنة عملها وبالفعل تم تشكيل لجان فرعية عنها لاستقبال الطلبات والشكاوى من المواطنين في غزة، وبالنسبة للمجلس الوطني تم تشكيل لجنة تتولى متابعة قانون انتخابات المجلس الوطني وبالفعل تم عقد اجتماع لهذه اللجنة في موعدها المحدد في الأردن وبرئاسة الأخ أبو الأديب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره الجهة المسؤولة عن هذا الملف وهذا القانون و قطعت هذه اللجنة شوطا كبيرا في عملها لأنها لم تبدأ من الصفر بل بنت عملها على ما تم انجازه من قبل المجلس الوطني وستعقد هذه اللجنة اجتماعاً آخر لها في القاهرة على هامش اجتماعات تطوير منظمة التحرير الفلسطينية.

 

س: ما الجديد بالنسبة لإعلان الدوحة وماذا تم فيه؟ وماذا بالنسبة لبقية اللجان؟

إعلان الدوحة لم يأت بجديد سوى نقطة واحدة وهي حل عقدة من يشكل الحكومة القادمة حيث كان هناك مقترح قديم قدّم  لحماس وبشكل شخصي من جانبنا ورفضته حماس في ذلك الوقت وكان قبل سنة ونصف وكان الاقتراح مرفوضاً أيضا من قبل الأخ أبو مازن ألا وهو أن يتولى الأخ أبو مازن رئاسة الحكومة باعتبار أننا في مرحلة دقيقة واستثنائية وتحتاج إلى حكومة إنقاذ وطني وإلى حكومة انتقالية ما دام هناك اختلاف على اسم رئيس الوزراء اقترحنا أن يتولى الرئيس أبو مازن رئاسة هذه الحكومة باعتباره رئيس السلطة التنفيذية للمنظمة وهناك أمثلة كثيرة على ذلك مثل لبنان حيث تولى رئيس الجمهورية (وهو مسيحي ماروني) رئاسة الوزراء لأكثر من مرة حيث أن القانون والعرف في لبنان ينص على أن يكون رئيس الوزراء مسلماً سنّياً، ولكن في مرحلة عصيبة وحرجة يمرّ فيها الوطن يمكن التغاضي عن العرف من أجل المصلحة العليا للوطن وفي قانون السلطة الفلسطينية لا يوجد ما يمنع الرئيس من تولي رئاسة الحكومة، ولكن كانت المفاجأة  للرأي العام حيث كانت هناك معارضة عنيفة جرت وفي العلن ولأول مرة من جانب قيادات حماس في غزة لما وقعه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة ونأمل أن يتم حل هذا الخلاف داخل حماس حتى نستطيع تنفيذ المصالحة باعتبار أن تشكيل الحكومة هو الإعلان الأساسي في إنهاء الانقسام ولكن يبدو أن مشاكل حماس الداخلية انعكست سلبا على المصالحة  ونأمل تجاوز ذلك، وبعد أيّام وتحديدا في 23 من شهر شباط الحالي سيتم عقد الاجتماع الثاني للجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير حيث ستكون اجتماعاتها دورية لمتابعة تنفيذ إعلان القاهرة عام 2005 وهو الإعداد لعقد مجلس وطني فلسطيني جديد في أسرع وقت ممكن، بالنسبة للجنة الانتخابات ورغم أن حماس ونحن في القاهرة طلبت يوم 21كانون أول  أن يصدر الرئيس أبو مازن مرسوماً رئاسياً بإعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية ما دام تم الاتفاق عليها في اجتماعات  20  كانون أول وأن تبدأ عملها في اليوم التالي وبالفعل استجاب الرئيس لهذا الطلب وأصدر المرسوم الرئاسي في يوم 22 كانون أول  ولكن للأسف وحتى هذه اللحظة 18 شباط لم تسمح حماس للجنة الانتخابات ببدء العمل وتجديد سجل الناخبين في غزة وإنما استلمت مقرها فقط ولكن طلب منها إسماعيل هنية شخصيا التريث وتأجيل بدء العمل ومعنى ذلك هو التأخير في موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني وإعاقة تنفيذ اتفاق المصالحة بكافة جوانبه، نأمل أن تحل هذه العقدة من جانب حماس في أسرع وقت ممكن حتى نستطيع بالفعل أن نقول أن عجلة المصالحة وإنهاء الانقسام تسير بالسرعة المطلوبة  نحو الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني التي فيها ينتهي الانقسام بشكل كامل ولتبدأ مرحلة جديدة في العمل الوطني الفلسطيني.   

                                             

ما هو موقف حركة فتح من المصالحة؟ وما هي توصيات المجلس الثوري الذي عقد مؤخرا؟

أكد المجلس الثوري في بيانه الختامي والذي أصدره اليوم الجمعة مساندته لموقف القيادة الفلسطينية بوقف كل أشكال اللقاءات والمفاوضات مع الإسرائيليين طالما أنهم مصرون على مواصلة الاستيطان وعدم اعترافهم بحدود عام 1967 كمرجعية للمفاوضات وأكد على تأييده لخطة القيادة بالتوجه للأمم المتحدة للمطالبة بعضوية فلسطين وملاحقة إسرائيل في المؤسسات الدولية الحقوقية والمطالبة بعقد مؤتمر دولي، وتحميل إسرائيل مسؤولية الفشل في العملية السياسية وما سيترتب على ذلك من تهديد الأمن في المنطقة، وأعاد المجلس طلبه في أن يكون الرئيس محمود عباس مرشح حركة فتح للانتخابات الرئاسية وكما أكد المجلس دعمه وإسناده لإعلان الدوحة تحت رعاية قطر الشقيقة تأسيسا لاتفاق المصالحة الذي تم برعاية الأشقاء في مصر مشددا على ضرورة الإسراع بتطبيق اتفاق المصالحة، لتحقيق الوحدة الوطنية وإعادة لحمة الوطن بين الضفة والقطاع كما ثمن المجلس الثوري موقف الأشقاء العرب الداعم للمواقف الفلسطينية خاصة الموقف الأخير في مجلس وزراء الخارجية العرب، الذي أكد دعم القرارات والتوجهات الفلسطينية للأمم المتحدة ولمختلف المؤسسات الدولية، والوعود العربية بتوفير شبكة أمان سياسية ومالية، لمواجهة التحديات والعراقيل التي تضعها إسرائيل أمام السلطة الوطنية الفلسطينية و ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية السلمية لمواجهة العدوان والاستفزازات الإسرائيلية واستمرار الاستيطان وبناء جدار الضم والتوسع.  

 

س: ما هي الخيارات والخطوات القادمة والممكنة في المجال السياسي وفي مجال العلاقة مع إسرائيل؟

سبق من عدة أشهر أن طرح الرئيس أبو مازن سؤال السلطة، إلى أين؟ .. وطرح السؤال على جميع القيادات الفلسطينية وبالفعل تم في الأشهر الماضية وفي الاجتماعات الأخيرة سواء للجنة المركزية لفتح وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تم الإجابة على هذا السؤال وفي ضوء ما تم من إجابة توجهت القيادة إلى الجامعة العربية وتم عقد اجتماع على مستوى وزاري للجنة المتابعة العربية في القاهرة قبل أيام وصدر بيان عن هذا الاجتماع تبنى فيه كل ما قدمه الرئيس أبو مازن وكذلك سيوّجه الرئيس أبو مازن رسالة للسيد نتنياهو يحدد فيها مسار المفاوضات وعملية التسوية ويوضّح فيها الموقف الفلسطيني بشكل كامل والموقف من التعنت الإسرائيلي ويضع نتنياهو أمام مسؤولياته وأيضا يبلغه أنه سيكون هناك خطوات عملية من جانبنا اذا بقية عملية السلام مجمدة بهذا الشكل ولم تستأنف المفاوضات بأسرع وقت ممكن بعد أن تتوفر أسس هذه المفاوضات وهي وقف شامل للاستيطان وخاصة في القدس من جانب إسرائيل والتزام إسرائيل بأسس عملية السلام القائمة على مبدأ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران للعام 1967 خاصة بعد الفشل الذريع الذي حصل في لقاءات عمّان الاستكشافية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبسبب التعنت الإسرائيلي وعدم جدية إسرائيل في اتخاذ خطوات عملية لإحياء عملية السلام و سيعطى نتنياهو مهلة للإجابة حتى تبدأ الخطوات اللاحقة وسيكون هناك تحرك على صعيد الأمم المتحدة ومؤسساتها وعلى صعيد تفعيل وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة وسنطلب من الدول المشاركة فيها للاجتماع لتوضيح مسؤولياتها أمام التصرفات الإسرائيلية وسنطرق أبواب كل المؤسسات الدولية سواء الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى لطلب العضوية وممارسة هذه المنظمات لدورها في حماية الشعب الفلسطيني وتأمين حقه في إنهاء الاحتلال واسترداد كامل حقوقه، وكذلك اتخذت القيادات قرارات واضحة حول تفعيل وتطوير المقاومة الشعبية وتوسيع المشاركة فيها بتشكيل لجان تتولى ذلك في مختلف المناطق، وسيكون هناك سؤال كبير مطروح أمام العالم وأمام نتنياهو وهو هل نحن سلطة فعلية نمارس حقنا كسلطة وطنية أم أن هناك وصاية إسرائيلية وتدخلات على الأرض تحول دون ممارستنا لحقوقنا ومسؤولياتنا وأخيرا وكما قال الأخ أبو مازن لن نقبل وتحت أي ظرف كان أن نستمر في هكذا وضع أن نكون كياناً في يد الاحتلال ولا بد من طي هذه الصفحة، وتم إقرار الدعوة لعقد مؤتمر دولي بهذا الشأن من قبل لجنة المتابعة العربية سيبدأ التحرك له لاحقا.