من المفترض ان يكون انتهى اجتماع الرئيس باراك اوباما مع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو مع نشر هذه الزاوية. غير ان المؤشرات ذات الصلة باللقاء تفيد، ان لقاء الحليفين سيبوء بالفشل، لأن كل منهما يغرد في سرب خاص، ولكل منهما حساباته ورؤاه للآخر ولمصالحه الشخصية والسياسية، رغم ما بين البلدين من تحالف إستراتيجي.
رئيس الحكومة الاسرائيلية، المحكوم برؤية ائتلافه الانتخابي "الليكود بيتنا"، توجه للولايات المتحدة، وهو يطالب حلفاءه الصقريين في إسرائيل وداخل الولايات المتحدة بمساندته لافشال توجهات الرئيس اوباما الداعمة لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان أمن إسرائيل، والتخفيف من ثقل العزلة السياسية والاقتصادية، التي يمكن ان تطالها (إسرائيل) في حال فشلت جهود رئيس الدبلوماسية الاميركية، جون كيري.
لكن نتنياهو المسكون بجلباب ابيه الصهيوني المتطرف، أكد تمسكه بخيار الاستيطان الاستعماري؛ ورفضه حصر اللقاء مع ساكن البيت الابيض بالملف الفلسطيني؛ وإصراره على منح الملف النووي الايراني الاولوية. مع انه يدرك ان اللحظة السياسية الراهنة، غير مناسبة له، لان الولايات المتحدة خاصة والغرب عامة منهمكون بالملف الاوكراني والتدخل الروسي في القرم. وبالتالي فإن الاجواء داخل اروقة الادارة الاميركية ملبدة بالسواد، ومشحونة بالتوتر، وكل الملفات العالمية على اهميتها بالنسبة لاميركا والاتحاد الاوروبي تندرج خلف الملف الاوكراني الآن.
مع ذلك الرئيس الاميركي وإدارته، يعتقدون ان القيادة الاسرائيلية بقيادة نتنياهو تضيع فرصة ثمينة لتحقيق السلام مع الرئيس، محمود عباس، المستعد قولا وفعلا لصناعة السلام، والاعتراف باسرائيل، والالتزام بالترتيبات الامنية، التي تكفل أمن الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية على حد سواء مقابل الانسحاب الاسرائيلي الكامل من اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 وفي مقدمتها العاصمة القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. ويفترض العم سام، ان ضياع الفرصة لن يكون في مصلحة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، التي سيشهر سيف العزلة والمقاطعة السياسية والاقتصادية في وجهها، ولن يقتصر عند حدود مقاطعة السلع المنتجة في المستعمرات المقامة على اراضي دولة فلسطين المحتلة. ما سيفقد الادارة الاميركية القدرة على ضبط الايقاع الدولي، لاسيما وان المزاج العام في اوساط صناع القرار الاممي آخذ في الاستياء والامتعاض من العنجهية والغطرسة الاسرائيلية.
إلا ان القيادة الاسرائيلية وخاصة انصار التطرف والاستيطان الاستعماري، لا يعيرون المواقف الاميركية أذنا صاغية، بل وضعوا منذ زمن قطناً لعدم سماع صوت الادارة وتوجهاتها السلمية، لاعتقادهم، ان مكانة اميركا العالمية آخذة في التراجع، ولم تعد صاحبة القول الفصل في المسائل الدولية، لذا تميل لفرض رؤيتها من خلال إدارة الظهر للسياسة الاميركية، والتشبث بتوجهاتها الاستعمارية، ناسية (إسرائيل) او متناسية ان التراجع الاميركي النسبي، لم يملأه اي قطب حتى الآن، فضلا عن ان الاقطاب الدولية الاخرى، لن تقف مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية كما وقفت، وتقف الولايات المتحدة معها، اي ان التحولات الجارية في المنظومة العالمية، لن تكون في مصلحة إسرائيل، الامر الذي يفرض على نتنياهو وبينت وليبرمان وارئيل وفايغلين ويعلون التفكير الف مرة قبل مغادة البيت الابيض الاميركي دون التجاوب مع التوجهات الاميركية. لان صناعة السلام والقبول بالشريك الفلسطيني الممثل بالرئيس عباس وبدفع إستحقاقات عملية التسوية السياسية مصلحة إستراتيجية إسرائيلية قبل ان تكون مصلحة فلسطينية وعربية وأممية.