بدون أدنى شك فإن اللقاء الذي عقد في واشنطن بين ترامب ونتنياهو، يثير القلق فلسطينياً وعربياً من حيث التوقيت وسرعة الاستجابة الأميركية لطفلها المدلل إسرائيل، والأجندات المطروحة على جدول أعمال هذا اللقاء، وتلك الاجتماعات العلنية والسريّة والتي تمس بشكلٍ كبير مستقبل السلام واستمرار وقف العدوان على غزة ولبنان وما جرى في سوريا ومستقبل العلاقة مع إيران والتطبيع مع الدول العربية، خاصة السعودية.
لكل ذلك، فبالنسبة للفلسطينيين فإن ما يعنيهم وأمام تلك المقاربات الإسرائيلية الأميركية المتطابقة في لقاءات واشنطن، هو مستقبل قضيتهم الوطنية العادلة، وأرضهم وحقوقهم الوطنية التاريخية فيها، فما الذي يخطط لهم في هذه اللقاءات؟ هل هي آليات وقف الحرب في غزة وبدئها في الضفة؟ وهل هو الضم لمناطق المصنفة (C) وفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة وتأبيد الوجود الاحتلالي وإنهاء صفة الأرض المحتلة؟.
هل هو البدء بحظر وإغلاق الأونروا، وهل هو تقويض للسلطة الوطنية الفلسطينية وتحديد دورها وحدودها على الأرض، لقطع الطريق أمام قيام الدولة الفلسطينية وفق حل الدولتين المتوافق عليه دولياً، أم أن هناك فعلاً عملية سلام ستبدأ وأن إقامة دولة فلسطينية ليس بمستحيل أو ليس ببعيد؟. مجرد تساؤلات لا إجابة عليها في ظل قانون الهيمنة الذي تفرضه الولايات المتحدة أمام نظام دولي عاجز عن حماية قراراته.
إن الموقف الفلسطيني الواضح برفض كل مشاريع التصفية والحلول الجزئية وأنه لا يوجد فلسطيني واحد يقبل التنازل عن الحقوق الفلسطينية، يمثل عنصر قوة للرؤية الفلسطينية، في مناهضة  سياسات  ترامب الذي يحاول أن يفرض أجنداته على العرب والفلسطينيين دون حتى مشاورتهم، فهو يرى أن إسرائيل دولة صغيرة ويريد توسيعها على حساب الأراضي الفلسطينية والعربية، وبالتالي تدمير "حل الدولتين" والسلام في المنطقة ككل، وهو ما يشكل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة، وينذر بمستقبل عربي غامض ومستقبل إسرائيلي مشرق باحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية وضمها إلى "دولة إسرائيل".
عندما نرى العدوان في شمال الضفة الغربية، ومشاهده الماثلة من قتل وتدمير وتهجير واعتقالات وإجراءات تعسفيه كبيرة وخطيرة بحق المواطنين في المدن والقرى والمخيمات دون مراعاة لأية قوانين وأنظمة دولية وإنسانية، فإننا نشعر أن الخطوات المتسارعة في الضفة وغزة، والحديث عن التطبيع والضم دون أي إشارة للقرارات الدولية ذات الصلة بفلسطين وقضيتها والتي تجاوزت مئات القرارات الأممية، وهو الأمر الذي يعطي انطباع أن كل المؤسسات الدولية هي رهن مصالح القوى الكبرى فيها وليست لكل الدول المنضوية فيها، وهنا نطرح السؤال المهم، ما الذي ينتظر الضفة الغربية في لقاءات واشنطن؟.