"الشعب الإسرائيلي قادم يا شباب".. بهذه العبارة، اقتحم صارخًا أحد ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة طولكرم، ويبدو أن هذه العبارة لم تأتِ اعتباطيًا، وإنما هي جزء من حالة التعبئة العسكرية لجنود جيش الاحتلال التي تستهدف إعادة احتلال مناطق الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان وتقويض السلطة الوطنية الفلسطينية.

وفي السياق، هنالك عدة مؤشرات تشير بشكل صريح إلى إرادة إسرائيلية تمخض عنها سياسات عنيفة وعلنية لضم الضفة الغربية وخلق نظام أبرتهايد يمنع الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة.

- ومن هذه المؤشرات:

أولاً: ارتفاع معدلات الاستيطان في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول ليتضاعف عدد الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية مع استمرار مشروع تطويق مدينة رام الله بعدد من المربعات الاستيطانية ومد هذه المربعات لتصل الى منطقة الأغوار بالقرب من البحر الميت، بالشكل الذي يؤدي إلى قتل حل الدولتين.

ثانيًا: تضاعف عدد حالات الأسر والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين لتصل إلى أكثر من 10 آلاف أسير، غالبيتهم من الأسرى المعتقلين احترازيًا "إداريًا"، وهو الأمر الذي يشير إلى سياسة اسرائيلية تهدف إلى إرهاب الشباب الفسطيني وترويعهم، بهدف تقليل فرص مقاومة االمشروع الاستيطاني الاستعماري.

ثالثًا: تضاعف عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ليرتفع عدد الشهداء الى أكثر من 700 شهيد، ما يشير إلى إرادة إسرائيلية لردع أي مطالبة بالحقوق الوطنية من قبل الجماهير الفلسطينية.

رابعًا: السعي الإسرائيلي الدؤوب لتقويض السلطة الوطنية الفلسطينية وإضعاف مؤسساتها الأمنية، وذلك من خلال قرصنة أموال المقاصة واحتجازها، والتهديد بحل السلطة الوطنية وتفكيكها، ويعد تصريح وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس حول تفكيك السلطة الوطنية خير شاهد على هذا التوجه الاسرائيلي.

خامسًا: تعطيل أي مبادرة لإحياء عملية المفاوضات التي يفترض أنها توصل لحل الدولتين، بل إن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث صراحة وفي أكثر من مناسبة عن استمرار تصميمه على تعطيل حل الدولتين وإلغاء اتفاق أوسلو.

تشير المؤشرات السابقة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أخذ بالتغول في الضفة الغربية. وبالتأكيد، فإن ما يحدث الآن في قطاع غزة من إبادة جماعية هو نسخة متوحشة من التوغل الإسرائيلي في الضفة الغربية. وبالنتيجة، فإن هدف إسرائيل واضح سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وهو منع قيام دولة فلسطينية وتقويض السلطة الوطنية.

وهنا، فإن المجتمع الدولي يعتبر مسؤولاً عن حالة مواجهة هذا التغول الإسرائيلي، فهل سيصمت العالم أمام هذه الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية تمامًا كما صمت في قطاع غزة؟ من الواضح أن الأيام القادمة ستجيب عن هذا التساؤل المهم، حيث طلبت المجموعة العربية في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز من الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الاثنين الماضي، التصويت على مشروع قرار أعدته السلطة الوطنية الفلسطينية، يطالب فيه إسرائيل بـ"إنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال ستة أشهر". وهذا التصويت الذي سيتم في الجمعية العامة سيكون الفرصة الأخيرة لإحقاق الحق الفلسطيني من قبل المنظمة الدولية، وسيمثل اختبارًا حقيقيًا لهذه المنظمة لوقف العدوان والاحتلال الإسرائيلي وإنشاء دولة فلسطينية. فهل ستنجح الأمم المتحدة بهذا الاختبار؟