بقلم: وعد الكار

رغم التحديات الكبيرة والقيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على وصولهم إلى أراضيهم، يواصل مزارعو بيت لحم النضال من أجل لقمة عيشهم والمحافظة على تراثهم الزراعي.

بلدة الخضر جنوب بيت لحم، شهدت اليوم انطلاق أول أيام العنب التسويقية، حيث أصر المزارعون من المحافظة على المشاركة وتقديم أفضل ما لديهم من محاصيل العنب، رغم الصعوبات كافة.

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اتخذ الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الإجراءات القمعية التي تركزت على إغلاق الطرق الزراعية وتقييد حركة المواطنين، ما أثر بشكل مباشر على قدرة المزارعين في بيت لحم على الوصول إلى أراضيهم.

وأفاد المزارعون بأنهم يعانون من إجراءات تعسفية تُجبرهم على سلوك طرق وعرة وطويلة للوصول إلى أراضيهم، ما يكبدهم خسائر مالية وزمنية كبيرة.

المزارع السبعيني عدنان صلاح، يقول: إن "المشاركة في هذه الأيام هي رسالة صمود".

وأضاف: "نريد أن نثبت للعالم أننا متمسكون بأرضنا وبتراثنا، مهما كانت الظروف صعبة، فنحن نواجه العديد من التحديات، لكننا لن نستسلم".

صلاح الذي يملك حوالي 40 دونمًا زراعيًا، 10 منها في منطقة مستعمرة "غوش عتصيون" منعه الاحتلال من الوصول إليها بشكل كامل، والعمل فيها من تقليم وحرث، مؤكدًا أن هذا يكبدهم خسائر كبيرة، خاصة أن أشجار الكرمة بحاجة إلى عناية مستمرة وإلا ستتلف.

وأشار صلاح إلى أن تكلفة النقل وتكاليف الإنتاج ارتفعت بشكل كبير بسبب القيود المفروضة، إلا أنه يشعر بالفخر لأنه استطاع الوصول والمشاركة في الفعالية، مؤكدًا أن "التضامن بين المزارعين والمجتمع هو ما يعطينا القوة للاستمرار."

إلى جانب الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، يواجه المزارعون تحديات تتعلق بتدهور البنية التحتية الزراعية، فتدمير الآبار ونقص المياه الجوفية المخصصة للزراعة، وعدم السماح بإصلاحها، يجعل من زراعة العنب في بيت لحم عملية محفوفة بالصعوبات.

وأوضح صلاح أن "المزارعين يعتمدون على الأمطار لري مزروعاتهم بسبب قلة المياه، ما يؤثر سلبًا على جودة المحصول وكميته."

بدورها، قالت مديرة وزارة الزراعة في بيت لحم سماح أبو هيكل: إن "قطاع الزراعة يواجه تحديات كبيرة تتعلق بمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، من إغلاق الطرق الزراعية والحواجز العسكرية، تهدف إلى تفريغ الأراضي من أصحابها وتدمير القطاع الزراعي الذي يعد جزءًا مهمًا من تراثنا وهويتنا الوطنية".

وأضافت: أن وزارة الزراعة تعمل جاهدة على دعم المزارعين من خلال تقديم الإرشادات الفنية والمساعدات اللازمة، إلا أن التحديات كبيرة، خاصة مع عدم القدرة على الوصول إلى العديد من الأراضي بسبب إجراءات الاحتلال.

وأشارت إلى أن المزارعين يعانون من نقص في بعض المواد الزراعية الضرورية، مثل الأسمدة والمبيدات الحشرية، مؤكدة أن الاحتلال يفرض قيودًا شديدة على إدخال هذه المواد إلى الأراضي الفلسطينية، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير، إضافة إلى صعوبة الحصول على قطع الغيار اللازمة لصيانة الآلات الزراعية بسبب منع الاحتلال دخول المعدات الحديثة التي يحتاجها المزارعون لتحسين جودة الإنتاج وزيادة المحصول.

وأوضحت أن إجمالي مساحة أشجار الكرمة في محافظة بيت لحم حوالي 15 ألف دونم، 35% منها يمنع الاحتلال أصحابها من الوصول إليها، بينما أشجار الزيتون مساحتها 30 ألف دونم، 30% منها يمنع الاحتلال الوصول إليها، لافتة إلى أن الاحتلال قام بحرق أو تجريف 40 دونمًا من الأراضي المزروعة بأشجار الكرمة في المحافظة، و120 دونمًا من الأراضي المزروعة بالزيتون، إضافة إلى تدمير 180خلية نحل من أصل 2,200 خلية.

وتابعت: أن فعاليات الأيام التسويقية تساعد المزارعين على ترويج منتجاتهم من العنب وصناعاته الغذائية، مشيرة إلى أن هذه الأيام التسويقية تُقام في بلدة الخضر للعام السادس على التوالي، في العام الماضي تم بيع حوالي 22 طنًا من العنب خلال ثلاثة أيام، وهذا رقم كبير، مقارنة بالأيام العادية.

من جانبه، أكد محافظ بيت لحم محمد طه أهمية دعم المزارعين في مواجهة سياسات الاحتلال، باعتبارهم يشكلون خط الدفاع الأول عن الأرض.

وأوضح أن من أبرز التحديات التي تواجه المزارعين، تعرضهم لهجمات المستعمرين، الذين يهاجمون الأراضي الزراعية ويقومون بتخريب المحاصيل واقتلاع الأشجار، مؤكدًا أن هذا ليس مجرد عمل فردي، بل هو جزء من سياسة ممنهجة لإرهاب المزارعين وإجبارهم على ترك أراضيهم.

وأشار إلى أن مشاركة المزارعين في بيت لحم بأيام العنب التسويقية أكثر من مجرد مشاركة في حدث زراعي، إنها رسالة تحد وصمود في وجه الاحتلال.

وتابع: أنه رغم كل التحديات، يواصل المزارعون النضال من أجل أرضهم وتراثهم، مؤكّدين أن الإرادة الصلبة والعمل الجماعي هما السبيل الوحيد لتحقيق التقدم والاستمرار في الحياة الكريمة على أرض فلسطين.