بقلم: بسام ابو الرب
رصاصتان فقط، أطلقهما قناص من جيش الاحتلال الإسرائيلي كان يعتلي تلة في بلدة بيتا جنوب نابلس، أصابت إحداهما المتضامنة الأميركية من أصول تركية عايشة- نور إيجي (26 عامًا)، في رأسها، أدت إلى خروج الأنسجة من الدماغ.
استشهدت إيجي، حسب ما أكد مدير مستشفى رفيديا الجراحي الحكومي في نابلس فؤاد نافعة يوم الجمعة، متأثرة بإصابتها الحرجة.
ولم يمضي سوى يومين على وصول المتضامنة ايجي إلى فلسطين للمشاركة ضمن حملة "فزعة" لدعم وحماية المزارعين الفلسطينيين من انتهاكات الاحتلال والمستعمرين، إلى جانب عدد من المتضامين الأجانب.
ويروي المواطن سعد ذياب من بلدة بيتا تفاصيل إصابة المتضامنة إيجي، فيقول: "خلال مشاركة عدد من المتضامنين الأجانب مع أهالي البلدة في المسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان، كانت قوات الاحتلال تنشر القناصة على إحدى التلال القريبة التي تبعد نحو 200 متر عن مكان إصابة المتضامنة".
ويضيف ذياب: "لم تمض نصف ساعة، حتى أطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز السام بكثافة صوب المشاركين، وكانت المتضامنة ايجي تتحدث إلى أحد أصدقائها، فأطلق جنود الاحتلال رصاصتين إحداهما استقرت في رأسها والأخرى أصابت شظاياها أحد شبان البلدة، وبعد ذلك رأيت الجنود يرقصون فرحين لما أقدموا عليه"، مشيرًا إلى أن المتضامنة ايجي لم تشكّل خطرا على جنود الاحتلال، خاصة أنها كانت تقف في قاع الجبل، وهم ينتشرون على المرتفعات والمنازل القريبة، مؤكدا أنها ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال المتضامنين الأجانب، فقبل نحو أسبوعين أصيب متضامن أميركي برصاص حي في الركبة.
ويتعرض المتضامنون الأجانب مع شعبنا، لمسلسل من الاستهداف والاعتداء من قبل قوات الاحتلال والمستعمرين.
وقبل نحو شهر، اعتدى مستعمرون على ثلاثة متضامنين أجانب خلال تواجدهم لحماية المزارعين في بلدة قصرة جنوب نابلس. كما اعتدوا يوم الأربعاء الماضي على متضامنين في ذات البلدة، ما أدى إلى إصابتهما بكسور ورضوض.
ويقول محافظ نابلس غسان دغلس، معقبًا على حادثة استشهاد المتضامنة الأميركية: إن "هذا الرصاص والسلاح الذي ترسله الولايات المتحدة الأميركية لدولة الاحتلال، يقتل مواطنين أميركيين، كما يقتل الأطفال في غزة والضفة".
ويضيف: "هذه جريمة بشعة، والاحتلال يتحمل مسؤولياتها باستهدافه متضامنين أجانب على أرض بلدة بيتا جاؤوا من أجل السلام، وها هم يقتلون السلام، وعلى العالم إيقاف هذه الحرب المجنونة ضد الفلسطينيين".
وبالتوازي مع حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، صعّد الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه على أبناء شعبنا في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ما أسفر عن استشهاد 692 مواطنًا وإصابة أكثر من 5700 مواطن، واعتقال نحو 10400 مواطن، وفقًا للمعطيات الرسمية.
وينظم أهالي بلدة بيتا مسيرة أسبوعية عقب صلاة الجمعة تنديدًا بالاستيطان، مطالبين بإخلاء البؤرة الاستعمارية "أفيتار" المقامة على أراضي المواطنين في قمة جبل صبيح.
ويؤكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، إن استشهاد الناشطة إيجي، جريمة تضاف إلى سلسلة الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني والمتضامنين معه والمؤمنين بعدالة قضيته.
ويشير إلى أن دولة الاحتلال باستهدافها للناشطة الأجنبية تريد أن توصل رسالة تهديد بالرصاص والدماء لكل من يفكر أن يتضامن مع القضية الفلسطينية، وأن يشارك في فعاليات حماية الأرض الفلسطينية وصد اعتداءات المستعمرين المسلحين.
ويشدد شعبان على أن فعاليات حماية الأرض في بيتا على جبل صبيح، وكافة الفعاليات الوطنية الشعبية في كفر قدوم وقصرة وبورين وقريوت وبرقا والمغير وترمسعيا والمخرور وبيت أمر ومسافر يطا، ستتواصل بالرغم من كل رسائل التهديد الدموية، مطالبًا المجتمع الدولي بالتخلي عن دور الكيل بمكيالين المعيب الذي تنتهجه بحق الجريمة المروعة التي ترتكب على الأرض الفلسطينية، والتقدم جديًا نحو إدانة ومحاكمة مجرمي دولة الاحتلال.
ولم تكن المتضامنة ايجي وحدها من استشهدت دفاعا عن فلسطين، فكانت الحادثة الأبرز عندما سحقت جرافات الاحتلال المتضامنة الأميركية راشيل كوري يوم 16 آذار/مارس 2003 في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، حين وقفت بوجه آلية عسكرية إسرائيلية أثناء هدمها منازل المواطنين.
وفي الثاني من أيار/مايو 2003، قتلت قوات الاحتلال الصحافي والمتضامن الويلزي جيمس هنري ميلر داخل قطاع غزة خلال تصويره فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية.
في حين استشهد ناشط السلام البريطاني توم هُرندال، برصاص جيش الاحتلال في الرأس، في 13 كانون الثاني/يناير عام 2004 خلال احتضانه طفلة فلسطينية صغيرة محاولاً حمايتها من الرصاص في مدينة رفح.
وفي 31 أيار/مايو 2010، هاجمت قوات الاحتلال السفينة التركية "مافي مرمرة" قرب شاطئ بحر غزة أثناء محاولتها كسر الحصار عن القطاع، الأمر الذي أدى إلى استشهاد عشرة متضامين وجرح أكثر من 56، من بين 750 متضامنًا وناشطًا في مجال حقوق الإنسان من 37 دولة كانوا على متن السفينة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها