ترقد الطفلة الرضيعة سبيل حمدان "9 أشهر" على سرير داخل مستشفى شهداء الأقصى شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تصارع الألم والمرض بانتظار إعادة فتح معبر رفح الحدودي المغلق، بعد السيطرة عليه من قبل قوات الاحتلال، وتعاني الرضيعة حمدان من تضخم وتليف في الكبد، وتضخم في الطحال، وانسداد في القناة المرارية، ما يتسبب في تكون مياه في جسدها وتجمعها في منطقة البطن، والضغط على الرئتين والقلب، ما يتطلب ذلك إجراء عمليات شفط للمياه أولًا بأول خشية تدهور حالتها الصحية.

* نزوح ومأساة المرض

وخلال العدوان الإسرائيلي المتواصل، عاشت الأم مع طفلتها المريضة أوضاعًا مأساوية من نقص للعلاج والحفاضات ومن نزوح مستمر، حيث كانت تقيم في مدينة غزة ونزحت لأكثر من مرة حتى وصلت لمنطقة المواصي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة التي تفتقر لسبل الحياة.

* صراع من أجل البقاء

وتقول ريم والدة الطفلة حمدان: "ابنتي تعاني جراء هذا المرض، وتصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، لكن حياتها مهددة في حال توقف عمل مستشفى شهداء الأقصى بفعل نفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية الاحتياطية، لأن ابنتي تعتمد على الأوكسجين للبقاء على قيد الحياة بسبب الصعوبة الكبيرة في التنفس والرضاعة، بفعل الضغط الذي تتسبب به المياه المتجمعة في البطن على قلبها الصغير ورئتيها المُتعبتين".

وتخشى الوالدة، التي يعتصر قلبها ألمًا على طفلتها، من فقدانها في حال تفاقم أزمة نقص الوقود التي يعاني منها مستشفى شهداء الأقصى، وتوقف الأوكسجين عن الأطفال المرضى، لاسيما أن الأطباء أخبروها أن حالة ابنتها صعبة للغاية وقد تفارق الحياة في أي وقت.

وفي 27 مايو/ آيار الماضي انقطع التيار الكهربائي عن عدد من أقسام مستشفى شهداء الأقصى لساعات، جراء نقص الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء، قبل أن تعود إلى العمل بعد تزويدها من قبل منظمات دولية بـ 15 ألف لتر من الوقود، كما وتحتاج المستشفى الوحيدة التي تعمل وسط قطاع غزة، في اليوم الواحد إلى ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف لتر من الوقود لضمان استمرارية العمل.

* معاناة مستمرة

وتقول والدة الطفلة: "قبل ثلاثة أيام أجرينا لها عملية شفط للمياه المتجمعة، لكن الماء يعود ويتشكل مجددًا في جسدها، ومعاناتها لا تنتهي، فهو يتسبب بضيق في التنفس جراء الضغط على القلب والرئتين، وتتأثر رضاعتها بشكل كبير"، مؤكدةً بأنها تخشى فقدان رضيعتها نتيجة عدم توفر العلاجات اللازمة لحالتها داخل قطاع غزة، بسبب النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

وتتشكل المياه داخل جسد الرضيعة حمدان بشكل دائم وتتجمع في البطن، وتقوم الطواقم الطبية بإجراء عمليات جراحية مستمرة لشفط المياه المتجمعة، لكن دون جدوى، فالعمليات تتكرر بصورة دائمة، ولم يسجل أي تحسن في حالتها الصحية منذ دخول المستشفى في الثاني من مارس/ آذار الماضي.

وتشتكي الأم من عدم قدرتها على توفير الملابس المناسبة لطفلتها الرضيعة مع جسدها النحيل ووجود تضخم كبير في البطن، خاصة أنها في المرحلة الثالثة والأخيرة من مرض تليف الكبد، بينما تجلس في المستشفى منذ بضعة أشهر، تشتاق الوالدة لأفراد عائلتها وللأوقات السعيدة التي كانوا يقضونها سويًا، وتحنّ الأمّ إلى لمس يديهم وسماع أصواتهم وتبادل الضحكات معهم، لكنها محاطة بصمت قاطع ووحدة مؤلمة، مؤكدةً أن قلبها يعتصر ألمًا، فقد أصبحت تتمنى الموت في ظل المعاناة التي تعيشها والأزمات القاسية.

وتتساءل باستغراب واستهجان: "ما ذنب هذه الطفلة بأن لا تتلقى العلاج اللازم والرعاية الصحية المناسبة كباقي الأطفال المرضى حول العالم؟ ما ذنب أطفالي المتواجدين داخل البيت أن يحرموا من والدتهم وشقيقتهم؟ وأن أُحرم من معانقتهم؟ أليس من حق المرضى أن يتلقوا حقهم في العلاج؟"، متمنية أن تنتهي الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع، وأن يُعاد فتح معبر رفح الحدودي مرة أخرى، حتى تتمكن طفلتها من السفر إلى الخارج لتلقي العلاج اللازم.