مع اعلان الرئيس بايدن الخطة الاسرائيلية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، تكون أرضية وقف اطلاق النار قد بدأت حيز التنفيذ حيث ستكون على ثلاث مراحل، تبدأ بالانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية، ومن ثم الانسحاب الكلي من غزة، ومن ثم تبدأ عملية إعادة الإعمار، وهذا ما يعني أن الحلول العسكرية أثبتت فشلها وسياسة التهجير قد سقطت وإعادة احتلال غزة قد أخمدت ولا مسار يمكن البناء عليه سوى مسار التفاوض السلمي الذي بان أنه المسار الوحيد المقبول في إحقاق حاله يمكن قبول البناء عليها من أجل إيجاد تسوية سياسية دائمة تحقق الأمن لإسرائيل كما تحقق الاستقلال التام لفلسطين استنادًا لقرارات الشرعية الدولية.

على أمل أن لا تعاد الرعونة الإسرائيلية وأن تنتهي إلى الأبد مسألة استخدام السياسات الأحادية وأسلوب التمادى على المؤسسات الدولية والكف عن وسيلة فرض الحلول العسكرية باستخدام آلة الحرب التي أثبتت بالبرهان القاطع والدليل الساطع عدم جدواها بل وفشلها بإيجاد واقع جديد بسبب فقدانه لمشروعية القبول التي تعتبر الجزء الأساس لتكملة معادلة التكوين مهما بلغت شرعية النفوذ، وهذا ما يجب أن ياخذ بالحسبان عند الحديث عن مستقبل المنطقة وكيفية التعاطي معها حتى يستقيم الحال ولا تخرج الأمور عن سياقها ويدخل الجميع في مداخل تحمل الاحراج والحرج.

ومن الواضح أن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يقم ببيان خطة وقف إطلاق النار التي أعلن عنها من دون مشاورة القاهرة والدوحة التي يعول عليهما، وهذا ما يعني أن ما سيتم الحديث عنه من موضوعات هي مسائل إجرائية تنفيذية بعد التفاوض على ما تم حول الأطر الناظمة لعملية وقف إطلاق النار بكل تفاصيلها بما في ذلك موضوع إدخال حماس في داخل أطر منظمة التحرير الفلسطينية التي راح يعلن اسماعيل هنية أليتها عبر النقاط الثلاث التي بينها في تركيبة الحكومة وفي تركيبة المجلس الوطني وكذلك في التوافق حول إجراء الانتخابات في عموم الضفة والقدس والقطاع، وهي الأرضية التي تجيب على العامل الذاتي المراد تكوينه من أجل وصول الجميع إلى نقطة الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي تحدث عنها الرئيس ماكرون.

وبالتوازي مع هذه الترتيبات السياسية أطلق الملك عبدالله الدعوة لعقد المؤتمر الدولي للإغاثة عبر رسالة دعوة تضمنت عقد مؤتمر على مستوى القمة يعقد في الحادى عشر من الشهر الحالي لبحث تقديم الوسائل الإنسانية المستعجلة والإغاثية اللازمة للمواطن الفلسطيني في غزة بما يلبي احتياجات المواطنين الضرورية لإدامة معيشتهم في المناحي الصحية والغذائية وكذلك الحياتية تجاه مسارات البنية الضرورية بتوفير المياه والكهرباء وتقديم المساكن المؤقتة لحين إعادة إعمار قطاع غزة وهى الضروريات التي تستلزمها معيشة المواطن في غزة في إدامة حياته.

وبهذا يكون الأردن قد عمل على ترجمة أقوال السياسة بأفعال إفادة لا تنتظر لحين الانتهاء من الترتيبات الأمنية والسياسية التي ستأخذ وقت طويل نسبيًا لاحقاق حالة تسوية لكونها مرتبطة فى مدد تتضمن كل منها ستة اسابيع بل سارع الأردن بترجمة المناخ السائد العمل اللازم لإيصال لهذه المستلزمات الضرورية حتى لا ينتظر الأهل في غزة لوقت طويل من جهة وحتى لا يعود الطرف الإسرائيلي لسياسة المماطلة التي اعتدنا عليها من جهة اخرى، وهذا ما يحسب للدبلوماسية الأردنية التي تقوم بقراءة المشهد السياسي والأمني والمعيشي بشكل دقيق في قطاع غزة.

ولعل مؤتمر الإغاثة الدولية الذى سينعقد فى البحر الميت بحضور الرئيس المصري باعتباره مشارك عضو والأمين العام للأمم المتحدة باعتباره طرف رئيسي بمؤسساته الدولية سيعطي زخم داعم لبرنامج الإغاثة كونه يكفل إدامة وصول قوافل الإغاثة عبر بوابة فيلادلفيا التي من المفترض انسحاب القوات الإسرائيلية منها ضمن ترتيبات أمنية كما في كل المناطق المأهولة بالسكان منذ لحظة التوافق على الدخول في تنفيذ خطة وقف إطلاق النار المتوافق عليها والتي ينتظر أن تكون قيد التنفيذ في القريب العاجل كما يصف ذلك متابعين، وبهذا تكون أميركا أخذت الشق السياسي بينما يقوم الأردن بالدور الإنساني في ترجمة جملة التسوية لإعادة الأمور إلى نصابها السلمي.