قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم أمس الثلاثاء 2024/05/28، إن "تحقيقًا تجريه الشرطة العسكرية الإسرائيلية أظهر أن استشهاد مواطنين من قطاع غزة، في آذار/مارس الماضي، نجم عن قيام عدد من الجنود الإسرائيليين بضربهما، بعد اعتقالهما واقتيادهما إلى منشأة الاعتقال "سديه تيمان" قرب بئر السبع، وليس بسبب ظروف الطريق مثلما زعم جنود إسرائيليون كانوا يحرسونهما".

وأضافت الصحيفة نقلًا عن مصدرين: أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت المواطنين بادعاء الاشتباه بأنهما مقاتلان، وتم وضعهما وهما على قيد الحياة في شاحنة وتكبيل أيديهما، ونُقلا من منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة إلى منشأة الاعتقال الإسرائيلية، لكن عندما وصلت الشاحنة إلى منشأة الاعتقال تبين أنهما استشهدا".

وتابعت: أن "الشرطة العسكرية جمعت أدلة تتناقض مع ادعاءات جنود من سلاح الهندسة حول إصابة الشهيدين في الطريق. وتشير الشبهات إلى أنهما تعرضا للضرب على عدة أماكن في جسديهما، وأن أحدهما أصيب برأسه".

وأشارت إلى أن التحقيق أجري حتى الآن مع عدد من الجنود، من دون اعتقال أي منهم، مثلما حدث في 33 حالة وفاة أخرى لسكان من القطاع الذين اعتقلوا خلال الحرب وجرى نقلهم إلى إسرائيل.

وتدعي الشرطة العسكرية أنها لم تتلق بعد تقرير تشريح الجثتين، وأنه بعد حصولها على التقرير سيتقرر كيفية استمرار التحقيق، وفقًا لما أوردت الصحيفة.

وعلى خلفية الانتقادات الدولية لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بعدم إجراء تحقيقات ضد جنودها بشأن جرائم حرب يرتكبونها في قطاع غزة، ادعت الشرطة العسكرية أنها تحقق في الأشهر الأخيرة في "35" حالة استشهاد فلسطينيين بعد اعتقالهم وهم على قيد الحياة داخل القطاع، بينما زعمت المدعية العسكرية يفعات تومير يروشالمي، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يجري "70" تحقيقًا مرتبطًا بالحرب على غزة.

وأشارت صحيفة "هآرتس" في تقرير، إلى أنه إضافة إلى الفلسطينيين اللذين استشهدا في الطريق إلى منشأة الاعتقال "سديه تيمان"، يجري فحص اشتباه بأن فلسطينيين آخرين استشهدا بعد اعتقالهما من جراء معاناتهما من وضع صحي لم يتم معالجته وتفاقمت حالتهما في منشأة الاعتقال.

وينقل جيش الاحتلال الإسرائيلي المعتقلين من القطاع، منذ بداية العدوان، إلى قاعدة "سديه تيمان" بعد تحويلها إلى منشأة اعتقال تفتقر لأي ظروف تسمح بأن تكون معتقلاً، حيث نقل حتى الآن حوالي "2000" معتقل إلى السجون الإسرائيلية.

وبحسب "هآرتس"، يتوقع أن تنظر "المحكمة العليا الإسرائيلية" الأسبوع المقبل، في التماسات ضد ظروف الاعتقال غير الإنسانية في "سديه تيمان"، الذين يتواجدون داخل أقفاص وتبقى عيونهم معصوبة وأيديهم مكبلة طوال الوقت.

ونقلت الصحيفة عن مصدر طبي زار منشأة الاعتقال، قوله: إن "وضع الوقاية الصحية هناك صعب جدًا، وهو أشبه بعالم آخر أو ثقب أسود. ويوجد هناك أرض خصبة لانتشار أمراض".

وطالبت الأمم المتحدة إسرائيل بالتحقيق في شكاوى خطيرة حول عمليات تعذيب وتنكيل شديدة بالمعتقلين في منشأة الاعتقال والسجون، بعد أن تلقت معلومات حول ذلك من المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "اللجنة لمناهضة التعذيب في إسرائيل".

وأكد مصدر طبي آخر أنه اطلع مؤخرًا على عدة حالات "موت مفاجئ" لفلسطينيين في السجون ومنشآت الاعتقال في إسرائيل، وأنه لم تكن لديه طريقة لتفسيرها.

وقال: إن "أحد الشهداء هو عز الدين البنا (40 عامًا) الذي اعتقل من القطاع، في شباط/فبراير الماضي، وكان يتنقل على كرسي متحرك، واستشهد في معتقل عوفر".

وقال المصدر الطبي إنه بعد اطلاعه على تشريح جثة البنا، فوجئ من التدهور السريع في وضعه الصحي، بعد أن عاش 18 عاما مع إعاقته، وقدّر أنه لم يحصل على العناية اللازمة.

وأفادت تقارير سابقة بأن البنا عانى من آلام شديدة بسبب تقرحات فراش "وأصدر أصوات احتضار"، لكنه لم يتلق أي عناية.

وأدت الاعتداءات بحق المعتقلين، وعمليات التعذيب والإجراءات الانتقامية والجرائم الطبية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى استشهاد "18" معتقلاً ممن تم الكشف عن هوياتهم، وفقًًا لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني.

ويواصل الاحتلال تنفيذ جريمة "الإخفاء القسري" بحق معتقلي غزة، ولم يتسنّ لمؤسسات الأسرى والمؤسسات الحقوقية الحصول على أعداد دقيقة لمن تعرضوا للاعتقال في غزة، إلا أن عددهم يقدر بالآلاف، فمنذ بداية العدوان، رفض الاحتلال الإفصاح عن أي معطيات حول أعدادهم، وأماكن احتجازهم، وكذلك أوضاعهم الصحية.

كما يرفض الاحتلال حتى اليوم السماح للطواقم القانونية بزيارة معتقلي غزة أو التواصل معهم، ولا تزال المعطيات المتوفرة معلومات ضئيلة ومحدودة تمكنت المؤسسات من الحصول عليها من خلال المعتقلين الذين يتم الإفراج عنهم من السجون.

وعكست شهادات معتقلي غزة المفرج عنهم، وآثار التعذيب الواضحة على أجسادهم مستوى الجرائم والتوحش الذي ينفذه الاحتلال بحقهم، من بينهم معتقلون استُشهدوا جرّاء عمليات التعذيب والجرائم الطبية ولم يكشف الاحتلال حتى اليوم عن هوياتهم وظروف احتجازهم، هذا فضلاً عن التقارير التي كشف عنها الاحتلال حول ذلك، واعترافه بإعدام معتقلين، إضافة إلى أحد التقارير الذي يتضمن شهادة لطبيب يفيد ببتر أطراف معتقلين مرضى ومصابين في إحدى المنشآت التابعة لمعسكر (سديه تيمان).

وتعرض معتقلو غزة، لجميع أشكال التعذيب المختلفة، وعمليات التقييد المستمرة على مدار الوقت، فضلاً عن سياسة التجويع، والاحتجاز في ظروف حاطة من الكرامة الإنسانية، وعمليات الإذلال والاعتداءات المستمرة، والتهديد بالقتل، إضافة إلى الاعتداءات الجنسية، وسياسة تجريد المعتقلين والمعتقلات من ملابسهم التي انتهجها الاحتلال بحقهم.

وأعلنت إدارة سجون الاحتلال في مطلع نيسان/أبريل الماضي، احتجاز "849" معتقلًا ممن صنفتهم بـ(المقاتلين غير الشرعيين)، وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات، إضافة إلى هذا المعطى وجود "24" طفلًا من غزة في سجن "مجدو"، بالإضافة إلى مجموعة من المعتقلات في سجن "الدامون"، وهذه المعطيات كذلك لا تشمل كل الأطفال المعتقلين من غزة أو النساء.