حظيت الحكومة الفلسطينية برئاسة د. محمد مصطفى بترحيب عربي ودولي واسع النطاق ولكن يبقى السؤال هل هذا الترحيب سيبقى محصورًا في إطار المجاملات أم سيتم ترجمته إلى إجراءات عملية داعمة تمكن الحكومة من تنفيذ برنامجها بما يحمله ويتضمنه من تحديات أمنية وإقتصادية وسياسية تتطلب تتضافر الجهود الإقليمية والدولية لحلها.

* على رأس التحديات:

هناك تحديات قائمة مردها الأساس إنكار حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتقاعس الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الإضطلاع بمسؤولياتها لضمان تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية مما مكن سلطات الاحتلال الاستعماري الاحلالي الإسرائيلي من استمرار وإدامة احتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وإستمرار عدوانها الهمجي الذي يصنف وفقًا للقانون الدولي والدولي الإنساني كجرائم إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة التي وقفت ولم تزل عائقًا رئيسًا أمام تجاوزها ومنها:

- أولاً: الإقتحامات والجرائم الإسرائيلية اليومية للمدن والقرى الفلسطينية.

- ثانيًا: تجفيف مصادر التمويل الذاتية والخارجية للحكومة الفلسطينية.

-ثالثًا: مصادرة أراض وممتلكات الشعب الفلسطيني بهدف تجميع الشعب الفلسطيني باقل مساحة جغرافية ممكنة وبهدف بناء المستوطنات التي ما هي إلا قواعد إنطلاق عدوانية.

- رابعًا: غياب شعور المواطن الفلسطيني بالأمن والآمان مع تمكين عصابات المستوطنين الإرهابية بدعم وتمكين وحماية ومشاركة لقوات جيش المستعمر الإسرائيلي من إعمال جرائم القتل خارج القانون والإعتقالات التعسفية والترويع وفرض العقوبات الجماعية وغيرها.

- خامسًا: السطو الإسرائيلي في ظل صمت دولي على أموال الشعب الفلسطيني تحت ذرائع واهية تتناقض مع القوانين والمواثيق الدولية وخاصة مع إتفاقيات جنيف مما أدى ذلك إلى تراجع الوضع الإقتصادي ونسبة النمو وارتفاع نسبة البطالة.

- سادسًا: مواجهة خطر التهجير القسري سواء عبر القصف الهمجي بمختلف أشكال السلاح والمحرم منه دوليًا أو عبر سياسة التجويع والتعطيش والحرمان من السكن والحق بالعلاج.

بناءًا على ما تقدم من غير الممكن أن تتمكن الحكومة من أداء مهامها بموجب التكليف الرئاسي وبرنامجها المعلن في ظل عدم حل ومعالجة ما تقدم من تحديات وعقبات فالعنوان الأوحد لإنجاح مهام الحكومة يتمثل بممارسة الضغط الدولي على الكيان الإسرائيلي المصطنع وداعمته أميركا لإنهاء احتلاله لجميع أراض الدولة الفلسطينية والمعترف بها دوليًا بموجب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181و 19 / 67 / 2012 بترجمة عملية لتنفيذ شعار حل الدولتين الذي تتحدث عنه حاليًا بشكل مكثف أميركا وأوروبا والصين وروسيا كأساس لتحقيق السلم والإستقرار الإقليمي بل الدولي والذي لا يعني سوى تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي حال الإنحياز والفيتو الأمريكي والأوربي دون إقامتها منذ عام 1947 ودون تمتع الشعب الفلسطيني من الحرية والعودة إلى مدنه وقراه التي طرد منها عنوة بعد إرتكاب العصابات اليهودية الصهيونية الإجرامية جرائم إبادة وتطهير عرقي عام 1948.
بالرغم من ذلك فالحكومة الفلسطينية مطالبة باتباع سياسة البناء والإصلاح وتجسيد المبادئ والحقوق التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني من مساواة وعدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز حقوق الإنسان وفصل بين السلطات وترسيخ إستقلال القضاء دون تاخير وتجاوز العقبات التي يفرضها الاحتلال بهدف إفشال الحكومة وبالتالي تقويض إقامة الدولةالفلسطينية المستقلة.

* الحكومة ومنظمة التحرير الفلسطينية:

أنشئت السلطة الفلسطينية بقرار صادر عن المجلس المركزي الفلسطيني لإدارة شؤون المواطنين داخل الأرض المحتلة طوال المرحلة الإنتقالية التي كان من المفترض أن تنتهي وفق إتفاق أوسلو بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة والذي إنقلبت عليه "إسرائيل" في أيار 1999 وهذا ما أكد عليه الرئيس محمود عباس بإستثناء ملفات السياسة والمفواضات والمصالحة من مهام الحكومة وإناطتها بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وكذلك بالتأكيد على أن مرجعية الحكومة منظمة التحرير الفلسطينية كما أكد ذلك أيضا رئيس الحكومة د. محمد مصطفى مما يرتب على منظمة التحرير الفلسطينية بمؤسساتها اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني الإضطلاع بمسؤولياتها بتعزيز وحدة الصف الفلسطيني وتفعيل مؤسساتها داخل الأرض المحتلة وخارجها وضخ كفاءات جديدة مؤهلة على كافة المستويات للتعامل مع تحديات المرحلة القادمة واخطارها التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال تقويض حق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس ومحاولة شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين وما طلب قادة الكيان الاستعماري الإسرائيلي الاسبوع الماضي من الأمم المتحدة تفكيك الاونروا والتصريحات المتتالية التي تنم عن عنجهية وتبجح وتحد للمجتمع الدولي لمجرم الحرب نتنياهو وزمرته برفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلا دليل بالغ الوضوح على المخطط الاستعماري الاحلالي التوسعي وتأييد استعماره لفلسطين منذ عام 1967 بل وللقسم المخصص لإقامة الدولة العربية الفلسطينية على مساحة 45 % من أرض فلسطين التاريخية وفق قرار التقسيم رقم 181.

الشعب الفلسطيني يؤكد على رفض أي محاولات تنال من أهدافه الوطنية المقرة من قبل المجلس الوطني الفلسطيني بدوراته المختلفة.
الشعب الفلسطيني يؤكد بدعم من أحرار العالم دولاً وشعوبًا على المضي بنضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى إنجاز أهدافه الوطنية بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948.
فلنقف موحدين لإلزام سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي إنهاء احتلاله بأقصر مدة زمنية، نعم لاحترام وفرض تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، لا لتمكين إسرائيل من الاستمرار برفض تنفيذ القرارات الدولية وتمكينها الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمها. لا للإزدواجية الأميركية بالتعامل مع القانون الدولي ومع واجباتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن.