بقلم: سامي أبو سالم

تمكن أفراد من عائلة ظاهر في مخيم جباليا شمال قطاع غزة من انتشال جثتي طفلتين من تحت أنقاض منزلهم المدمر، يوم أمس، ودفنوهما خلف سور مدرسة تابعة للأونروا في المخيم.

ولحقت الفتاتان بنحو 16 شهيدًا، من أصل 32 على الأقل بقوا تحت الأنقاض، من ذوي القربي الذين استشهدوا في قصف جوي إسرائيلي على مخيم جباليا منتصف أكتوبر ودفنوا في نفس المكان.

وقال شهود عيان إن عشرات الجثامين ما زالت ملقاة على الأرض بين المنازل وفي الشوارع والطرقات والأزقة ومئات أخرى تحت أنقاض المنازل المدمرة، ولم يتمكن المواطنون من دفنها بسبب استهداف كل من يتحرك في تلك المناطق من قبل جيش الاحتلال.

وحمل الأسبوع الماضي أفراد من عائلة رضوان جثتي كهل وابنه، رزق رضوان (88عامًا) ومحمد رزق رضوان (62 عامًا) ودفنوهما في سوق شعبي أنشئ حديثًا.

ويدفن المواطنون في محافظتي غزة وشمال غزة الشهداء في أية قطعة أرض متوفرة، مثل الأسواق والشوارع والساحات العامة وساحات المستشفيات، وحتى البيوت، وذلك بسبب عدم تمكنهم من وصول المقابر.

ولا يتمكن المواطنون من الوصول للمقابر، بسبب خطورة التحرك تحت القصف أو تجنبًا لقصف الاحتلال للجنازة.

وكان قد استشهد مواطنان من عائلة سالم خلال مشاركتهما في جنازة شهداء عند قصف الاحتلال قرب الجنازة في نوفمبر الماضي في مشروع بيت لاهيا.

وقال الطبيب إبراهيم سلامة: إن عدم دفن الشهداء ربما يتسبب في انتشار أمراض ناهيك عن البعد المعنوي والديني بضرورة إكرامهم ودفنهم، "ثلاجات الموتى لم يعد فيها متسع وأيضًا متوقفة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، كما باتت المراكز الطبية، على رأسها المستشفيات، أشبه بمقابر جماعية". 

ودفن مواطنون في الأسبوعين الماضيين عشرات الشهداء في مستشفى كمال عدوان.

مواطنون من عائلة ظاهر دفنوا ابنتهم سوزان حسين ظاهر في منزل جيران لهم بعد أن استشهدت خنقًا خلال هجوم الاحتلال على مستشفى اليمن السعيد في مخيم جباليا الأسبوع الماضي.

وخلال هجوم قوات الاحتلال على مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة أواسط نوفمبر الماضي دفن مواطنون 177 شهيدًا دفعة واحدة في ساحة داخل المستشفى.

وقال زهير دولة شاهد عيان: أنه نزح من بيته ولجأ لمستشفى الشفاء ورأى جثثًا مكدسة أمام العيادة الخارجية، وتم دفنها بعد خروج روائح منها.

وخلال الهجوم على الشفاء استشهد عدد من الجرحى والمرضى وتم دفنهم في المستشفى.

وقال علي دولة: أن المواطنين كانوا ينقلون الشهداء للمستشفى من خارجها للتوثيق والدفن، وأشار أنه يعرف أن منذر الفصيح وعماد الشرافي استشهدا ودفنا في محيط المستشفى، وتحولت المستشفى إلى مقبرة، ومن المستحيل الوصول لأية مقبرة قريبة بسبب الاستهداف الممنهج والمتعمد من قبل جنود الاحتلال والقناصة، كما أن ثلاجات المستشفى لا تتسع. 

كما تحولت قطعة أرض متاخمة للمستشفى الاندونيسي شمال غزة، لمقبرة بعد ن تكدست جثث مئات الشهداء في المستشفى، وسط نوفمبر الماضي.

وقال رامي رزق الذي كان متواجدًا: أن المواطنين حملوا الشهداء بين أيديهم وعلى كارات تجرها خيول وحمير لدفنها.

وتابع، "أطفال رضع ونساء ورجال تم دفنهم في قطعة الأرض التي من المفترض أن تبنى عليها مدرسة".

ليس المستشفيات فقط، بل أيضًا مراكز الرعاية الأولية، ففي حي الشيخ رضوان بمدينة غزة قتل قناص اسرائيلي المواطنين محمد الغول وماهر الغول، وتُركا ينزفان حتى الموت، واضطر أقاربهم وأصدقاؤهم لدفنهم في مستوصف الشيخ رضوان.

ويرى قانونيون ومراقبون أن إسرائيل ترتكب مجازر في قطاع غزة، وتخالف القوانين والمواثيق الدولية، وقوانين حقوق الإنسان، التي تكفل حماية المدنيين في زمن الحرب، مؤكدين أن إسرائيل تدير ظهرها لكل هذه الأمور وتواصل جرائمها أمام العالم وبشكل متصاعد دون أي اكتراث بالعواقب التي لم تعتد عليها.

وأضافوا أن ما يجري يرقى لوصفه جرائم حرب وإبادة جماعية حيث تقصف البيوت المأهولة والمؤسسات العامة والمدارس التي تأوي نازحين والمستشفيات بما فيها من مصابين ومرضى، إلى جانب استهداف سيارات الإسعاف والناس المارة وكل من يتحرك في أماكن تواجد جيش الاحتلال، ولم تبد إسرائيل أي اهتمام لكون المستهدفين رجال أم نساء وأطفال.