التقصير الإسرائيلي الجديد أمام معركة "طوفان الأقصى" أو حسب تسمية إسرائيل للمعركة "السيوف الحديدية" التي اشعلت شرارتها أذرع المقاومة من قطاع غزة أول أمس السبت (7/10/2023)، وهي المرة الأولى فلسطينيًا التي بادرت لها بهذا الحجم والزخم والبسالة، وما حققته من إنجازات عسكرية وأمنية ولوجستية برًا وبحرًا وجوًا ضمن إمكانيات وقدرات تلك الاذرع التي كشفت عن كفاءة عالية في التخطيط والتنظيم وإدارة الصراع والمواجهة مع قوات الجيش الإسرائيلي في المواقع والمستعمرات القريبة من حدود قطاع غزة. 


ولكن هذه المعركة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة في تفوق وشجاعة الفدائي الفلسطيني، ولا في تخطيط وتنظيم قيادات الأذرع العسكرية في تنفيذ العمليات، او مواجهة جرائم الحرب الاسرائيلية، فهناك معارك ومواجهات وحروب وعمليات فدائية فردية (الذئاب المنفردة) ومجموعات من فصيل أو فصائل متعددة، فهناك معركة الكرامة 1968، وخطف الطائرات وانزالها في الأردن وسوريا ومصر، ومعارك العرقوب والقطاع الأوسط في لبنان والجولان والأغوار والضفة وغزة والجليل والمثلث والنقب، وحرب 1982، وسافوي وعيلبون وعيون الحرامية وعمر أبو ليلى ومهند الحلبي وخليل أبو علبة ومطار اللد والانتفاضة العظيمة 1987/ 1993، وانتفاضة الأقصى 2000/2005 ...الخ من معارك الدفاع عن القرار الوطني المستقل المتواصلة ضد كل أعداء الثورة والأهداف الوطنية.

بيد أن المعركة الراهنة "طوفان الأقصى" تميزت عن غيرها من المعارك بحجمها وتنظيمها وتخطيطها ونتائجها المباشرة خلال الساعات ال48 الماضية، حيث مازالت أذرع المقاومة ترفد مقاتليها المسيطرين على العديد من المستعمرات والمواقع باعداد جديدة من المقاومين لتأمين الدعم، وتعزيز صمودهم وقدراتهم القتالية.


من أبرز عناوين التقصير الإسرائيلية ومن خلفها الأميركية، هي: أولاً الفشل الاستخباراتي المزدوج، من حيث عدم تمكنها من رصد تحرك مقاتلي الاذرع الفدائية، التي اخترقت المواقع العسكرية والمستعمرات داخل الخط الأخضر، وعدم التمكن من التصدي لها، وانهيار جبهتها العسكرية والأمنية؛ ثانيًا إنكشاف هزال الامن الاستخباراتي الإسرائيلي أمام العالم، بعد أن كانت تصول وتجول وتدعي بأنها الدولة السوبر، والأقدر في حقل الاستخبارات الكلاسيكية والسيبرانية؛ ثالثًا شلل وإفلاس الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية في استعادة زمام الأمور حتى الآن في المستعمرات والمواقع التي سيطر عليها الفدائيون، ليس هذا بل قامت بدعم قواتها المسيطرة على المستعمرات بقوات جديدة لتعزيز قدراتها في الصمود والثبات؛ رابعًا بالتلازم مع ما تقدم، مازال التخبط والإرباك يخيم على القيادتين العسكرية والسياسية الإسرائيلية، رغم مرور ما يزيد على 40 ساعة، مما يكشف مجددًا عن إنهيار صورة الجيش الإسرائيلي "السوبر ماني" مع ان الدولة العبرية غير ضعيفة، لا بل قوية جدًا، ومسلحة بكل أسلحة الدمار الشامل والنووي، والكلاسيكية المتطورة، وهذا يؤكد تمكن اذرع المقاومة من كسر شوكة الدولة اللقيطة؛ خامسًا اثبتت اذرع المقاومة قدرتها العالية وتفوقها في المعرفة التفصيلية في كل مليمتر وصلوا له في المستعمرات والمعابر ومقار القيادات العسكرية الإسرائيلية.


سادسًا أكدت معركة الدفاع عن النفس وحدة الموقف الفلسطيني، حيث أكد سيادة الرئيس محمود عباس منذ اللحظة الأولى على تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الحرب، وأكد أمس الأحد عن الوقوف جنبًا إلى جنب مع أبناء شعبنا في قطاع غزة، ويواصل الاتصالات العربية والإقليمية والدولية لوقف الحرب الإسرائيلية الهمجية؛ سابعًا وحدة الاذرع الفدائية في الميدان، والالتزام بخطة العمل المرسومة، وتحت قيادة موحدة، مما أفشل خطة إسرائيل وأميركا وكل الغرب الرأسمالي على تفتيت وحدة الموقف على الأرض؛ ثامنا سقوط رهان الحكومة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية على إخراج حركة حماس من دائرة المواجهة، مما فاجأ نتنياهو وأركان حكومته وقياداته العسكرية في تمرد المناضلين من كتائب القسام على عصا الطاعة الإسرائيلية الأميركية، بعدما اكتشف أولئك المناضلون نكث القيادات الإسرائيلية المختلفة بكل العهود والوعود، ليس هذا فحسب، بل واستباحة الدم الفلسطيني على مرآى من العالم؛ تاسعًا تحطيم جدار الفصل العنصري الفاصل بين القطاع والمستعمرات الإسرائيلية. رغم أنه مدعم بالاسلاك الكهربائية، وبالكاميرات والتقنية العالية، أضف إلى أنه ينزل في الأرض بعمق سبعة أمتار، ويرتفع سبعة أمتار؛ عاشرًا القدرة العالية لتعاون وتكامل الأسلحة البرية والبحرية والجوية في تأدية مهامها لتحقيق هدف الانتصار على العدو الصهيوني. 


مازالت المعركة في بداياتها، وبالضرورة ستفرز العديد من عوامل التقصير الإسرائيلية، حتى لو اجتاحت قطاع غزة، وأدمت أبناء الشعب العربي الفلسطيني في محافظات الجنوب والشمال والقدس العاصمة والجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، فلن يستسلم الشعب لآلة الحرب الإسرائيلية، ولا لبلطجة الإدارة الأميركية التي أعلنت عن تقديم مليارات الدولارات مساعدات عاجلة لصنيعتهم اللقيطة، وأعلنت عن عدائها المباشر للشعب الفلسطيني، كما فعل الأوروبيون أيضًا.