بقلم: عزيزة ظاهر

لا يستطيع المتنقل في شارع نابلس أحد الشوارع الحيوية المحاذية لمخيم نور شمس، الذي يربط مدينتي طولكرم ونابلس التجول بحرية وسرعة، نظرا للحرب الشرسة التي تشنها قوات الاحتلال على شوارع المخيم وبنيته التحتية، ما تسبب في دمار كامل للطريق وإتلاف شبكات الصرف الصحي والمياه، بعد ان اقتحمت العشرات من آليات الاحتلال المعززة بجرافات عسكرية من نوع "ديناين" فجر أمس مخيم نور شمس لحوالي 5 ساعات متواصلة.

فما فتئ المخيم أن ينهض من ركامه عقب العدوان عليه قبل نحو أسبوعين، ليعيد الاحتلال الكرة مجددا ويجرف شوارع جديدة وأخرى مجرفة سابقًا في حارة المسلخ وساحة المخيم والمنشية والمحجر، مدمرًا البنية التحتية من خطوط المياه والصرف الصحي وبعض تمديدات الكهرباء التي تسببت بانقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات عن المخيم، إضافة لاستهداف منازل المواطنين بتفجير أجزاء منها ومن بينها منزل المواطنة أم اشرف غنام قنوع وهي زوجة شهيد قضى في الانتفاضة الثانية ولديها أبناء من ذوي الهمم، وتحطيم مركبات المواطنين وعدد من المحال التجارية.

ولا تكاد رائحة الموت تغادر المخيم حتى تعود لتنتشر مجددًا في سماء نور شمس، بقلق وخوف ينتظر الأهالي بزوغ الفجر، يستيقظ الأطفال على أصوات الرصاص والقنابل، تمزق الأجساد، ونشر الرعب في صفوف الأطفال والعجائز، وهم يستفيقون على جريمة جديدة، وقد اخترق رصاص الاحتلال جدران المنازل، محولا ازقة المخيم لممرات جنائزية.

عدوان الاحتلال الواسع على مخيم نور شمس انتهى بجريمة اعدام جديدة مارسها الجنود بحق الشابين أسيد فرحان أبو علي المعروف بـ"الجبعاوي" 21 عامًا، وعبد الرحمن سليمان أبو دغش (32 عامًا) تاركًا خلفه طفلين وزوجة على وشك ان تنجب طفلهما الثالث سيبصر الحياة دون أن يرى والده. 

شقيق الشهيد الدغش أكد وهو يبكي سنده الذي غاب إلى الأبد، ان الشهيد قضى برصاصة اخترقت رأسه بعد ان اخترقت نافذة المنزل، بينما كان يداعب أطفاله ليخفف عنهم هلعهم وخوفهم من صوت القصف والرصاص، ولم يكن يشكل خطرا على دباباتهم وجرافاتهم، أما أمهات الشهداء فقد ودعن أقمارهن الوداع الأخير بالبكاء والعويل تارة، وبالاحتساب تارة أخرى.