فتح ميديا - لبنان

وضع الموقف الدولي في الامم المتحدة ومجلس الامن القيادة الفلسطينية في مواجهة مباشرة بسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي، والذي كان احد مبررات العديد من الدول لعدم الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية، ما لم يترك امام كافة الاطراف سوى الخضوع للمصالحة الوطنية وإعادة الامور الى نصابها. وشكّل لقاء الرئيس ابو مازن وخالد مشعل في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني في القاهرة الحجر الاساس لهذه المصالحة، والتي وضع على طاولتها قضايا الخلاف ومن اهمها الوضع السياسي والامني والمعتقلون، اضافة الى موضوع الانتخابات والحكومة المقبلة والتهدئة. ولمعرفة تفاصيل المصالحة وآخر المستجدات كان لنا هذا اللقاء مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمفوض العام للتعبئة والتنظيم فيها محمود العالول.

 

نجحت الجولة الاخيرة بين فتح وحماس بتهيئة الاجواء للمصالحة والتي توجت بلقاء الرئيس ابو مازن وخالد مشعل، كيف تقيّمون هذا اللقاء وما نتج عنه؟

المبدأ الذي يخص موضوع المصالحة وحسب الاستراتيجية المرحلية التي تم وضعها، احد اهم بنودها هو بذل كل الجهد الممكن من اجل انهاء الانقسام وانجاز الوحدة الوطنية واعادة توحيد الوطن من جديد. واعتقد انه بذلت جهود كثيرة لحل هذه المسألة ليس آخرها الحراك السياسي في الفترة الاخيرة والذي اكد على ضرورة الاسراع في انجاز الوحدة الوطنية، كون موضوع الانقسام كان يعطل ويشكل مبررا لمن يريد ان يتقاعس ولمن لا يجد مبررا للمساعدة او الاعتراف بدولة فلسطينية كما حصل عندما تم بحث موضوع عضوية الدولة الفلسطينية في الامم المتحدة ومجلس الامن وكان يتكرر سؤال هل لديهم حكومة او حكومتان..

 لذلك كان لا بد من تجاوز هذه المسألة  وزيادة الجهد لحل موضوع الانقسام، ومن هنا جاء تحرك الرئيس ابو مازن للقاء السيد خالد مشعل، وباعتقادي ان هذه الجولة كانت اكثر من جيدة فيما اعطته من انطباع وما سجلته من نجاح، وانها شكلت دفعة في هذا الملف على طريق انجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهذا كان واضحا تماما من خلال التفاؤل لدى فتح وحماس وكذلك الفصائل الاخرى. وبهذا تم الانتقال الى الحديث عن ملفات اكثر اهمية مصيرية واستراتيجية اكثر منها تفصيلية، لها علاقة بالوضع السياسي العام ومصير الوضع الفلسطيني ومصير السلطة الوطنية والنظرة اليها وايضا بكيفية المواجهة المشتركة لكل الفلسطينيين للتحديات الضخمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. ومن اجل ذلك تم بحث الوضع السياسي وموضوع اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني، خلال فترة قريبة جدا اي خلال ايار المقبل، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة انتخابات مركزية مستقلة، والاتفاق على التهدئة في قطاع غزة والضفة الغربية، ومجموعة من المبادئ العامة التي ستبحث بشكل تفصيلي خلال مجموعة من الاجتماعات التي ستجري خلال الشهر المقبل، إذ سيكون هناك اجتماع بين فتح وحماس في 18/12 وسيتبعه في 20/12 اجتماع لكافة الفصائل الفلسطينية، وبعدها وفي 22/12 سيكون هناك اجتماع للجنة منظمة التحرير الفلسطينية. لذلك وبشكل عام شكل لقاء عباس مشعل دفعة ممتازة لانجاز هذا الملف الفلسطيني.

 

هناك مجموعة من السناريوهات التي تتناقلها بعض وسائل الاعلام وبعض القيادات من الاطراف حول موضوع الحكومة المقبلة هل يمكن توضيح ذلك؟

للاسف الشديد في مثل هذه الاجواء تكثر التحليلات  والمقالات الصحفية والاخبار والاجتهادات السياسية، وبالاغلب تكون غير صحيحة ومتناقضة، وهذا غير صحيح على الاطلاق، خلال الشهر المقبل سيتم التباحث مع حركة حماس والفصائل الاخرى بالموضوعات التي لها علاقة بحكومة موحدة، هذه مسألة محسومة تماما وليست بحاجة للاقاويل. وخلال اللقاءات الاخيرة تم استعراض وتوافق على الافق العام الفلسطيني والذي يقوده الرئيس ابو مازن والذي يعطي الاولوية لمصلحة الشعب الفلسطيني والذي لا يخضع لضغوط واملاءات، وهذا كان واضحا من خلال الاشتباك السياسي الذي خضناه مع الادارة الامريكية انطلاقا من اولوية المصلحة الفلسطينية ورفض الضغوط والاملاءات خاصة اذا كانت تتعارض مع مصالحنا ومصالح الشعب الفلسطيني.

هذه القضايا تخلق التحديات، وسياسيا تم الاتفاق على كيفية الخروج من حالة التناقض ومواجهتها معا وهذا تم انجازه بنجاح حتى قبل لقاء ابو مازن وخالد مشعل، من خلال الحوارات السابقة. فأن نصل الى جعل الصراع الداخلي موضوعا ليس رئيسيا وان نصل الى ان الجهد وكل الجهد يجب ان يبذل بأتجاه التناقض الاساسي مع الاحتلال، وهذا ما صنعناه وهو امر ايجابي وهذا ما يلمسه الجميع خلال الفترة الماضية وهو ان اولوياتنا هي لمواجهة سياسات الاحتلال ولرفض اية املاءات اخرى وموقفنا صامد في هذا الموضوع، وانجاز ذلك ووضع هذه الاولوية على حساب الصراع الداخلي هو امرمهم جدا.

 

ماذا عن ملفات الخلاف الاخرى مع حماس مثل ملف المعتقلين والاجهزة الامنية وغيرها هل تم الاتفاق على حلها وكيف؟

ملف الاجهزة الامنية والمعتقلين وهما ملفان معقدان تم الاتفاق عليهما بغض النظر عن التفاصيل، فكل من يمكن ان يخرج من الاعتقال خرج او في طريقه الى الخروج، وربما خلال ايام فقط سينتهي هذا الملف. ليس لدينا الرغبة على الاطلاق بأن نكون سجانين او ان نعتقل احدا، ما دمنا اتفقنا سياسيا وتوافقنا سياسيا هذا يضع امامك عدم اهمية التركيز على الموضوع الامني والمسائل التي لها علاقة بالاعتقال، فالاعتقال يأتي نتيجة التناقض والتصادم، وما دام هناك تقارب فيما بيننا وتوافق فهذا ينهي بطبيعة الحال هذا الملف.

 

أين بقية الفصائل والقوى الوطنية من المصالحة وما هو دورها؟

للفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية دور هام في المصالحة لذلك سيكون هناك اجتماع هام في العشرين من الشهر المقبل لجميع الفصائل لأن هناك بعض الملفات التي نريد أن نتوافق عليها وليس لحركتي فتح وحماس فقط وإنما للجميع ومنها على سبيل المثال ملف الحكومة وكذلك بقية الملفات التي ستطرح على بقية الفصائل وهذا سيأتي بعد اجتماع فتح وحماس، وفي جميع الأحوال فان كل خطوة كنا نخطوها كنا نتشاور مع الفصائل قبلها وبعدها وما زلنا حتى الآن بنفس النهج. وأعتقد أن الاجتماع المقبل سيضع كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني في صورة الحدث وسيشارك الكل في الوصول إلى التوافق المنشود وسيتم بحث كافة الملفات.

 

ما هو النظام الانتخابي الذي يمكن أن يُعتمد في حال تم الاتفاق على موعد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة؟

هذا من الأمور التفصيلية التي سوف يتم بحثها في الاجتماع المقبل وتم الاتفاق على عقد اجتماع للجنة تبحث تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني وأن تكون هذه اللجنة برئاسة الأخ الرئيس أبو مازن وتتشكل من الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية إضافة لأعضاء اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني الفلسطيني وبعض الشخصيات المستقلة، وستجتمع هذه اللجنة في الثاني والعشرين من الشهر المقبل أي بعد اجتماع الفصائل الفلسطينية بيومين، وهناك مجموعة من الملفات ستبحثها الفصائل خلال اجتماعها سيكون جزء منها قانون ونظام الانتخابات، وكما هو معلوم فان في جلسات الحوار السابقة كان مطروحاً النظام المشترك ما بين النظام النسبي ونظام الدوائر وبنسبة 75 إلى 25 فسنعيد بحث الأمر وربما يتم طرح أفكار جديدة بخصوص هذا الأمر، وإجمالا العالم الآن وبشكل عام بدأ يميل إلى اعتماد النظام الأحدث والأكثر وضوحا والأكثر تعبيرا عن رأي الناخب وتحديدا في مجال النهج السياسي الذي سيختاره الناخب فالعالم بدأ في الاتجاه نحو اختيار نظام النسبية الكاملة.

 

ما هي العقبات التي يمكن أن تحول دون تحقيق التقدم نحو المصالحة، خصوصا مع ازدياد التصريحات من كل الجهات حول المصالحة ونسب نجاحها؟

بغض النظر عن التصريحات التي تخرج علينا من هنا وهناك وعن الأشخاص والجماعات التي لا يعجبها إتمام المصالحة ومن له المصلحة في بقاء الانقسام ومن يحاول تعطيل المصالحة والخروج بتصريحات استفزازية لخدمة توجه معين، وبغض النظر عن كل هذه المسلكيات أستطيع أن أقول بأن الاتجاه العام ايجابي وأن هناك نقاط لقاء مشتركة وتقاطع جيدا بين الحركتين وأتخيل أن اللقاء الأخير بين الأخ الرئيس أبو مازن والأخ خالد مشعل قد ذلل كل العقبات التي كانت تعترض طريق إتمام المصالحة وأعطت دفعة ايجابية قوية لكلا الأطراف للمضي قدما في اتجاه إتمام المصالحة، وهناك اتفاق على الجوهر العام للمصالحة وتم التوافق على بحث التفاصيل ونقاشها في اللقاء الذي سيتم في الشهر المقبل بين قيادة الحركتين وبين الفصائل ككل.

 

هل السلطة الفلسطينية تضع نصب عينيها ما ستؤول له الأمور بعد المصالحة خصوصا وضعها كسلطة وكدولة وككيان؟

نعم بالتأكيد وذلك نتيجة لمجموعة من العوامل أولها سواء المصالحة وقبل المصالحة فهناك توجه سياسي اتبعناه في الفترة الماضية والذي يعتبر موقفا سياسيا متماسكا للسلطة والذي عليه تقاطع وشبه إجماع فلسطيني والذي يؤدي إلى تصادم مع الاحتلال والى تصادم مع الموقف الأمريكي في هذا الأمر، وقلنا للجميع أن عليكم أن تتوقعوا ردود الأفعال لهذا التوجه. وبدأ تصدير الخوف منذ فترة، من تهديد العالم وتهديد مؤسسات الأمم المتحدة والدول التي ستؤيد الموقف الفلسطيني بالضغط عليها وكذلك بتهديدنا وتصدير الخوف لنا وبقطع الأموال والدعم للسلطة وكل ما إلى ذلك من أمور. وهذا أمر متوقع ولن يثنينا ولن يدفعنا لتغيير هذا النهج على الإطلاق ما دمنا مؤمنين بأن هذا هو النهج الأسلم والأمثل لنا ويخدم الشعب الفلسطيني مهما كانت النتائج، وبالتأكيد نحن نحاول إيجاد البدائل وأخذ الاحتياطات ولكننا لن نتراجع عن هذا النهج مهما استمر الحصار وقطع الأموال والمساعدات فهذه مسألة واضحة ومنتهية. أما الجانب الآخر الذي له علاقة بالسلطة هو أن الكثير قد تناول الموضوع من المنظور الخاطئ وخصوصا المسألة التي لها علاقة بحل السلطة وعودة الاحتلال لتحمل كافة مسؤولياته تجاه شعب تحت الاحتلال فنحن قلنا أننا سنبحث حال السلطة وليس حل السلطة، وحال السلطة أننا لسنا سعيدين لهذا الوضع ولسلطة منقوصة السيادة ولسلطة ليس لها صلاحيات وعليها هذا الكم من الضغوط ومحاصرة من قبل الإسرائيليين ولسلطة تتعرض للهجوم والانتهاك من قبل جيش الاحتلال فنحن لسنا سعيدين من حال هذه السلطة ولا يجب أن يستمر الوضع على ما هو عليه الآن، بل يجب تحسين وضع السلطة ويجب نزع القيود عنها.

 

كيف سيتعامل العالم العربي والدولي مع حكومة فلسطينية تضم وزراء محسوبين على حماس؟

يجب أن نعرف أن الكثير من المبررات لدى العالم قد زالت ونزعت، فسقف حماس السياسي لم يعد كما كان في السابق ولم يعد مبررا لمقاطعة الحكومة الفلسطينية التي ستتشكل في القريب فلقد حدث تغيير في الموقف السياسي لحماس، واللقاء الذي جمع أبو مازن مع خالد مشعل هو نتيجة لهذا التغيير. وكثير من الأمور التي تم التركيز عليها في ذلك اللقاء هو التأكيد على التهدئة في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وحماس تتحدث الآن عن ضرورة إعطاء فرصة للمحادثات وللمفاوضات وللعمل السياسي وكل ما إلى ذلك. وما أقصده هو أن مبررات مقاطعة هذه الحكومة لم تعد موجودة على الإطلاق. والشيء الآخر الذي سأعود للتأكيد عليه وبغض النظر عن رأي الآخرين فنحن نبحث  عن ما هو موقفنا وليس موقف الآخرين وما هو توجههم  فهذا لن يثنينا عن توجهنا وعن قناعتنا في صحته، فأساس هذا التوجه هو توحيد الشعب الفلسطيني لمواجهة ما ينتظرنا من تحديات، ومن يؤيد الشعب الفلسطيني من دول وجهات إقليمية كان يقول لنا اختاروا موقفكم ونحن سندعمكم في توجهكم ونحن معكم فالأساس هو الموقف الفلسطيني وقبل أي شيء آخر.

 

إصرار أبو مازن على عدم الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية القادمة هل يضع حركة فتح في مأزق، أم أن هناك حسابات وآليات لإيجاد البديل؟

ما زال لدى الحركة الإصرار على بقاء الأخ أبو مازن كمرشح للحركة للانتخابات الرئاسية المقبلة وهذا الذي له الأولوية لدينا في هذا الأمر ولا يوجد لدينا تخوف كبير من هذا الأمر كما يصوره البعض ويضع حوله هذه الهالة الضخمة، وكأننا سندخل أزمة فلا يوجد مشكلة في هذا الأمر. وفي الجلسات اللاحقة للجنة المركزية سيتم بحث هذا الأمر مرة أخرى، وتكرار الرئيس وتأكيده على عدم الترشح يضع حركة فتح أمام حسم وتوضيح هذا الموقف وعدم إبقائه غامضا.

 

كيف سترد القيادة الفلسطينية على التهديدات الإسرائيلية بالاستمرار في تجميد عائدات السلطة الوطنية الفلسطينية والإجراءات التصعيدية الأخرى؟

الابتزازات الإسرائيلية والتهديدات باستمرار تجميد عائدات السلطة الوطنية لن توقف التحرك الدبلوماسي للقيادة الفلسطينية تجاه مؤسسات المجتمع الدولي ولن تغير توجهنا، ونطالب المجتمع الدولي والدول العربية بتعويض العجز المالي الذي تعرضت له السلطة الوطنية جراء إيقاف تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية للسلطة الوطنية. وكما هو واضح فإن الخطوات التي يقوم بها الرئيس أبو مازن لإنهاء حالة الانقسام تزعج الإسرائيليين لأنها تصب في المصلحة الفلسطينية، فالرئيس أعطى دفعة إيجابية لملف المصالحة خلال الأشهر الماضية لما له من انعكاس إيجابي على ملف الوحدة الوطنية الفلسطينية. وأعتقد أن المجتمع الدولي يلاحظ  هذه التجاوزات الإسرائيلية ويدرك المخاطر التي تقوم بها إسرائيل على أرض الواقع، والمطلوب موقف حازم تجاه إسرائيل في الوقت الذي يراقب العالم التحركات الفلسطينية التي تصب في صالح عملية السلام.

 

حوار امل خليفة / رام الله- فلسطين