في ألمانيا النازية كان اليهود الألمان مجبرين بتعسف بالغ على إرتداء ملابس موسومة "بنجمة داوود" لا لتصنيفهم كبضاعة، وإنما لتمييزهم كموضوع للكراهية، والنبذ، والإقصاء. وفي ليلة البلور الشهيرة عام 1938 التي هاجم فيها الجمهور الألماني بعد تحريض نازي عنيف، مختلف تمظهرات اليهود في ألمانيا، البيوت، ومحلات التجارة، والكنس وغيرها، بعد أن وضعت على واجهاتها "نجمة داوود" وسميت "ليلة البلور"، لكثرة الزجاج الذي تناثر في الشوارع والأزقة حينها، زجاج محلات اليهود وبيوتهم ..!! التوسيم بهذه النجمة لليهود الألمان في ذلك الوقت، كان قرارًا وعملاً نازيًا بامتياز ونتاج أبشع الأفكار العنصرية، وأكثرها انحطاطًا أخلاقيًا.

اليهودي في ألمانيا في ذلك الوقت، مع هذه السياسة النازية العنصرية، كان هو الضحية، على أن هذه "الضحية" اليوم لا تقلد سوى مضطهدها، ولا تتمثل بسواه، وعلى نحو ما يسقط كل ما تدعي من قيم أخلاقية...!!

نتحدث عن واقعة وسم المواطن الفلسطيني، عروة شيخ علي من مخيم شعفاط في القدس المحتلة بنجمة داوود (...!!) على وجهه بأداة معدنية ساخنة، بل محماة، على يد أحد شرطة الاحتلال الإسرائيلي هناك...!! بهذا الفعل ووجه عروة شاخص بهذه النجمة، لن يعود اليهودي الإسرائيلي المحتل، الماثل اليوم لكل تعاليم الصهيونية الدينية، وقد تسلمت مقاليد الحكم في إسرائيل، لن يعود مع هذا الواقع تلك الضحية، والأخطر لا تبدو أفعال النازية مع هذا الفعل، سوى أمثولة تقتدى، ويا لها من أمثولة ...!! في ثقافتنا العربية لنا شاعر قال "لا تنه عن خلق وتأتي بمثله/ عار عليك إذا فعلت عظيم / ابدأ بنفسك فانهها عن غيها / فإذا انتهت عنه فأنت حكيم" لطالما نددت إسرائيل بالنازية ونهت عن أخلاقها لكنها اليوم تأتي بمثلها، وعليه مع واقعة الوسم العنصرية التي فعلها شرطي احتلالي ضد عروة شيخ علي لا نرى حكيمًا في إسرائيل ولا نظن أن ثمة حكيمًا يمكن أن يكون مع تسييد الصهونية الدينية مشهد الحكم في إسرائيل ...!!

لا يعيد التاريخ نفسه طبقًا لكارل ماركس، إلا في حالتين، مرة أولى كمأساة وفي الثانية كمهزلة، ونظن أن التاريخ اليوم بهذا السياق، في مرته الثانية، وهذا ما أعلنه الشرطي الإسرائيلي في مخيم شعفاط في القدس المحتلة.