في كل مرة، وكلما أطلّت الأصوليات الإسلاموية، بسكاكينها، رأينا ما كتبه سيد قطب في "معالم على الطريق". رأينا التأسيس لهذه الأصوليات وقد تحزبت تمامًا، وحزمت أمرها في الامتثال لمنهج هذا الكتاب فكرًا وأهدافًا وممارسة، وعلى قاعدة التكفير والذبح للآخر، المسلم أساسًا، ليس إلا ..!! لم تسيطر حركة حماس على قطاع غزة إلا على أساس هذه القاعدة، الذبح، والتكفير، بعد أن عمّمت كذبتها الكبرى "هي لله، لا للسلطة" ولا للجاه" وقد برمجت ذلك كمثل ثقافة، سعت لتعميمها أينما كان لها موضع قدم، ومنها اليوم المخيمات الفلسطينية في لبنان..!!
شاهدنا، بشريط مصور، واحدًا من جماعات التكفير الارهابية، يطلق النار في منطقة الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، كيفما اتفق، وهو ينادي "وما رميت، ولكن الله رمى" (....!!) وآخر كان ينادي "الله قائدنا وولينا" (...!!) وهو يطلق النار باتجاه من يشهدون بأن لا إله إلا الله، محمد رسول الله ..!! هذا هو نتاج ما اقترفت "حماس" وما أشاعت من تعميمات، وتعليمات "معالم على الطريق"، وعلى أساسها أيضًا، اشتغلت الدوائر المعادية للوطنية الفلسطينية، ومشروعها التحرري، على تفريخ جماعات إسلاموية بمسميات منوعة، غايتها الاستراتيجية، التمزيق والتفريق، بتعميم الطائفية، والمذهبية، بعيدًا عن الدين والوطن معًا، وبتمويلات فارهة، لا تخضع لأية مراجعات، ولا أية محسبات، لأجل تخليق أمراء الحرب، واثريائها فحسب، فهؤلاء في المحصلة هم من يصنع الخراب والضياع والعدمية ..!!
ما نريد أن نقول إن ثقافة التكفير والذبح، التي باتت داعشية، في أكثر من مكان وموقع، هي في الأساس ثقافة "معالم على الطريق"، ولا ينبغي لأحد اليوم أن يُخدع بدعوات حركة "حماس" لوقف الاقتتال، الذي كان في مخيم عين الحلوة، بأنها دعوات جدية، وصادقة، فخبز جماعات التكفير الأرهابية، من طحين "حماس"، والذين يقرأون الواقع، ويبصرونه بعقولهم، قبل عيونهم، لن يروا غير ذلك تمامًا.
الوطنية الفلسطينية في مخيمات لبنان، هي وطنية العودة، التي لا دخل لها في أية صراعات إقليمية، ولهذا ولغير مرة، يؤكد سيادة الرئيس أبو مازن أن وجود هذه المخيمات على أرض لبنان الشقيق، إنما هو وجود مؤقت ولن يكون مقبولًا لهذا الوجود أن يتطاول على السيادة اللبنانية، ودورها في ضبط الأمن والاستقرار، على مختلف مناطق ولايتها، بما في ذلك طبعًا المخيمات الفلسطينية.
ولا يخاطب سيادة الرئيس أبو مازن في هذ الإطار سوى قادة الدولة اللبنانية ومسؤوليها، وبمعنى أنه لا يخاطب سوى الشرعية، ولأن القرار الوطني الفلسطيني المستقل، يحرّم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة، وغيرها، بعكس حركة "حماس" التي -لمزيد من تأكيد سطوة الأحزاب الإسلاموية، على السيادة اللبنانية- تخاطب هذه الأحزاب بزعم مطالبتها لها العمل على إخماد نيران الاقتتال، الذي –حقًّا- لم يكن فلسطينيًّا فلسطينيًّا، وإنما هو تصدي الوطنية الفلسطينية، لجماعات التكفير الأصولية، حتى لا يكون هناك "نهر البارد" مرة أخرى. ليكن كل ذلك واضحًا تمام الوضوح. حتى لا نخطئ التقييم، والتقدير، والموقف.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها