تحل غدًا الخميس الموافق 30 آذار/ مارس الذكرى السنوية الـ47 ليوم الأرض الفلسطيني العظيم، الذي كرسته هبة أبناء عرابة البطوف ودير حنا وسخنين ردًا على قرار الحكومة الإسرائيلية بمصادرة ما يزيد على الـ20 ألف دونم من أراضي تلك القرى والبلدات الفلسطينية، ما اشعل فتيل الهبة البطلة من تلك الديار، وامتدت لتطال كل الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل، ثم لتشمل كل فلسطين التاريخية ومخيمات الشتات والجاليات في المغتربات والمهاجر.

وسقط على مذبح الدفاع عن الأرض ستة شهداء والعديد من الجرحى، لكن ذكراهم، ورسالتهم الخالدة ما زالت أحد أهم الدروس، التي لم يتخلَ عنها أبناء الشعب الفلسطيني يومًا قبل وأثناء وبعد النكبة 1948، وما تلا ذلك في خضم الصراع المحتدم بين الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وتجمعاته ونخبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية والدينية وبين الاحتلال الاسرائيلي الفاشي. لا سيما وان ملف الأرض يعتبر إحدى اهم الركائز الأساسية في الصراع، بالإضافة لملف اللاجئين، اللذين يعتبران المفاتيح المركزية للصراع، ودون تحرير الأرض وعودة الإنسان لدياره ومدنه وقراه التي هجر منها في عام النكبة 1948 والنكسة/ الهزيمة 1967 وغيرها من أعوام الصراع الطويلة لن يكون هناك سلام، ولا استقرار، ولا أمن لكائن من كان، دولاً أو إقليمًا.

وفي دوامة الصراع المتفاقم والمتأجج بين الشعب الفلسطيني ودولة الاستعمار الإسرائيلية الفاشية، ومع تصاعد وتيرة الهجمات الاستيطانية المتسارعة على الأرض الفلسطينية، وتكالب كل قطاعات دولة المشروع الصهيوني الرسمية وشبه الرسمية على قضم كل الأرض بدءًا من القدس العاصمة وانتهاء بآخر بقعة من الوطن الأم في حملة تطهير عرقي سياسية وقانونية ودينية وثقافية وتنفيذية لأبناء الشعب الفلسطيني، لإقامة "دولة إسرائيل الكاملة" التي تمتد حتى تطال كل حدود المملكة الأردنية الهاشمية، وهذا ما عكسته الخارطة، التي كانت أمام بتسلئيل سموتيريش، وزير المالية الإسرائيلية في باريس، وهو يؤبن جاك بفرين، رئيس الليكود السابق يوم الأحد الموافق 19 اذار / مارس الماضي، أكد ويؤكد الشعب الفلسطيني ونخبه السياسية وقطاعاته، أن أرض الشعب الفلسطيني، هي له، ولن تكون لغيره من الأعداء، مهما صادروا، وزوروا، وهودوا واغتصبوا، واشتروا من الجبناء وضعاف النفوس، وأيًا كان عدد المستعمرات التي أقاموها، أو يمكن أن يقيموها لاحقًا في ظل تعاظم الصراع، واختلال موازين القوى لصالحهم، فلن تكون لهم مستقرًا، ومصيرهم الاندثار والزوال.

كما أن هناك درسًا مهما لكل القوى العبثية والمأجورة والمتاجرة بالدين والدنيا وفق أجندة لا تمت بصلة للاجندة والبرنامج الوطني، فإن مآلها السقوط، والاندثار والانحلال. لأنه لا مستقبل لها، مهما رفعت من شعارات ديماغوجية، ومهما ادعت من أكاذيب، وأياً كانت القوى العربية والإسلامية والإسرائيلية والأميركية والغربية عمومًا التي تقف خلفها وتدعمها، وأيًا كان مستوى التخاذل في الشارع، والتردد والتلعثم في مواجهتها، إلا أنها ماضية إلى مصيرها المحتوم، والاختفاء من المشهد والساحة، كما دخلت في لحظة تاريخية ملتبسة، ستختفي في لحظة تاريخية قريبة ومنظورة إن لم تتوطن في المشروع الوطني، وتنفصل عن ارتباطاتها وأجنداتها الخارجية المشبوهة.

والدرس الهام الآخر، العمل على تصعيد المقاومة الشعبية وباقي الأساليب الكفاحية بشكل منظم ومدروس، ووفق خطة وطنية شاملة ورصد كل الإمكانات لها، وإلا سيبقى المشروع الوطني متعثرًا، ومربكًا، ومتعطلاً، وبالتالي علينا استلهام الدرس واستخلاص العبر، والشروع الفوري بإعادة استنهاض الذات الوطنية، وتنفيذ كل قرارات المجلسين الوطني والمركزي.   

والدرس العربي الرسمي الذي يفترض أن يدركه المتورطون بالتطبيع المجاني مع إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، أن فلسطين أرضًا وشعبًا ليست للمقايضة، ولا رهينة لهذا النظام أو ذاك، ولن تكون الا للشعب الفلسطيني. وكل المساومات التي تمت من فوق وتحت الطاولة، لن تفت في عضد الشعب العربي الفلسطيني، وسيبقى رهانه على شعوب الأمة العظيمة، التي عكست مواقفها البطولية في أولمبياد الدوحة 2022، وغيرها من المواقف، التي عبرت عنها شعوب الأمة في أكثر من مناسبة، ولكنه لن يدير الظهر للاشقاء العرب، وستبقى اليد الفلسطينية ممدودة لهم، لأنهم الحاضنة الاستراتيجية لفلسطين وقضيتها المركزية.

المصدر: الحياة الجديدة