يمثل الصهاينة المسيحيون تاريخيًا كتلة حيوية متسعة تقوم بتجنيد الدعم لإسرائيل في جميع أنحاء العالم. ولقد غيرت جهودهم مواقف الدول إيجابيًا تجاه إسرائيل، ووفرت مبالغ ضخمة من المال والسياح هناك، ومولت الهجرات اليهودية والمشاريع المختلفة. وبرغم تلك التشاركية أو التحالف العقائدي، قدم  النائبان من حزب "يهدوت هتوراة" الشريك في الحكومة الإسرائيلية موشيه غافني ويعكوف آشر مشروع قانون للكنيست الإسرائيلي حول حظر الدعوة التبشرية للديانة المسيحية. وحسب نص المشروع، فإن دعوة شخص لتغيير عقيدته جريمة تصل عقوبتها إلى السجن لمدة عام. وستزيد العقوبة إلى عامين إذا كان الشخص المستهدف قاصرًا. ويأتي هذا المشروع في ظل تنامي الفاشية الصهيونية الدينية في إسرائيل، والتي باتت تشعر بالقلق من قيام الجماعات المسيحية بتكثيف جهودها المالية والخدماتية لإقناع الإسرائيليين بتغيير ديانتهم. 


وتبعًا لإرتفاع مظاهر التوتر والقلق والانزعاج من مشروع القانون من قبل الجماعات المسيحية الصهيونية، فإن موجة عالمية عارمة من الانتقادات التي طالت حكومة اليمين الإسرائيلي تصاعدت معتبرة أن مجرد تقديم هذا المشروع ينفي صيغة الديمقراطية والحريات التي تحاول دولة الاحتلال إلصاقها بها. كما أن هذه الجماعات عبرت عن صدمتها من صيغة المشروع العنصرية في الوقت الذي تقدم به العديد من الخدمات وتجنيد الأموال لصالح إسرائيل على مدى العقود السابقة. وقد دفعت  هذه الانتقادات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن ينفي عبر تغريدة له على تويتر أي نية لحكومته لتقديم هذا المشروع إلى الكنيست أو تبنيه. 


المفارقة الغريبة في هذا المشروع أنه أولاً: يتنكر لدعم الجماعات المسيحية الصهيونية لإسرائيل معتبرًا أن المسيحية خطر على إسرائيل.

وثانيًا، أنه يتنكر لصيغة الديمقراطية واحترام حريات التعبير والاعتقاد التي تتغنى بها إسرائيل.

وثالثًا، إنه وضع المسيحية والإسلام في "سلة واحدة" باعتبارهما تهديدًا لليهودية ويجب مواجهتهما. 


وفي المحصلة، وفي ظل تفشي الصهيو-داعشية في المجتمع الإسرائيلي، فإن على الكنائس الإنجليكانية الصهيونية أن تقوم بمراجعة معتقداتها الدينية ومواقفها السياسية. فالصهيوينة هي حركة الأقلية اليهودية كما يقول ألن بابيه، والمسيحية دين يدعو إلى السلام والمحبة والتسامح، في الوقت الذي تعتبر إسرائيل دولة مارقة تقوم على العدوان والحرب والقتل. وليس من الطبيعي أن تقوم هذه الكنائس بدعم دولة عدوانية تبعًا لمقولات دينية لا تمت للحقيقة الدينية بصلة. ويكفينا أن نستمع الى مقولات حركة ناطوري كارتا التي تعتبر إلصهيونية "حركة كافرة" لم تبشر بها التوراة في الأساس. ليس هذا فحسب، وإنما كيف لهذه الكنائس أن تدعم حكومة تقتل المدنيين ويدعو وزير ماليتها لمحو مدينة "حوارة" الفلسطينية عن الوجود!

المصدر: الحياة الجديدة