القمة الـ 36 للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أول أمس السبت الموافق 18 شباط/ فبراير الحالي انتصرت لفلسطين بطرد الوفد الإسرائيلي بطريقة مذلة، الذي تسلل لاروقة الجلسة الافتتاحية للقمة بانتحال شارة مراقبين. وصوبت مسارًا كاد يتم تكريسه في 22 حزيران/ يونيو 2021، عندما تجاوز رئيس المفوضية الإفريقية، موسى فقي منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد. بيد أن كلاً من الجزائر الشقيقة وجنوب أفريقيا الصديقتين ومعهما نيجيريا تصدت لتلك الخطوة بشدة، واعتبر وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة في لقاء مع "فرانس برس 24" إن ما فعله فقي يمثل خطأً مزدوجًا، "الأول هو منح صفة مراقب دون اجراء مشاروات مع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي بما فيها الجزائر، أما الثاني "فهو ملاحظة أن هناك انقسامًا بين الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي بشأن هذه المسألة، وتركها دون تصحيح".

وجرى تصويب التجاوز في السادس من شباط / فبراير 2022 عندما تقرر تعليق عضوية دولة الاستعمار الإسرائيلية كمراقب في الاتحاد الإفريقي، مع تشكيل لجنة من 7 رؤساء دول أفريقية من بينها الجزائر لتقديم توصيات بهذا الشأن لقمة الاتحاد. وذكر بيان الخارجية الجزائرية، أن قرار تعليق عضوية إسرائيل تقرر باجماع قادة الدول والحكومات الافريقية، التي رأس الرئيس السنغالي، ماكي سال اللجنة بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي. وتتكون اللجنة من سال نفسه، والرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، ورئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، والرئيس الروندي، بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، والرئيس النيجيري، محمد بوهاري، والرئيس الكاميروني، بول بيا.

وبفضل الضغوط الجزائرية وجنوب أفريقية والنيجيرية المتواصلة مع القادة الأفارقة تمت عرقلة مشاركة ممثلي إسرائيل اجتماع المنظمة لحين حسم الملف بإلغاء عضوية دولة إسرائيل كليًا، بعد أن منحت صفة مراقب خلسة، ودون إجماع الأعضاء. وهو ما حسمته اللجنة القيادية السباعية. مما أثار غضبًا إسرائيليًا، ما دفع الدولة المطرودة والمارقة إلى ممارسة الضغوط على الاتحاد لاعادة مشاركتها في أعمال القمة بعد طردها، لكن محاولاتها باءت بالفشل. حسب موقع "واينت" الإسرائيلي.

وفي رد فعلها، اتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية الجزائر وجنوب أفريقيا بالتحرك بدافع الكراهية لإسرائيل. وأضافت في بيانها: "إننا نأخذ هذا الحادث على محمل الجد. لدى شارون بارلي مكانة مراقب معتمدة، وتمتلك شارة الدخول. يؤسفنا أن نرى الاتحاد الإفريقي رهينة عدد قليل من الدول المتطرفة مثل الجزائر وجنوب أفريقيا، التي تتحرك بدافع الكراهية وتسيطر عليها إيران. نحن نطالب الدول الإفريقية الوقوف أمام هذه الأنشطة التي تمس بمنظمة الاتحاد الإفريقي نفسها وفي القارة كلها".

وتجاهل بيان الخارجية الإسرائيلية، أن قادة وزعماء الدول والحكومات السبع اتخذوا القرار بالاجماع، وهي دول مستقلة وذات سيادة، ولا تأتمر بأوامر من أحد، وإنما حكمتها أولاً مصالحها، وثانيًا مصالح القارة عمومًا والاتحاد الإفريقي خصوصًا، وثالثًا رفضها جرائم حرب إسرائيل اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، التي تصاعدت بشكل همجي مع تولي حكومة نتنياهو السادسة الحالية، رابعًا تنبه الدول الإفريقية لمخاطر الاستعمار الإسرائيلي الأخير في العالم، الذي اكتوت به الدول الإفريقية، وما زال بعضها يعاني من آثاره الخطيرة، خامسًا خروج إسرائيل على القانون الدولي، وضرب خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967، ومواصلة الاستيطان الاستعماري دون وازع قانوني أو سياسي أو أخلاقي.

كما أن الخطوة الإفريقية الشجاعة وجهت لطمة قوية لعرب التطبيع المجاني الاستسلامي، ولممثليها الذين يسبحون في مياه إسرائيل الآسنة لتسويقها في المحافل الدولية، باعتبارها دولة "صديقة" لعرب الردة، بهدف تلميع أنفسهم أمام الغرب الرأسمالي عمومًا والولايات المتحدة خصوصًا لنيل الرضا والدعم على حساب قضية العرب المركزية، قضية الشعب الفلسطيني. وفي ذات الوقت، يتهربون من مجرد لقاء أشقائهم سفراء فلسطين في أوروبا وغيرها من الدول خشية من إسرائيل والولايات المتحدة.

شكرًا أفريقيا عمومًا ولكل من الجزائر الشقيقة وجنوب أفريقيا ونيجيريا الأصدقاء، وللقادة السبعة الذين اجمعوا باسم دول الاتحاد الأفريقي على رفض قبول إسرائيل كدولة مراقب في الاتحاد، وشكرًا على الحفاوة التي استقبلوا فيها رئيس وزراء دولة فلسطين المحتلة، د. محمد اشتية بحفاوة بالغة تليق بفلسطين ومكانتها وعلاقاتها التاريخية بدول القارة السوداء.

 

المصدر: الحياة الجديدة