كعادتهم رؤساء وزراء الكيان الصهيوني يعتلون منابر الأمم المتحدة لتصدير مواقفهم السياسية المختلفة في شؤون العالم والأخطار التي يواجهها كيانهم وبرغم تبدل الوجوه وأشكال الخطابات تبقى الحقيقة الراسخة بأن هذا الكيان ما زال يخضع ملايين الفلسطينيين لنظام تمييز عنصري لم يشهد العالم مثيلاً له.

ولن يستطيع لابيد أو ماكينة الدعاية الصهيونية تحويل الواقع أو تغيير الحقائق الماثلة على الأرض الفلسطينية فالنظام الاستعماري الذي تقيمه "إسرائيل" في فلسطين يتمدد كل يوم وهو يواصل الزحف حتى أبواب بيوت الفلسطينيين وكل يوم يستمر الكيان في سياساته الهادفة لتهيئة الأوضاع للحظة التي سينقض فيها على كل ما هو فلسطيني.

ففي القدس تكمل إسرائيل استراتيجيتها الهادفة لتهويد المدينة وتقليل عدد السكان الفلسطينيين وإحلال الطابع اليهودي محل الطابع العربي(الإسلامي والمسيحي)، وهذا المشروع الاستعماري يزداد ضراوة في كل يوم وتستغل إسرائيل حالة الاستسلام العربي والدولي لإغلاق ملف القدس نهائيًا، وفي الضفة الغربية تحكم دولة الاستعمار سيطرتها الكاملة على مختلف مناحي الحياة فيها ونظام المستعمرات الأمنية والزراعية والنقاط الاستيطانية العشوائية إضافة لما تطلق عليه المناطق الرعوية أو مناطق التدريب العسكرية (المناطق العسكرية المغلقة) إضافة لجدار الفصل العنصري وشبكة الطرق الاتفافية والأنفاق الخاصة باليهود أو "المستوطنين" كلها أشكال لنظام يمارس أبشع أشكال الاحتلال على الأرض الفلسطينية.

وفي تناقض واضح لما صرح به لابيد من قبوله لحل الدولتين تمارس حكومته مئات الإجراءات والسياسات الهادفة للقضاء على أي إمكانية لقيام اي كيان فلسطيني حتى لو كان أقل من دولة، فإسرائيل اليوم تخطو للأمام بخطوات متقدمة لإنجاز مشروع إسرائيل الكبرى من خلال النظام الأمني الإقليمي المستحدث الذي تقوم به  وقد ساعدها تحالفها الجديد مع بعض دول المنطقة  في إنجاز ما كانت تحلم به منذ قرن، منذ عقود وهي تستغل هذه الانفتاحة وتدفق المال العربي لتطوير منظوماتها الأمنية التي تجربها على الشعب الفلسطيني وتصدرها لدول العالم، وهي اليوم أكثر تطرفًا من سنوات الاحتلال الأولى  ولن يجرؤ أي من القادة العسكريين أو السياسيين الإسرائيليين الذين يعرفون الحقيقة جيداً أن ينفذوا أياً من قناعاتهم نتيجة لتراجع أي صوت يقترب من الواقعية أو يطالب بإيجاد أي حل مع الشعب الفلسطيني وفي جانب معين كذلك يفيد الشعب الفلسطيني ويخدم قضيته أمام العالم الذي بدأ يكتشف حقيقة هذا المشروع وخطورته على نظام الأمن والسلم الدوليين، أما في الجانب الآخر فهو يثقل على الشعب الفلسطيني الذي ما زال يتعرض لأصناف لا حصر لها من الاعتداءات والإجراءات العنصرية والفاشية والتي يصعب التعامل معها مع كل يوم تترسخ فيه أكثر.

خلاصة القول، لا لابيد ولا غيره من القادة الإسرائيليين الجدد لديه الرغبة في تغيير الواقع وإزالة الاحتلال وأن كل هذه الخطابات ما هي إلا محاولات جديدة لخداع العالم واستغلال فرصة الانتخابات الإسرائيلية  للقول للقوى العالمية بأن هناك بديلا يمكن التعامل معه في أخطر الملفات العالقة من أزمة النووي الإيراني وحتى القضية الفلسطينية.

 

المصدر: الحياة الجديدة