تقرير: إيهاب الريماوي

بعد كل مناسبة وطنية يتداول على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لشاب في الأربعينات من عمره يذهب لمعظم محافظات الوطن، للمشاركة في جنازات الشهداء، واعتصامات الأسرى، ومسيرات الأقصى، وغيرها.

جهاد طنينة (43 عاما) من بلدة ترقوميا غرب الخليل، خرج من عمله في بلدية البلدة متجها إلى مدينة نابلس للمشاركة في وداع وتشييع الشهيدين عبود صبح ومحمود عزيزي قاطعا نحو 100 كيلومتر ليؤدي واجبه الوطني والأخلاقي كما يقول.

بدا متثاقلا منهكا لما أطل من بهو الطابق الأول من مستشفى رفيديا الحكومي، باحثا في الغرف عن جرحى العدوان الإسرائيلي على حارة الياسمينة.

وصل غرفة العناية المكثفة بحثا عن الجريح محمد حرز الله الذي يعاني من إصابة خطيرة بالرصاص الحي في الرأس، وراح يسأل عنه بلهفة، واقفا على باب العناية منتظرا دوره للدخول للاطمئنان على محمد.

"وصلت ظهر اليوم نابلس، خرجت صباحا من ترقوميا حتى أتمكن من المشاركة في جنازة الشهيدين، وصلت في الموعد، وعرفت أن هناك جرحى يعالجون في المستشفى، فجئت للاطمئنان عليهم"، يقول جهاد.

جهاد الشاب البسيط الأب لثلاثة أطفال يعمل في قسم النظافة ببلدية ترقوميا، اعتاد منذ أكثر من 20 عاما المشاركة في جنازات الشهداء، ووقفات التضامن مع الأسرى، ومختلف الفعاليات الوطنية، ليس فقط في محافظة الخليل، إنما في كافة بلدات وقرى ومدن الضفة.

يتابع جهاد: "ما يدفعني للمشاركة في مختلف الفعاليات الوطنية هو واجبي تجاه أبناء شعبي، فهذه قضيتنا التي نقاتل من أجلها، فوقوف أبناء الوطن الواحد إلى جانب بعضهم البعض هو السبيل لنيل حريتنا".

يتنقل طنينة بين المحافظات على نفقته الخاصة، رغم ظروفه المادية الصعبة إلا أنه يصر على المشاركة على حسابه الخاص، كما أنه مخصصة له إجازة سنوية 21 يوما، لكنها سرعان ما تنتهي منذ بداية العام نظرا لمشاركته في الفعاليات والمناسبات الوطنية.

ووفق الصحفي مؤيد طنينة، فإن جهاد لا يكترث بمكان التشييع أو الاحتجاج أو التظاهر، وما يعنيه هو أن يكون متواجدا، فذهب إلى جنين وقراها ورام الله وقراها والخليل وقراها، ولو أخبروه عن فعالية وطنية في أقصى بقاع الأرض لشارك فيها.

ويضيف، عندما علم جهاد باستشهاد الزميلة شيرين أبو عاقلة، خرج مسرعا من ترقوميا إلى مدينة الخليل فانتظر طويلا سيارة تقله لرام الله فلم يجد، فاضطر إلى الذهاب إلى بيت لحم ومن ثم إلى رام الله، وبعد أن علم بأن جثمان الشهيدة غير متواجد هناك عاد من منتصف الطريق إلى الخليل وانضم للصحفيين في وقفتهم على دوار ابن رشد.

وكتبوا فيه: "جهاد الذي يقطع مسافة 6 كيلومترات مشيا على الأقدام من ترقوميا حتى اذنا ليشارك في وقفات التضامن مع الأسير خليل عواودة، جهاد الذي لا يتأخر عن أي وقفة تضامنية مع كل أسير، ولا جنازة شهيد، صانع الهتاف، وصاحب اليد العليا علينا جميعا، جهاد هو الوطن ولا أبالغ في ذلك الوطن هو الإنسان، وهذا هو الوطن".