يوم تلو الاخر تؤكد دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية إنها معادية للسلام، ولا تؤمن به من حيث المبدأ، وليست مستعدة بالحد الأدنى أن تدفع أيًا من استحقاقاته، والنتيجة لا يوجد شريك سلام في إسرائيل، ومن يعتقد ان هناك من لديه الاستعداد من القوى الصهيونية بمختلف تلاوينها وتصنيفاتها لنفسها يؤمن بالسلام، يكون مخطئًا، ولا يرى الحقيقة على الأرض كما هي، ويحاول تمنية النفس باسقاطات رغبوية، او لمجرد التقائه مع بعض النخب المتناثرة والمتفرقة، التي لا تملك أي تأثير على عائلاتها والمحيطين بها.
وعليه نحن أمام دولة تطهير عرقي من طراز فوق الفاشي إن جاز لي التعبير، لأنها تتجاوز في جرائمها النازية الألمانية دولة يقودها قطاع طرق متوحشون، لا ينتمون لبني الإنسان إلا بالشكل، وهم أشبه بالإنسان الأول آكل لحوم البشر. ومع ذلك ترعى الولايات المتحدة ومن لف لفها واتبعها هذه الدولة الفاسقة والفاجرة، وتدافع عنها متحدية كل القوانين والأعراف الدولية، حتى تلك القوانين التي سنتها في دستورها وتعتمدها أساسًا في بلادها لتنظيم العلاقة بين البنائين الفوقي والتحتي. لأنها تفترض في دولة الاستعمار الإسرائيلية انعكاسًا لتجربتها التاريخية ولقيمها الوحشية في إبادة ما يزيد على ال100 مليون هندي أحمر.
هذه إسرائيل المارقة والخارجة على القانون قامت عصاباتها من الجيش وحرس الحدود والشاباك بنصب كمين لثلاثة من الشباب الفلسطيني وأطلقت مئات الطلقات من الرصاص الحي عليهم في سيارتهم، التي كانوا يستقلونها يوم الثلاثاء الموافق الثامن من فبراير الحالي في وضح النهار في مدينة نابلس منطقة المخفية المصنفة ضمن المنطقة (A)، وكان بإمكان تلك العصابات من جيش الموت الإسرائيلي اعتقالهم، وتحييدهم. لكن تلك القوات وحواجزها المنتشرة في المكان جاءت بقصد القتل العمد للشباب، وبدم بارد. كما ذكر أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية للشهيد البطل محمد الدخيل في اتصال هاتفي معه، بأنه سيعمل على قتله، ليس هذا فحسب، بل استخدم تهديدًا واضحًا وصريحًا لكل أبناء الشعب الفلسطيني في نابلس وغيرها.
وجريمة الحرب هذه ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة لدولة المشروع الصهيوني، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن حكومة بينيت لبيد بمكوناتها المختلفة، هي حكومة تصفية أية آثار إن وجدت من بقايا أوسلو. وكما ذكر بينيت نفسه حكومتي لن تسمح باستخدام مفهوم خيار الدولتين من حيث المبدأ، بتعبير آخر هي حكومة حرب، وتعتبر نفسها مطلقة اليد في استباحة أراضي دولة فلسطين المحتلة في الرابع من حزيران 1967، وبالتالي لا تعترف بتقسيمات أوسلو لأراضي الدولة الفلسطينية، ولا تعير اهتمامًا واحترامًا للقانون والمواثيق والأعراف الدولية، لا بل لا تلتفت لمجرد الالتفات لتلك المنظومات القانونية الأممية. لأنها تعتمد على دعم الإدارة الأميركية الحالية المطلق، ولا تخشى تعرضها للمساءلة والملاحقة، رغم أن منظمة العفو الدولية "امنستي" أصدرت قبل أيام تقريرًا أكدت فيه، أن دولة إسرائيل، هي دولة فصل عنصري، ويجب ملاحقتها، وفرض العقوبات عليها، وطالبت بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية. ذلك التقرير الذي هاجمته إدارة الديمقراطي بايدن وعدد من دول أوروبا الغربية. وهو ما يكشف عن كيل تلك الدول بمكيالين وأكثر.
في نابلس بوضح النهار، التي أودت بحياة الشباب الفلسطينيين الثلاثة: أدهم مبروكة ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط، أماطت اللثام مجددًا عن وجهها الوحشي واللا إنساني، وأكدت أن توزيع الأدوار بين مكونات حكومة التغيير الإجرامية لم تنطل، ولن تنطلي على الشعب الفلسطيني وقيادته. وكان المجلس المركزي للمنظمة الذي أنهى دورة اعماله ال31 في يوم اختطاف أعمار الشهداء الأبطال الثلاثة المسالمين، قد اتخذ خطوة عملية مهمة في تنفيذ كافة القرارات، التي تبنتها الدورات السابقة من ال27 حتى الآن، التي أشرت لها بالأمس في مقالتي "نتائج مهمة للدورة 31"، وهو ما يعكس إدراك القيادة الفلسطينية، بأن دولة إسرائيل الفاشية لا تقبل القسمة على السلام، وعليه فان قيادة منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد الغت كل التزاماتها بالاتفاقات المبرمة مع إسرائيل، ووقف كل أشكال التنسيق معها، وعلقت اعترافها بها لحين تراجعها عن سياساتها الاستعمارية وجرائم حربها ووقف استيطانها في الأراضي الفلسطينية وفي طليعتها القدس الشرقية، العاصمة الفلسطينية الأبدية، واعترافها الواضح والصريح بالشعب الفلسطيني ودولته على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم على أساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والساحل، والعمل على توسيع وتعميق المقاومة الشعبية وفق خطة عمل وقيادة موحدة من الكل الوطني.
وجريمة الحرب الإسرائيلية الجديدة تفرض على دول العالم إعادة النظر في مواقفها الممالئة والمتعثرة، وتجاوز سقف المواقف الأميركية المنحازة لإسرائيل، وفرض العقوبات على دولة الابارتهايد الإسرائيلية لالزامها بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. لا سيما وأن الخارطة السياسية للعالم أخذت تتغير منذ الربع الأخير من عام 2008، ولم تعد الولايات المتحدة سيدة العالم. رغم كل جبروتها وقوتها النووية والجرثومية والكلاسيكية. وبالتالي أمامها فرصة لتتصالح تلك الدول والأقطاب مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحل المسألة الفلسطينية، ووقف استباحة الدم الفلسطيني، ومنح الشعب الفلسطيني حريته المؤجلة منذ ما يزيد على القرن.


 

المصدر: الحياة الجديدة