رام الله -

يصادف يوم غد الثلاثاء الخامس عشر من تشرين ثاني عيد الاستقلال الفلسطيني، الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني أثناء انعقاد دورته الـ 19 في الجزائر عام 1988.


وشكل هذا الإعلان انعطافا حادا في سياسة منظمة التحرير حيث استند في شرعيته إلى قرار الأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين إلى دولتين، وبالتالي قبول منظمة التحرير لمبدأ حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس مبدأ الدولتين.

وكانت إسرائيل قبلت بقرار التقسيم سابقا إلا أنها وبعد حصولها على الاعتراف باستقلالها من الأمم المتحدة تناست القسم الذي ينص على إقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.

ثلاثة وعشرون عاما مضت على إعلان الاستقلال وما زال الشعب الفلسطيني يعيش تحت وطأة الاحتلال بانتظار تحقيق قيام الدولة الفلسطينية، بالرغم من اعتراف أكثر من 128 دولة، بفلسطين كدولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، خاصة عقب توجه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولة فلسطين والخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس محمود عباس في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23-9-2011، الذي أكد فيه على حق الشعب الفلسطيني بنيل حريته واستقلاله، وقيام دولته المستقلة، إضافة إلى تطلعات الشعب الفلسطيني بحقه في دولة فلسطينية عاصمتها القدس، خالية من بنادق المحتل والمستوطنات.

ويرى الكثيرون أن هذا التوجه في خطاب الرئيس محمود عباس، تناول الواقعية التي حملها الرئيس الراحل ياسر عرفات سنة 1974م حاملا للأمم المتحدة البرنامج المرحلي الفلسطيني، وغصن الزيتون الذي قدمه للعالم بأن يمنح الشعب الفلسطيني حقوقه وحريته بدولة فلسطينية، وهي الصورة التي عكسها الرئيس محمود عباس عندما طالب الأسرة الدولية بأن تقف موقف الحزم أمام إسرائيل، وقفزها على صهوة المقررات الدولية، وأن يضطلع العالم بقواه الحية بتخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال كونه الشعب الوحيد الذي لا يزال محتلًا على وجه هذه البسيطة، أمام تعنت الولايات المتحدة وإسرائيل وتنكرهما للحقوق الفلسطينية.

وتتقاطع ذكرى الاستقلال مع الذكرى السابعة لرحيل الرئيس ياسر عرفات التي صادفت في الحادي عشر من تشرين ثاني الجاري.. عرفات الذي ناضل من اجل تحرير فلسطين، ودفع حياته ثمنا لذلك، فوقف على منصة الخطابة عام 1988 في العاصمة الجزائرية 'ليعلن باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين'، وليقرأ بيان الاستقلال الذي اعد بعناية تامة وتحضير مسبق، من قبل الشاعر الراحل محمود درويش بالتشاور مع عدد كبير من المحامين ذوي الاختصاص، وبالسياسيين المتمرسين.

وجاء إعلان الاستقلال بعد ستة سنوات على خروج القوات الفلسطينية من بيروت؛ كرسالة عظيمة إلى كل من ساهم في إخراج منظمة التحرير من هناك، ابتداء بأميركا وإسرائيل، وانتهاء بالصمت العالمي آنذاك، وكرسالة مفادها أن شعب فلسطين عاقد العزم على استعادة حقوقه بكل الوسائل، وانه سوف يعمل على تحقيق حلمه بإقامة دولته المستقلة على وطنه المحرر، إضافة إلى كونه رسالة إلى كل من اعتقد أو تمنى أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية قد ذهبت، كعامل فاعل، إلى غير رجعة.

لكن الرسالة الأهم في هذا الإعلان اتخذت وجهة أخرى.. مباشرة إلى فلسطين التي كانت تخوض معركة الانتفاضة الأولى عام 1987، حيث قرر الشعب الفلسطيني الأعزل في مدن الضفة وغزة الرد على محاولات إقصاء القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، بالحجر والمظاهرة والتمرد والعصيان، حسبما أشارت له وثيقة الاستقلال في طياتها، فكان إعلان الاستقلال ردا على صنيع هذا الشعب.

وأكدت وثيقة إعلان الاستقلال على 'أن الانتفاضة الشعبية الكبرى، المتصاعدة في الأرض المحتلة مع الصمود الأسطوري في المخيمات داخل وخارج الوطن، قد رفعا الإدراك الإنساني بالحقيقة الفلسطينية وبالحقوق الوطنية الفلسطينية إلى مستوى أعلى من الاستيعاب والنضج، وأسدلت ستار الختام على مرحلة كاملة من التزييف ومن خمول الضمير وحاصرت العقلية الإسرائيلية الرسمية التي أدمنت الاحتكام إلى الخرافة والإرهاب في نفيها الوجود الفلسطيني'.

وأشارت الوثيقة إلى 'إن احتلال القوات الإسرائيلية للأرض الفلسطينية وأجزاء من الأرض العربية واقتلاع غالبية الفلسطينيين وتشريدهم عن ديارهم، بقوة الإرهاب المنظم، وإخضاع الباقين منهم للاحتلال والاضطهاد ولعمليات تدمير معالم حياتهم الوطنية، هو انتهاك صارخ لمبادئ الشرعية ولميثاق الأمم المتحدة ولقراراتها التي تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، بما فيها حق العودة، وحق تقرير المصير والاستقلال والسيادة على أرضه ووطنه'.