الأخبار القادمة من لبنان موجعة ونردد "يا حرام يا لبنان، ويا شعب لبنان". والمشكلة العويصة أن لا حلول قريبة بل ما يوجع كل إنسان عربي أن التدهور هناك يتدحرج بسرعة مذهلة، ولعله سيصل إلى قعر البئر المظلم مع الأسف الشديد..!! لبنان بلد شقيق قريب جدًا من قلب الشعب الفلسطيني، نحبه كثيرًا، وأعتقد أن هناك إجماعًا عربيًا على حب لبنان الذي مثل واحة فرح، وواحة الثقافة الحرة والفن الرائع إلى جانب جماله الطبيعي.

وما يميز حب الفلسطيني للبنان أنه غير مرتبط بطائفة، أو بالطائفية ضيقة الأفق، أنه حب لبلد وشعب عربي شقيق، وهو أقرب الشعوب العربية اجتماعيًا وثقافيًا ونمط حياة للشعب الفلسطيني، وبإمكان القارئ أن يتخيل لو أن فلسطين لم تصب بكارثة الصهيونية، لكانت عكا وحيفا ويافا وغزة والقدس وبيت لحم والناصرة ونابلس قد تطورت لتكون مثل أي مدينة او بلدة لبنانية في مزاجها الشعبي ونمط حياتها.
لبنان يئن اليوم، يتألم بشدة ولا ينفع معه فقط السؤال من هو المسؤول عن الكارثة التي وصل إليها، أنه بحاجة لحملة إنقاذ معيشي مباشر. هناك سيل من التحليلات بعضها على الاقل هدفه صب الزيت على نار الازمة أكثر من الحرص على إيجاد الحلول، وعندما يبدأ بلد بالسقوط يكثر بطريقة مدهشة المتدخلون بشأنه الداخلي حتى يفتتوه اجزاء صغيرة فيما بينهم. 
على اية حال، فقد اكتشفنا، بشكل قاطع اليوم أن النظام الطائفي، وان كان يؤمّن نوعا من الحرية والديموقراطية النسبية، فانه كان باستمرار سببا لصراع داخلي لا يتوقف، وسببا للتدخل من الاطراف الخارجية بشكل كثيف، 
بالمقابل تعاملت الأطراف الخارجية بنوع من الوحشية مع لبنان وحولته إلى ساحة لتصفية الحسابات فيما بينها، وساحة للتسخين أو التبريد الإقليمي والدولي، أما الخاسر الأساسي فهو لبنان وشعبه.
لا يمكن مع الواقع المنهار الراهن الحديث عن حلول جذرية وبعيدة المدى، فالخطوة الأولى هي في تقديم يد العون السريع للشعب اللبناني وليس عبر الطبقة السياسية والطائفية الحاكمة، ومن دون الإملاء على اللبنانيين ماذا يجب أن يفعلوا، فإن المخرج الاستراتيجي هو في إنهاء النظام السياسي الطائفي، الذي أثبت أن أحدًا لا يمكن أن يستفيد منه، والذهاب تدريجيًا لبناء دولة حديثة ديمقراطية، دولة كل مواطنيها. هذه الوصفة لا تصلح للبنان وحده بل لكل الدول العربية.
السؤال الغريب لماذا ترك العرب لبنان وحده، ولماذا لم يهبوا لنجدته الآن وهو على حافة الإنهيار؟ 
كل قارئ قد يحلل الأسباب كما يريد ويحمل المسؤوليات لمن يريد ولكنْ هناك اليوم بعد إنساني بحت بعيدًا عن كل الصراعات. هناك حاجة أن نبقي الكهرباء والمواد الغذائية، إذا كنا نخاف من تهريب مشتقات النفط فلنضمن على الأقل تشغيل محطات الكهرباء والمستشفيات، ودعم المواطن اللبناني بالأدوية والمواد التموينية مباشرة.
لا يكفي أن نقول الله يعين لبنان وشعبه، يجب ألا نلعن الظلام لنحاول إنارة الشمعة.