في ظروف استثنائية، ومرحلة يشوبها الكثير من التعقيدات والتحديات والمعيقات الداخلية والعربية والدولية وفي توقيت فارق من عمر القضية الفلسطينية وتحت شعار (قبلت التحدي) وبكل إصرار وإرادة صلبة وعقلية فذة لا تعرف الاستسلام أو الفشل، أخذ الدكتور محمد اشتية على عاتقه النهوض وبعد القبول بالتكليف برئاسة الحكومة الثامنة عشرة، وهو يعلم علم اليقين أن المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة وأن التضحيات الجسام لا تأتي إلا من أجل قضية سامية وشعب صامد يملك كل عناصر التحدي والعنفوان والكرامة.
كنت أثق تمامًا بأن د.اشتية على قدر عال من تحمل المسؤولية مهما بلغت التحديات، خاصة وأنه صاحب الخبرات الاقتصادية المتراكمة والعميقة، والفكر التنموي المتميز والقدرات الإدارية العالية والمهارات العلمية والعملية المتنوعة، بالإضافة إلى الشخصية الكاريزماتية والحضور الوارف الظلال، وحنكته وحكمته وشخصيته الدمثة، هذه الصفات مجتمعة جعلت منه بكل جدارة الرجل المناسب للموقع ولكن في الزمان والوقت غير المناسبين بالنظر إلى طبيعة المرحلة التي تسلّم فيها زمام الأمور.
ومن هنا لابد من الإشارة إلى أبرز المعيقات والتحديات والصعاب التي واجهت الحكومة منذ تشكيلها والتي كانت على النحو الآتي:
أولاً: المواجهة المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي بكل ممارساته واعتداءاته المتواصلة، وهيمنته العسكرية والأمنية وسيطرته المباشرة على كل جوانب الحياة الفلسطينية اليومية.
ثانياً: الانقسام البغيض وتبعاته الكارثية على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خيمت على شطري الوطن.
ثالثاً: الأزمة المالية والاقتصادية الناجمة عن قرار عدم استلام أموال المقاصة وعائدات الضرائب من الجانب الإسرائيلي وتداعياتها الخطيرة على الأوضاع الفلسطينية.
رابعاً: جائحة كورونا العالمية (كوفيد- 19) وما ألحقته من خسائر بشرية ومادية وإرهاق للخزينة الفلسطينية، وما نتج عن هذه الجائحة من انعكاسات مدمرة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة أصلاً في الأراضي الفلسطينية.
خامساً: قطع المساعدات الأميركية وشح المساعدات العربية والدولية.
سادساً: صفقة القرن ما لحقها من صفعات التطبيع العربية مع الكيان الإسرائيلي وتداعياتها الخطيرة على القضية الفلسطينية.
في ظل كل هذه الظروف الاستثنائية الصعبة والمعقدة استطاعت حكومة الدكتور اشتية أن تحقق الكثير من الإنجازات تمثلت في إحداث قفزة نوعية في الواقع الصحي، من حيث بناء العديد من المشافي والمراكز وشراء المعدات الأجهزة الطبية (أجهزة التنفس الاصطناعي) والمسوحات وكل الاحتياجات الطبية اللازمة لمواجهة فيروس كورونا، وتوظيف الآلاف من الكوادر الطبية لتعزيز وتطوير دور وزارة الصحة لمواجهة الجائحة.
وتجدر الإشارة إلى أن دولة فلسطين وبتوجيهات من الرئيس محمود عباس، وتنفيذ حكومة الدكتور اشتية كانت الأولى بعد الصين التي تعلن حالة الطوارئ، وبإشادة من منظمة الصحة العالمية كانت فلسطين من الدول المعدودة التي استطاعت أن تسجل نجاحات فارقة في الجولة الأولى من مواجهة الوباء.
وعلى الصعيد الزراعي وفي إطار الخطة الحكومية الاستراتيجية أطلق الدكتور اشتية فكرة العناقيد الزراعية لدعم الزراعة وتشجيع المزارعين لتعزيز صمودهم وتطوير عجلة الإنتاج الزراعي على كل المستويات. بالإضافة إلى العناقيد الصناعية للنهوض بواقع الصناعات الوطنية وتطوير المدن الصناعية في دولة فلسطين.
إلى ذلك يتم التحضير لإطلاق العناقيد السياحية لتحفيز وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية كعصب اقتصادي رئيسي يسهم بشكل مباشر في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
وعلى صعيد آخر، تم تأسيس البنك الاستثماري الرسمي لتعزيز وتطوير القطاعات الاستثمارية في فلسطين، ويجري العمل على قدم وساق لتأسيس الجامعة الوطنية للتعليم التقني والمهني، وهي الأولى من نوعها في فلسطين لتسهم في توفير فرص عمل جدية وحقيقية للطلبة والخريجين وتسهم بشكل فاعل في الحد من البطالة وفتح آفاق جديدة وواعدة في سوق العمل الفلسطينية.
وعلى الصعيد الخارجي وقعت حكومة الدكتور اشتية العديد من الاتفاقيات مع العديد من الدول العربية والإقليمية والدولية لتعزيز مكانة دولة فلسطين في العديد من مجالات الطاقة والبيئة والطاقة النظيفة والمناخ وتعزيز الشركات مع دول العالم لتعزيز الاقتصاد والإنتاج الفلسطيني حول العالم.
وبالعودة إلى الأوضاع الداخلية قدمت حكومة الدكتور اشتية مساعدات إنسانية ودعم مادي لمئات آلاف الأسر الفلسطينية المستورة في المناطق الفقيرة والمهمشة في الأغوار، والقرى المحاذية لجدار الضم والتوسع العنصري والمهددة بالمصادرة والضم لصالح الاستيطان الإسرائيلي، إضافة إلى تقديم المساعدات المالية للمقدسيين لتعزيز صمودهم في مواجهة مخططات الأسرلة والتهويد في عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.
من هنا وبغض النظر عن بعض الاخفاقات هنا وهناك حري بنا أن نفخر بهذه الحكومة وبرئيسها الدكتور محمد اشتية التي عملت ومازلت تعمل وستعمل وبتوجيهات ورعاية السيد الرئيس محمود عباس من أجل تقديم كل ما يضمن الرفعة والكرامة والحريّة والاستقلال للشعب الفلسطيني العظيم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها