افتتحت هيئة مكافحة الفساد، اليوم الأربعاء، مؤتمرها الدولي الثاني "سياسات النزاهة والشفافية والمساءلة بين النظرية والتطبيق"، والذي تعقده عبر تقنية الزوم تحت رعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد.
وجرى الافتتاح في قاعة بلدية رام الله، بمشاركة رئيس مجلس الوزراء محمد اشتيه، ورؤساء وممثلي هيئات مكافحة الفساد العربية والدولية، وخبراء ومتخصصين، وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدين بدولة فلسطين، وممثلي الهيئات والمنظمات والمؤسسات الأجنبية الشريكة للهيئة، وممثلي بعثة الشرطة الأوروبية والبنك الدولي.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد اشتيه، في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن المساءلة تعتبر من أهم ركائز الديمقراطية في المجتمعات والدول، موضحاً أن آفة الفساد تقوض جهود التنمية.
وأكد على الإرادة السياسة الفلسطينية الجدية للإصلاح والتنمية، والتي تجسدت بالانضمام للاتفاقيات العربية والدولية لمكافحة الفساد، وإقرار عدد من التشريعات الوطنية وإنشاء هيئة مكافحة الفساد، لتكون الجسم المعني بالمحاسبة والمساءلة، مشيراً إلى أن الهيئة مُنحت صلاحيات واسعة مكنتها من العمل باستقلالية تامة.
وأوضح اشتية أن هيئة مكافحة الفساد تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة وهامة على الرغم من كافة الظروف الاستثنائية الصعبة التي تمر بها الدولة الفلسطينية، حيث أحالت الهيئة خلال العام المنصرم فقط (92) ملفاً للنائب العام، مشيراً إلى أن المحاسبة الجدية تعتبر من أبرز أدوات الردع.
وشدد على أهمية وضرورة النهج التشاركي التي تتبعه الهيئة بعملها، مشيراً إلى ضرورة تعزيز البرامج التوعوية في المدراس والجامعات، موضحاً بأن هذه البرامج التوعوية والتثقيفية يجب أن تشمل كافة مؤسسات وقطاعات المجتمع الفلسطيني العام الخاص والمجتمع المدني، ليقف المجتمع الفلسطيني وقفة رجل واحد ضد آفة الفساد.
وأشار اشتيه الى أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في تعزيز مبادئ النزاهة والشفافية في المجتمع الفلسطيني، حيث أن المرأة تمثل نصف المجتمع وتعتبر المربي الأول للأجيال وشريكة أساسية في تطوير المجتمعات، متطرقاً إلى أهمية الإعلام في مواجهة هذه الآفة، من خلال التركيز على الجوانب المشرقة والإنجازات المحققة، مع عدم إغفال الجوانب غير المشرقة.
وشكر الهيئة على تنظيمها لهذا المؤتمر، متمنياً التوفيق لجميع المشاركين.
من جانبه قال رئيس هيئة مكافحة الفساد المستشار أحمد براك، أن الهيئة دأبت منذ انشائها بالعام 2010 على ممارسة مهامها واختصاصاتها التي أُنيطت بها بموجب القانون، على الرغم من كافة الظروف الصعبة والتحديات الجسام التي لا تخفى على أحد، وذلك بهدف الوصول لدولة فلسطينية قائمة على بناء مؤسساتي قوي، وتستند الى قواعد الحوكمة والعدالة والشفافية والنزاهة، لتعكس رؤية القيادة الفلسطينية.
وأوضح بأن الهيئة اعتمدت خلال السنوات الماضية استراتيجيتين خلال الفترة الممتدة من العام 2012 حتى العام 2019، وضع لهما خطط تنفيذية وبرامج، استطاعت من خلالهما الهيئة تنفيذ ما يقارب ألفي نشاط وفاعلية، هدفت الى تعميم المعرفة والتوعية بآثار الفساد ومخاطره والوقاية منه، شارك فيها ما يزيد عن مئة واثنين وخمسين ألف مشارك، حيث طالت تلك الانشطة كافة قطاعات المجتمع ومكوناته، كما قامت الهيئة بإعداد واصدار ما يزيد عن ثمانية وخمسون منشوراً ما بين دراسة ومواد تدريبية وتوعوية، بالإضافة إلى إعداد ما يزيد عن خمسة عشرة دراسة شملت عدة قطاعات.
وأشار المستشار براك، الى أن الهيئة اعتمدت خلال مؤتمرها الدولي الأول الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد 2020-2022 بالتعاون والشراكة مع كافة اطياف ومكونات المجتمع الفلسطيني، والتي وضعت موضع التنفيذ منذ مطلع هذا العام.
وأكد بأن الهيئة تمكنت على الرغم من كافة الظروف الاستثنائية والصعبة المتعلقة بجائحة كورونا من تنفذ العديد من الأنشطة والبرامج واللقاءات والدورات التدريبية والمحاضرات الجامعية، وبالقدر الذي لا يمس بإجراءات السلامة العامة.
وبيّن براك، أن الهيئة قامت ببناء وإطلاق برنامج محوسب مخصص لاستقبال الشكاوى والبلاغات من خلال الهواتف الذكية، بهدف تشجيع وتعزيز ثقافة الابلاغ عن جرائم الفساد، مشدداً على أن الهيئة تولي جيل الشباب اهتماما خاصا وكبيراً بصفتهم رواد وقادة المستقبل، حيث أعدت لهم عشرات الأنشطة والبرامج والنشاطات في المدراس والجامعات والمخيمات الصيفية.
وأوضح أنها أنجزت هيكلة شاملة قامت على أساس من المهنية والتخصص في انسجام تام مع قانون مكافحة الفساد، حيث تضمنت اعتماد إدارة متخصصة للنزاهة والوقاية من الفساد الى جانب انشاء مرصد وطني لمؤشرات الفساد.
وتقدم المستشار براك، بالشكر والامتنان للرئيس محمود عباس حفظه الله، على رعايته الكريمة للمؤتمر، التي تعبر عن ارادة سياسية قوية لتعزيز ودعم جهود مكافحة الفساد واجتثاثه من الدولة، وتقدم بالشكر من كافة المشاركين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الفلسطيني، مؤكداً بأن مجلس الوزراء يعتبر شريكاً استراتيجيا للهيئة.
وأوضح أن هذه المؤتمر يعزز مبدأ التعاون الدولي، ويُشكل فرصة لاطلاع المشاركين من الدول المختلفة على المبادئ والمعايير الدولية ذات العلاقة بسياسات النزاهة والشفافية والمساءلة، ويُمكن المشاركين من الاستفادة من تجارب الدول المشاركة في المؤتمر في مدى قدرتها على وضع وتنفيذ سياسات النزاهة والشفافية والمساءلة وفق المعايير والمبادئ الدولية، وسوف يُساهم بتزويد المكتبة الدولية بمنشور يشتمل على أفضل التجارب الدولية بهذا الخصوص.
من جهته أشاد رئيس مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في المملكة الأردنية الهاشمية مهند حجازي، بالإنجازات الكبيرة التي تمكنت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية من تحقيقها، وأبرزها تنظيم مؤتمرها الدولي الثاني على الرغم من كافة الظروف، مشيراً إلى أن وسائل التكنولوجيا الحديثة أفرزت وسائل جديدة لمحاربة الفساد كما أفرزت وسائل جديدة لانتشاره.
وأكد بأن المملكة الأردنية تعظم التعاون والعمل المشترك بين الجانبين في مجال مكافحة الفساد، لما فيه خير ومصلحة مشتركة للطرفين، متطرقاً إلى الأدوات والاستراتيجيات والوسائل التي تعتمدها المملكة في مجال تعزيز النزاهة والمساءلة.
بدوره أكد رئيس هيئة الرقابة الإدارية والشفافية في دولة قطر السيد حمد بن ناصر بن راشد المسند المهندي، حرص دولته على المشاركة في هذا المؤتمر، مشيرا إلى أن التعاون الدولي في مكافحة الفساد أمر لا بد منه، ورحب بكافة أشكال التعاون والعمل المشترك بين هيئة الرقابة الإدارية والشفافية القطرية وهيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، موضحاً بأن دولة قطر تعمل جاهدة لتعزيز ثقافة النزاهة والشفافية وطنياً وإقليمياً.
من جانبه عبر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الجمهورية الإيطالية، السيد جيوسيبي بوزيا، عن سعادته بالمشاركة في هذا المؤتمر، مرحباً بالتعاون والتشارك مع هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، مؤكداً على أهمية التعاون الدولي في هذا المجال، مشيراً إلى ان مكافحة الفساد مهمة جماعية يجب ألا يفشل العالم بها.
من جهته شكر مساعد الرئيس للتعاون الدولي في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية ناصر بن أحمد أبا الخيل، هيئة مكافحة الفساد على دعوتهم للمشاركة في هذا المؤتمر، مشيداً بالجهود الكبيرة التي تبذلها دولة فلسطين في مجال مكافحة الفساد، مشيراً إلى أن آفة الفساد تمثل سرطاناً يقوض جهود التنمية والازدهار.
من جانبها شددت رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في الجمهورية اليمنية سعادة القاضي أفارح صالح بادويلان، على ضرورة التعاون الدولي والالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد، معبرة عن امتنانها وشكرها لهيئة مكافحة الفساد الفلسطينية على عقدها لهذا المؤتمر ودعوتهم للمشاركة به، مشيرة إلى إجراءات وسياسات الجمهورية اليمنية في مجال مكافحة الفساد.
فيما أكدت رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدعم الشرطة الفلسطينية وسيادة القانون السيدة نتاليا ابوستولفا، على استعداد البعثة على دعم الجهود الفلسطينية المتعلقة بتعزيز تدابير الوقاية من الفساد وتعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية في المجتمع الفلسطيني، مشيرة إلى أهمية هذا المؤتمر الدولي خاصة لشمولية مواضيعه.
بينما أوضح السفير المتجول للتعاون الدولي لمكافحة الفساد في وزارة الخارجية للاتحاد الروسي السيد اندري افيتشيان، أن هذا المؤتمر يشكل فرصة حقيقية لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في جهود مكافحة الفساد.
ويتضمن المؤتمر ثلاث جلسات رئيسية، تتناول سياسات النزاهة والشفافية والمساءلة في كل من مؤسسات القطاع العام، ومؤسسات المجتمع المدني والحكم المحلي، والقطاع الخاص.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها