عندما يحتج الإسرائيليون على أداء اليميني نتتياهو يذهبون نحو بينت الأكثر يمينية وتطرفًا وعنصرية. استطلاعات الرأي التي جرت في إسرائيل على أرضية الكيفية التي يواجه فيها وباء الكورونا وتداعياته الاقتصادية الاجتماعية تشير إلى هبوط ملحوظ في شعبية حزب الليكود وبالمقابل ارتفاع ملحوظ للحزب اليميني المتطرف الذي يقوده بينت.

إذا تعاملنا مع الأرقام، أرقام الاستطلاعات. فإن تحالف اليمين سيحصل ما بين 61 إلى 63 مقعدًا في الكنيست في أي انتخابات تجري الآن. ولكن الأرقام وحدها لا تكشف القوة الحقيقية لليمين، فقوته أكثر من ذلك بكثير، فحزب ليبرمان الذي يمكن أن يحصل ما بين 7 و8 مقاعد هو حزب يميني، والفارق أنه حزب علماني لا يريد الائتلاف مع الأحزاب الدينية الأرثوذكسية. كما أن اليمين متغلغل أيضًا في حزب أزرق أبيض وحزب هناك مستقبل التي تقدم نفسها أنها تمثل الوسط ويسار الوسط.

باختصار شديد، وإذا استثنينا حزب ميرتس، فلا وجود لليسار في إسرائيل، وميرتس لن تحصل في أحسن الأحوال على أكثر من 7 مقاعد. الفارق بين الأحزاب الإسرائيلية اليوم هو في درجة عنصريتها وتطرفها، فالبعض أقل تطرفًا والبعض الآخر متطرف جدًا أو فاشي، إسرائيل تغرق في عتمة الايديولوجيا الصهيونية اليمينية العنصرية، والمشكلة أن هذا الواقع المريع غير قابل للتغيير على المدى المنظور، إلا إذا جرت هزة سياسية واجتماعية– اقتصادية عنيفة تقلب المعطيات الراهنة.

على أيّة حال فإن اسرائيل لم يكن فيها يومًا يسار بالمعنى والمفهوم العالمي لهذا المصطلح، كان هناك حزب ركاح، لكن معظم أعضاء هذا الحزب الشيوعي كانوا من الفلسطينيين العرب، فقوة هذا الحزب لم تتزحزح عن 3 أو 4 مقاعد في الكنيست. ما كان يصنف يسارًا في إسرائيل. والمقصود حزب العمل، وفي مراحل سابقة المعراخ ومعه حزب مابام، هؤلاء هم ما يعرف باليسار الصهيوني، أي هي أحزاب قومية عرقية لكنها تقدم نفسها بأنها عمالية.

نحن أمام هذا الواقع الإسرائيلي المعادي تمامًا للحقوق الوطنية الفلسطينية، ويعمل ليل نهار على تقويض إقامة الدولة الفلسطينية، في مثل هذا الواقع ما الذي يمكن أن نفعله؟ هل تستمر في أساليب النضال ذاتها، والتمسك بحل الدولتين. الذي دمرته إسرائيل على الأرض؟ ما هي البدائل؟ هناك حاجة لصياغة جديدة لكيفية التعامل في المرحلة القادمة، وهذا لا يعني التخلي عن أهداف مشروعنا الوطني، بل على العكس من ذلك، قد يكون المطلوب إعادة صياغة للأساليب النضالية لصياغة سياسات تضمن تحقيق الأهداف بطريقة أكثر فاعلية وتأثير. طبيعة الصراع وعناصره الأساسية لن تتغير. وعنصر الصمود على الأرض هو الحاسم لذلك السؤال الأهم هو كيف نعزز هذا الصمود بكل السبل، في سياق السعي لتحقيق هدف الحرية والاستقلال؟؟