فتح ميديا - لبنان

فجأة انكسرت البيضة وخرجت الصفقة، لا أحد يكره ان يخرج جميع الأسرى وتصبح السجون خاوية، وشيء عظيم ان يخرج الأسرى المحررون الى بيوتهم وعائلاتهم، وهذا فرح ما بعده فرح، ولكن لم تكن الصفقة دسمة بما فيه الكفاية!لم يكن مروان البرغوثي وأحمد سعدات وغيرهما من القيادات والنواب من ضمن المفرج عنهم، ناهيك بمئة وأربعين مبعداً. مئة من ابناء الضفة سيبعدون الى غزة، وأربعون ستستضيفهم قطر وسوريا وتركيا، الصفقة كانت معدة ومهيّأة بدليل عملية التسلم والتسليم وخطة التبادل، وأعداد المبعدين، وأسماء الدول التي سيذهبون اليها، ما كان مفاجئاً التوقيت! هذه لعبة اسرائيلية؟! بعد خطاب الرئيس ابو مازن الشهير في الأمم المتحدة، أصبحت اسرائيل معزولة دولياً ومعها الولايات المتحدة الأمريكية بما خصّ الموضوع الفلسطيني، وجاء الاعلان عن بناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس وأماكن اخرى بعد استحقاق ايلول ليفاقم من ردات الفعل على اسرائيل، فأعلنت أكثر من دولة أوروبية إمتعاضها من هذا الاعلان وخصوصاً في خضم المساعي الدولية من أجل اعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وحضهم على عدم القيام بأي عمل استفزازي يعرقل عملية التفاوض، فأعربت رئيسة ألمانيا أنجيلا مركيل عن استيائها من هذا الاجراء، وبالأمس 18/10/2011 أعربت ممثلة الرباعية الدولية كاترين آشتن عن استغرابها وامتعاضها من السياسة الاستيطانية الاسرائيلية، وطالبت باسم المجموعة الأوروبية بوجوب وقف القوانين الخاصة بالاستيطان وعدم شرعيته، وخصوصاً في مدينة القدس. فاسرائيل تريد من هذه الصفقة ان تغطي على فشلها السياسي في الامم المتحدة، وان تخلق ضجة اعلامية تغطي على سياسة الاستيطان، وتحسّن صورتها في الخارج، وكذلك أرادت ان تبيع القيادة المصرية الجديدة موقفاً كان من المفترض ان تقوم به المانيا، فهي ردت على موقف مركيل من الاستيطان ببيع المصريين انجاز صفقة التبادل من ناحية، ومن جهة اخرى تريد تبريد الغضب الشعبي المصري تجاهها والذي ظهر جلياً في الهجوم على سفارتها وطرد طاقم السفارة هناك.

عملياً لا اجد من وراء هذه الضجة والحشد الجماهيري الذي قامت به حماس من اجل استقبال الاسرى المحررين، وهم يستحقون اكثر من ذلك، سوى اثبات وجودها بعد المأزق السياسي الذي وصلت اليه بعد  فورة الربيع العربي، وبعد المكسب السياسي والاعلامي الذي حصلت عليه السلطة الوطنية الفلسطينية على الساحة الدولية في استحقاق ايلول، فإن اعلان الصفقة في هذا التوقيت بالذات سيساعد على تحسين صورة اسرائيل دولياً. ولو جاءت هذه الصفقة بشروط افضل، وليس في التوقيت الخاطئ، أقله الى ما بعد التصويت على عضوية فلسطين في مجلس الامن في الايام أو الاسابيع القليلة  القادمة لكان أفضل لنا جميعاً.