حرب وباء الكورونا على البشرية كلها دون استثناء تزداد شراسة، حيث تمكنت قرون الفيروس من اقتحام أجساد عشرات الآلاف من البشر في 162 دولة حسب الإحصائيات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية. وعلى خطورة انتشار الجائحة العالمية، وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي، وعلى مختلف مناحي الحياة البشرية بما في ذلك تأثيرها على العملية التربوية في أصقاع الأرض، فأوقفت عجلة العلم والمعرفة لقرابة 800 مليون طالب وتلميذ...إلخ.

لكن كما ذكرت سابقًا، إن "عدالة" حرب الكورونا "كوفيد/19" إن جاز لي استخدام هذا المفهوم، أنها لم تميز بين ملك ورئيس وقائد جهاز وبين مواطن عادي. ولم تهاجم الإنسان على أساس اللون أو العرق أو الدين أو الجنس أو العمر أو الموقع الاجتماعي، وضعت الجميع كأسنان المشط، واستهدفتهم لأنهم بشر. وإن كان لهذه السمة من فضيلة، فإنها وضعت البشرية كلها، المنتج للفيروس والمتلقي في دائرة الاستهداف، وحملت بني الإنسان جميعًا المسؤولية في الدفاع عن الذات الجمعية، ودعتهم للتكاتف وتضافر الجهود لمواجهة التحدي الماثل، الذي اقتحم بيوتهم ومقار أعمالهم، وثكنات ضباطهم وجنودهم، وورش مصانعهم وحقول مزارعهم ومعاهدهم وجامعاتهم ورياض أطفالهم ومدارسهم وشوارعهم وأسواقهم وموانئهم وسفنهم وطائراتهم ومطاراتهم وعششهم وفنادقهم الفخمة ومطاعهم بمستوياتها المختلفة.

إذن مواجهة التحدي الكوروني، باتت مسؤولية عالمية، وليست وطنية أو إقليمية، الأمر الذي يستدعي من كل العقول المبدعة في علم الجينات واللقاحات والأمصال من مختلف الدول حث معارفها وعبقرياتها لإنتاج اللقاحات المضادة للفيروس لقهره، والحد من خطورته، ولحماية الإنسان في أصقاع الأرض، وصيانة الحضارة البشرية ككل.

ويخطئ بعض الكتاب ورجال الدين من مختلف الأديان السماوية والمعتقدات الوضعية في حرف النقاش وطبيعة المواجهة للفيروس، بمحاولة تبسيطها من خلال تصورات ميثولوجية. لا تنام على الدعوات، ولا تستكن للخرافة والأكاذيب، ولا تبسط المواجهة، ولا تستهر بالفيروس، وأيضًا لا تبالغ بخطورته. تعامل معه كحقيقة خطيرة، وداهمة، وقاتلة. ولكن ليس إلى حد الاستسلام، والاستكانة، وعدم فعل شيء لمواجهته. بل العكس صحيح. الفيروس خطر نعم. لكن الإنسان قادر بإبداعاته وقدراته العلمية على قهره وتصفيته، والحد من تقدمه وفتكه بالآلاف الجديدة من بني الإنسان بإنتاج المضادات الحيوية له.

ولا أحتاج للتذكير بأثر الفوبيا والخوف والتوتر على الإنسان، التي تترك آثارًا مدمرة عليه، وتحد من مناعته، وقدرته على المواجهة، التي يعرفها بني الإنسان بِشكلٍ عام ومن الثقافة العامة. وفي هذا الصدد يقول العلماء المختصون، إن القلق والتوتر والخوف تنتج هرمونات تهدد الروح المعنوية عند الإنسان، وتضعف المناعة الجسدية، وتسهل للفيروس تحقيق هدفه بالقضاء على الإنسان. ولا أريد أن أستحضر العديد من الروايات التاريخية للملوك والأمراء والحكام ذات الصلة باستهداف مناعة الإنسان من خلال الإيهام بوضع السم لهم، والتي تجمع تقريبًا على اعتقال عدد من مرؤوسيهم بين 3 و5 وأبلغوهم أنهم وضعوا لهم السم فيما شربوا وأكلوا، فبعضهم مات بالخوف، بعكس من تعامل مع المقولة بجدارة وشجاعة، وبقي على قيد الحياة.

 العبرة الأساسية مما تقدم ترتكز على الآتي: أولاً عدم الخوف والخشية من المرض، والتعامل مع الفيروس أسوة بالفيروسات والأمراض الأخرى، التي سبقته؛ ثانيًا التقيد بالتعليمات المنشورة من قبل جهات الاختصاص الصحية والسياسية، وعدم الاستهتار والاستخفاف بالفيروس. لكن دون مبالغة وتزيد؛ ثالثًا عدم نشر الإشاعات المغرضة والصبيانية، التي تؤثر سلبا على المواطنين. لأن الناس ليسوا من طينة واحدة، وليست لديهم القدرات المعنوية والجسدية المتساوية؛ رابعًا التعامل مع الذات والآخر بنفس السوية، وعلى اعتبار ان الجميع مصاب بالفيروس، وعدم التبسيط في هذا الشأن؛ خامسًا اتباع الوقاية العلمية، والابتعاد عن الخرافة والجهل، بغض النظر عن دياناتهم، وإسقاط مقولات الدجالين؛ وأتمنى الشفاء العاجل للمرضى، والانتصارعلى الكورونا.