علامات على الطريق| بقلم: يحيى رباح

المرشح لانتخابات الرئاسة الأميركية بيرني ساندرز، الذي يحقق تقدماً ملحوظاً بين أقرانه المرشحين الديمقراطيين، استطاع في الأيام الأخيرة أن يلفت إليه الأنظار بقوة، حين امتلك قدراً هائلاً من الشجاعة، وهاجم نتنياهو حليف ترامب الذي أملى عليه الصيغة الشيطانية لصفقة القرن المشؤومة المحشوة بالعداء الأسود والكراهية المطلقة للشعب الفلسطيني، التي اعلنها ترامب خلال إحتفال كبير في واشنطن، وكان واضحاً خلال إعلانه عنها انه لا يفهم أي كلمة واردة فيها، كتبت له من نتنياهو، وجاءت إليه عبر صهره جاريد كوشنر، وأعلن عنها وهو لا يعرف أي كلمة منها وإنما تبناها هكذا على العمياني، معتقداً بعقله القاصر أن الشعب الفلسطيني مع وجود إشارات كثيرة ساقطة من التطبيع المجاني تتزايد في العالم العربي، ولم يدر بخلده أن هذه الصفقة لن تمر ما دام الشعب الفلسطيني وعلى رأسه قيادته الشرعية يرفضونها بالمطلق ويواجهونها بصلابة وكفاءة وثبات، لا يضرهم من خذلهم أو خانهم فهم أصحاب القول الفصل والكلمة الأخيرة.
وعندما هاجم بيرني ساندرز نتنياهو وهاجم اللوبي الصهيوني الأهم في أميركا وهو الإيباك لم يكتف بذلك، بل طرح فكرة أن تتراجع أميركا عن نقل سفارتها إلى القدس، وعودتها إلى تل أبيب، قامت إدارة ترامب ولم تقعد، على اعتبار أن هذا الرأي لساندرز يعتبر فضيحة كاملة، وتعرية شاملة لثوابت سياسة ترامب وثوابت المسيحيانية اليهودية التي تتحكم في مصير أميركا، فكيف لشخصية يهودية مثل بيرني ساندرز أن يجرؤ على اختراق الثوابت الأميركية، وأن يلهج بالحقيقة التي ملخصها أن ساكن البيت الأبيض أصبح مطية لنتنياهو ليس أكثر، يوافق له على ما يفقد أميركا مكانتها ومصداقيتها ودورها مثلما هو حاصل الآن ومرشح للزيادة، فدونالد ترامب تماهى مع حليفه الفاسد نتنياهو، لا يتعامل مع أي وجود أو اعتراف بالقانون الدولي والمرجعيات الدولية، وينتقلان من شكل إلى آخر من أشكال العداء المطلق للشعب الفلسطيني، دون أن يأخذا اعتبارا لما تمثله القضية الفلسطينة وثوابتها أو ما يستطيعه الشعب الفلسطيني إذا ما انفتح الصراع إلى المدى الأقصى، لأن شعبنا يؤمن أنه صاحب الحق، وصاحب القرار النهائي، وأن صفقة القرن لن يجرؤ أحد على السماح لها بأن تمر، لأن كلمة لا الحاسمة يملكها هذا الشعب، ولم يخول أحداً أن يقول نيابة عنه كلاماً آخر,
والحقيقة أنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أشخاص يهود بارزون آراء مخالفة للرواية الصهيونية و الرواية الأميركية المنحازة بالمطلق لها، فمنذ حدثت النكبة الفلسطينية ظهرت أصوات يهودية كثيرة لتخترق جذر الأكذوبة الصهيونية، مثل الكاتب اليهودي الأميركي نعوم تشومسكي، والكاتب اليهودي إلفرد نلتان والحاخام اليهودي الأميركي إلمر بيرجر، وكثير من المؤرخين اليهود الجدد في إسرائيل نفسها، و لكن ساندرز يتميز بأنه شخصية يهودية أميركية، يشق طريقه نحو الموقع السياسي الأول في أميركا
وهو موقع الرئاسة، فهو عضو في الكونغرس، وهو أحد المرشحين الأقوياء في انتخابات الرئاسة الأميركية التي تجري في نهاية هذه السنة.
السباق مستمر، والصراع مستمر، وقضيتنا العادلة تستحق، وشعبنا جدير بقدرته على تحريك الواقع تجاه قضيته الكبرى، وبعد أيام قليلة سنشهد جولة جديدة من الانتخابات في إسرائيل، ستكون قضيتنا المحرك الرئيسي فيها، وتكون القائمة المشتركة أحد أبرز محاورها، ونأمل وندعو أن يخوض جمهورنا الفلسطيني في الداخل دورهم كاملاً في هذه المعركة لأن كل صوت يحصلون عليه يفقده الطرف الآخر، وهذه معركة تستحق أن تخاض بواسع الإرادة وبكامل الأمل، فلا تهنوا يا أيها الفلسطينيون فأنتم كلمة السر،
وأنتم أصحاب القول النهائي، عبر صمودكم العظيم ووعيكم الذي يتخطى المدارات المألوفة، وموعدكم دائماً هو المجابهة والانتصار.