إدارة الرئيس دونالد ترامب، رغم الأزمات، التي تعصف بها داخليا وخارجيا، مازالت تقود حربا مجنونة مع حكومة نتنياهو لتصفية عملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وتصفية القضية الفلسطينية كليا عبر ما يسمى الإعلان عن الشق السياسي لصفقة القرن الترامبية قبل يوم الثلاثاء القادم 28/1/2020، وعشية وصول رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية، الملاحق بعدم منحه الحصانة، بعد توجيه تهم الفساد والغش وسوء الأمانة والتحايل، للقاء سيد البيت الأبيض، الذي بدأت محاكمته في مجلس الشيوخ لاستكمال ما قرره مجلس النواب الأميركي بالموافقة على عزله.

رجلان من طينة واحدة، بهوس الإمساك بكرسي الحكم، ومضاعفة تأزيم الصراعات الإقليمية والدولية، والحرب على السلام من خلال فرض صفعة العصر على الشعب العربي الفلسطيني، التي باتت ملامحها منذ نهاية عام 2017 وعام 2018 واضحة وجلية، ولم يعد فيها ملف اساسي من ملفات الحل النهائي غامضا، او ملتبسا، وغير مطروح، ولم تأخذ الإدارة الجمهورية قرارا وإجراءً به. ومع ذلك يحاول الرئيس الأميركي وأركان إدارته الإدعاء، ان ما نشر وتسرب لا يعكس جوهر الصفقة؟ وماذا بقي من الخطة الأميركية لم يطرح منه ملف القدس، ماذا بقي غير معلن؟ هل بقي الجسر المعلق بين الضفة وغزة؟ وماذا يعني عمليا، إن كانت الأرض لا تخضع للسيادة الفلسطينية، والحدود تحت السيطرة الإسرائيلية، والأجواء وتحت باطن الأرض تخضع للقرار والسيطرة الإسرائيلية؟

يتفضل الرئيس ترامب وفريقه المعني بالملف يعطي اي عاقل في الأرض ما سيحمله الشق السياسي من الصفقة، هل سيحمل اسم "فلسطين الجديدة"؟ ما هي هذه الفلسطين؟ وما حدودها؟ وما هي ملامحها؟ وما هو مستقبل ابناء الشعب الفلسطيني في الشتات؟ هل التوطين، هو الحل؟ ومن قال إن الشعب ونخبه السياسية تقبل بذلك؟ وعلى اي اساس سيقبل الفلسطينيون التوطين؟ ولماذا تقبل القيادة الفلسطينية بضم القدس الشرقية؟ ما هو الأساس القانوني والديمغرافي والسياسي والاقتصادي لذلك؟ وهل يقبل الرئيس وإدارته بتقسيم واشنطن العاصمة، أو اية عاصمة لدولة في العالم؟ ولماذا الحياد وعدم الالتزام بما قررته الشرعية الدولية، والتزمت به حكومات إسرائيل وإدارات الولايات المتحدة المتعاقبة والسابقة على إدارتك؟ لماذا الإخلال بمعايير ونواميس الشرعية الدولية والمعاهدات الدولية؟ هل الشعب الفلسطيني رقم زائد عن البشرية، يجب دفنه حيا؟ وهل الشعب والقيادة الفلسطينية مسؤولة عن محرقة اتباع الديانة اليهودية، ام انها كانت تاريخيا الحاضنة لهم، والمؤمنة لهم العيش الكريم في ربوع فلسطين؟ أوليس العرب جميعا منذ مؤتمر مدريد عام 1991، وهم ملتزمون ومتعاونون مع الإدارات الأميركية المتعاقبة؟ أولم يقروا مبادرة السلام العربية عام 2002 في قمة بيروت بالانسجام مع الرؤية الأميركية والإسرائيلية؟ وما بقي من المصالح العربية لم تحصل عليه الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي عموما؟ وايهما ابقى وأرخص لدافع الضرائب الأميركية بقاء دولة الاستعمار الإسرائيلية عنوانا للحروب والإرهاب الدولاني في المنطقة والعالم ونهب اموال دافع الضرائب الأميركي، ام العرب، الذين يشترون الأسلحة ويبقونها في المستودعات الأميركية دون استخدام؟ أوليست ودائعهم المالية موجودة في البنوك الأميركية والغربية الرأسمالية؟ أوليست القواعد الأميركية منتشرة كالفطر في الوطن العربي؟ مما تخاف أميركا والغرب؟ وهل من مصلحة أميركا كسب عداء الشعوب العربية، أم كسب ودها؟.

صفقة القرن الترامبية، هي الوصفة الحقيقية لإعادة الساحة الفلسطينية والعربية والإسرائيلية لدوامة العنف والإرهاب والحروب، الخاسر الأبرز فيها الولايات المتحدة وإسرائيل الاستعمارية، وليس العرب والفلسطينيين. فكروا قليلا بمصالح الولايات المتحدة الحيوية قبل ان تعلنوا صفقتكم المشؤومة، لأن العرب لن يموتوا، ولن يفنوا بعكس أعدائهم، أوقفوا حربكم ضد السلام، وامنحوا السلام فرصة لبناء جسور التعايش والتعاون والتطبيع الحقيقي، لان ما هو قائم ليس تطبيعا مقبولا، ومازال مرفوضا، ولن يقبل به العرب والفلسطينيون. وما لم يتمكن الفلسطينيون من الاستقلال والسيادة الناجزة على ارض دولتهم المستعمرة والمحتلة في الخامس من حزيران عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية، وضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء شعبهم في ال48 لن تقوم قائمة لسلام عادل وممكن.