لا تكتفي تلك الفصائل التي تزعم المقاومة، بالهروب المتواصل من تحمُّل مسؤوليات التصدي لتحديات المرحلة الراهنة، التي تشتد فيها المحاولات الأميركية الإسرائيلية، لتصفية القضية الفلسطينية، نصًّا وروحًا، وإنّما تذهب إلى أخطر من ذلك بالتماهي مع هذه المحاولات، وإن كان بعضها دون دراية، ولا رؤية واقعية، ولحسابات محض حزبية، بتمويلاتها الإقليمية، وهي تتشبّث بلغة بياناتها وكتاباتها الشعبوية، بل إنّها بهذه اللغة، لا تشيع غير الإحباط واليأس، من حيث إنها تقرر "قدرية" صفقة ترامب الفاسدة!! وبزعم أنها لا ترى مواجهة فاعلة لهذه الصفقة، بغير شعاراتها الثورجية، التي لا واقع لها، ما يعني لا مواجهة ولا هم يحزنون!!

وتتوهم بعض هذه الكتابات الشعبوية، بثرثرات بائسة، أنَّ الرئيس أبو مازن على قدر من القلق على حياته، بعد رفضه لصفقة العصر، وأنَّ هذا القلق سيقوده إلى التنازل عن هذا الرفض، طالما أنه مازال يتمسك بخيار التسوية!! ولا يبدو أنَّ هذه الكتابات تعرف ماذا تقول، مثلما لا تعرف تمامًا الواقع الراهن الذي تعيشه، والذي لم يعد فيه خيار "المقاومة" إلّا في إطار بياناتها فحسب، لا بل إنّه اليوم خيار التفاهمات الأمنية مع الاحتلال الإسرائيلي، وكفى الله المؤمنين شر القتال!! كما أنّ هذه الكتابات لا تعرف ولا تريد أن تعرف وللأسباب التمويلية ذاتها، حقيقة واقع الرئيس أبو مازن، بتمسكه بالثوابت الوطنية، وبصلابة موقفه الذي يعرف حجم مسؤولياته، وحجم تحدياته، وواقعية مخاطره، التي لا يخشى منها شيئًا، وهو على وجه اليقين، ما من قلق يساوره، غير القلق على مصير المشروع الوطني التحرري، وعلى النحو المسؤول الذي يكرس سبل حماية هذا المشروع، والمضي به نحو انتصاره الأكيد، وأكثر ما يؤكد ذلك اليوم هذه المتابعات الحثيثة للرئيس أبو مازن لواقع قطاعات الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، الصحية، والتربوية، والقضائية وغيرها، أن تكون على خير ما يرام، مثلما هي متابعاته الحثيثة لواقع القضية الوطنية والتحديات التي تواجهها، لتفعيل مختلف سبل التصدي لهذه التحديات، وإدامة الحراك السياسي في محافل المجتمع الدولي، بما يؤمن المزيد من مواقف الدعم السياسي، وسواه للقضية الوطنية، وسبل انتصارها بالسلام العادل.

الراجفون وحدهم، هم القلقون على حياتهم ومصيرهم، وقد باتوا يتحسّسون على رؤوسهم، بعد اغتيال (إسرائيل) للقيادي في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، ما جعلهم اليوم يلوذون بكتاباتهم الشعبوية التي ترتجف حتى حروفها السمينة جراء قلقهم هذا والذي بات يقتات على قلوبهم، فما عادوا يبصرون أي شيء من الواقع الراهن على مختلف مستوياته ومسمياته!!!