بين الألم والأمل، وبين الحلم والهدف مسافة طويلة، ولربما تكون المسافة قصيرة! ونحن لا ندرك ذلك. 

 

فما الفارق بين الإحساس بطول المسافة أو قِصرها عندما يكون الحدّان متنافرين أويبدوان متعارضين؟

 

يفترض الكثيرون أنَّ الحَد الفاصل بين العقل والجنون معروف، أو أنَّ الحد الفاصل بين الجودة والرداءة معروف. 

 

وقد يفترض غيرهم أنَّ الحدّ بين الحق والباطل على شائكيّته معروف ولا يحتاج لتبيان المسافات والانعطافات التي بدونها قد تجعل من كلاً النقيضين يندمجان!

 

باغتني شاعر جميل بتعليق ثريّ على أحد مقالاتي بالقول: إنّك تحلم! 

 

وأنا أعلم أنَّ مضمون المقال قد خاطب فيه أحلامه الجميلة هو فأسقطها على المقال في رغبة التحقق، وبقصد الاستحسان للقول مع الإشارة لصعوبة التحقق!

 

لم يكن منّي في ردّي المفعم بالمودّة عليه إلا أنني أجبته: لو لم تكن حالمًا لما كنتَ شاعرًا جميلاً.

 

وهو بالفعل شاعرٌ جميلٌ وأشعاره رائقة لذا كانت أحلامه، وكان خياله متّسقًا مع أحلامه ليصبّ في بحر آماله التي من الواجب علينا نحن أي المشتغلين بالسياسة أوالمشتغلين بالفكر والثقافة، أو المشتغلين بالتنظيم أن نُدرجها في صحائف أعمالنا.

 

 هي الأحلام التي تخرق المألوف فتجعل من الشعر قاربًا في البحر اللُجي فتصير الأمواج العاتية أجنحة للسفينة تقيها شرالزوابع وتصل بها لبر الأمان.

 

 ومن هنا يصبح الحلم واقعًا. ويكون الأمل بمقدار الجهد المبذول والمتتابع دون كلالة يعني هدفًا متحقّقًا.

 

ليس للجنون حدٌ. فقد يكون الشاعر مجنونًا وقد يجنّ الناصح حين تلقى نصائحه في سلة المهملات. 

 

ولن تجد من السياسي المهرطق إلّا الجنون والجنوح، وقد تجد في القائد سكينة حينًا وقد تراه يخرج عن طوره في أحيان! 

 

فالمسافات بين الجنون والعقلنة مسافات رمادية قد لا يستبينها أكثرنا.

 

نحنُ كثيرًا ما نطربُ للمجانين فالجنون فنون! 

والمبدع مجنون والشاعر والمفكّر والمثقّف في أثره، ولن ييأس ملازم لعمله الصعب أو المستحيل، إلّا ما يراه المثبّطون جنونًا فيستفيقون على تحقّق جنونه فينتكسون، ويظهر هو في ثوب المنتصرين.

 

نحنُ الذين نقطعُ المسافات بين النقيضين.

 ونحيلُ المأمول 

أو المستحيل 

أو الجنون 

أوالمحلوم به 

إلى هدف 

فواقع.

 نقطع المسافات بين النقيضين

وإلا لما قامت ثورة

 ولا كان مصلح

 ولا بُعث نبي

 ولا تغيرت العلوم

 ولا قامت بالدنيا 

احتفالات 

 تتوج رؤوس الملوك بالغار.