تقرير: الحارث الحصني

في واحدة من زياراته لسجن الرملة قطع حسام سعيد بشارات، وعدا لشقيقه الأسير محمد الذي كان يقضي حكما بالسجن (18 عاما)، بأن يهديه كليته حيث يعاني فشلا كلويا نتيجة تناوله طعاما ملوثا داخل العزل.

لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ظلت تعيق إجراء العملية، حتى أُفرج عن محمد في آب/ أغسطس الماضي دون إجرائها بعد قضاء محكوميته، واليوم أوفى حسام بالوعد.

لم يلتحق حسام بشارات (36 عاما)، من بلدة طمون جنوب مدينة طوباس، بعمله في أحد البنوك أسوة بزملائه، فهو يخضع لعملية في مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله مع شقيقه محمد؛ ليتبرع له بكليته.

قال حسام: "اليوم أكمل الوعد الذي قطعته لأخي سابقا".

اعتقلت قوات الاحتلال محمد بشارات (34 عاما)، في 2 آب/ أغسطس عام 2001، أصيب قبل عامين من الإفراج عنه بفشل كلوي داخل السجن، وبشهادة ذويه، فإنه لم يكن يعاني سابقا من أية أمراض.

"بدأت الأعراض بالظهور عليّ في الأيام الأخيرة من شهر آذار عام 2017، لكن قُطع الشك باليقين بأن فشلا كلويا أصابني في 16 أيار/ مايو من العام ذاته، عندما أجريت بعض الفحوص الطبية في مستشفى سوروكا" قال محمد.

وفور إبلاغ محامي الأسير المحرر محمد بشارات عائلته بأن ابنهم مصاب بفشل كلوي، يتطلب عملية زراعة كلية واحدة على الأقل، قرر شقيقه حسام التبرع بكليته لشقيقه، وبدأ التحركات لمتابعة وضعه الصحي، ومحاولات قانونية من خلال المحامين لتنفيذ خيارين، إما الإفراج المبكر عن محمد أو إجراء عملية له داخل المعتقل، لكن لم ينجح أي خيار، فقد رفض الاحتلال الإفراج عن محمد، وماطل في علاجه خلال فترة تواجده في المعتقل.

وخلال زيارته في المعتقل كانون الأول/ ديسمبر عام 2018، طلب محمد من شقيقه حسام عدم التبرع له بكليته لكن الأخير رد عليه بالقول: "لا أستطيع أن أرى العدو، والمرض عليك، لن أخذلك".

لكن في ذلك الوقت ماطلت إدارة المعتقل بعلاج محمد رغم أن حسام قام بعمل الإجراءات القانونية، والفحوصات الطبية بهدف التبرع بكليته لمحمد، الذي هو الآخر أجرى الفحوصات الطبية اللازمة والتي اثبتت وجود تطابق بالأنسجة بين الشقيقين.

ورغم محاولات حسام المستمرة مع المحامين للضغط على إدارة المعتقل لإجراء عملية له ولشقيقه محمد، لكنها في كل مرة تتذرع بحجة مختلفة، وفي إحدى المرات توجه حسام إلى مستشفى "تل هاشومير" لإجراء العملية بعد موافقة الاحتلال، لكنه تفاجأ بإلغاء إدارة المستشفى للعملية، وأخبرته أن "إدارة السجن لا تريد علاج شقيقك".

وبالنسبة للمحرر محمد بشارات فيقول: "إن الطعام المقدم للأسرى في المعتقلات رديء جدا، وفي أغلب الأحيان فإنه لا يكون صالحا للأكل، وبسبب ذلك أصبت بالفشل الكلوي".

وفي تمام الساعة الثامنة من صباح اليوم الخميس، دخل الشقيقان محمد وحسام إلى غرفة العمليات، وبقينا على تواصل مع والدهما سعيد بشارات الذي قال إنهما "دخلا بهمة عالية".

أعدنا الاتصال مع الوالد ساعات الظهيرة حيث أخبرنا والدهما "بنجاح العملية".

إحصاءات هيئة شؤون الأسرى والمحررين، تقول: إن من بين نحو 5700 أسير في معتقلات الاحتلال، هناك 700 أسير مريض.

تقول الأرقام الرسمية إنه ومنذ عام 1967، حتى اليوم، وصل عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة لـ(221) شهيدا ارتقوا بسبب الإهمال الطبي المتعمد الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق الأسرى، كان آخرهم الشهيد بسام السايح الذي استشهد في الثامن من الشهر الحالي.

وحسب ما نشرته الهيئة على موقعها الإلكتروني، فإنه من خلال مراقبة الوضع الصحي للأسرى، اتضح أن مستوى العناية الصحية شديد السوء؛ فهو شكلي وشبه معدوم، بدليل شهادة الأسرى وازدياد عدد المرضى منهم.

 وتتعمد إدارة معتقلات الاحتلال ابتزاز الأسرى ومساومتهم والضغط عليهم مقابل تقديم العلاج؛ الأمر الذي يشكل خرقاً فاضحاً لاتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، المواد (29 و30 و31) من اتفاقية جنيف الثالثة، و(91 و92) من اتفاقية جنيف الرابعة"، والتي أوجبت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.

وتستمر إدارة المعتقلات في مماطلتها بنقل الحالات المستعصية للمستشفيات؛ والأسوأ من ذلك أن عملية نقل الأسرى المرضى والمصابين تتم بسيارة مغلقة وغير صحية، بدلاً من نقلهم بسيارات الإسعاف، بوضعيات غير إنسانية.