أطلق رئيس حزب "كاحول لافان"، بيني غانتس، خلال الأسابيع الأخيرة، تصريحات بدا فيها أنه يكرر تصريحات زعيم اليمين ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. واعترفت مصادر في "كاحول لافان" بأن بين أهداف غانتس من تصريحاته هذه هو استمالة ناخبين في "اليمين اللين" للتصويت لحزبه في انتخابات الكنيست، في أيلول/سبتمبر المقبل. إلا أن هذا لا يعني أن غانتس هو رجل سلام سيسعى إلى حل سلمي، حتى لو شكّل الحكومة المقبلة، رغم استبعاد احتمال كهذا.

وقال غانتس في أحد تصريحاته إنه "ترعرعت على قصص المطاردات في الأغوار" ضد الفلسطينيين، وأنه "في أي اتفاق مستقبلي سنحتفظ بالأغوار كجزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل". وهدد، الأسبوع الحالي، قادة حركة حماس: "إذا اقتضت الحاجة، فسنعمل من أجل إنزال قادة حماس".

لكن المحلل السياسي في موقع "ألمونيتور" الإلكتروني، عكيفا إلدار، أشار اليوم، الجمعة، إلى أن تصريحات غانتس السياسي مختلفة عن تصريحاته كعسكري ورئيس لأركان الجيش الأسبق. وقال غانتس خلال مؤتمر في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، في نيسان/أبريل 2016، إن "ثمة أهمية للتوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين، وإلا فسنستمر في الغوص في المستنقع". وأضاف أنه "حتى لم لم ينجح ذلك، نحن ملزمون بالمحاولة. وربما سنضطر إلى الاستمرار في استلال السيف من الغمد، لكن سنتمكن على الأقل من القول لأولادنا أننا حقا حاولنا".     

وفيما يتخذ "كاحول لافان" خطا يمينيا، وحتى أن محللين يصفونه كنسخة عن حزب الليكود، فإن المرشح الرابع في هذا الحزب، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غابي أشكنازي، قال في مؤتمر عقدته صحيفة "كلكليست" الاقتصادية، في أيلول/سبتمبر 2012، إنه "يجب بذل أي جهد من أجل التوصل إلى حل مع الفلسطينيين حتى لو كانت هناك مشكلة لدى أحد ما مع الشريك (الفلسطيني)" في إشارة إلى نتنياهو، ودعا إلى "مأسسة فكرة حل الدولتين".

وتطرق إلدار إلى تصريحات السياسيين الإسرائيليين حول غور الأردن ومطالبتهم بفرض "السيادة الإسرائيلية" عليه. ونقل عن العقيد في الاحتياط والخبير البارز في شؤون الحدود والأمن، الدكتور شاؤول أريئيلي، تشديده على أنه "لن يكون هناك اتفاق من دون دولة فلسطينية على 22% من فلسطين الانتدابية، أي في حدود 1967 مع تبادل أراضي".

وأضاف أريئيلي أن غور الأردن يشكل احتياطي الأراضي الوحيد تقريبا التي ستكون بحوزة الدولة الفلسطينية المستقبلية من أجل استيعاب مئات آلاف اللاجئين الذين سيسعون للسكن في دولتهم. وتابع أن السلطة الفلسطينية تخطط لإقامة مطار فلسطين في هذه المنطقة. ونفى أريئيلي مزاعم غانتس وغيره حول "الأهمية الإستراتيجية العائلة" لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي في الأغوار.

وشدد أريئيلي على أنه "منذ أن وافق الفلسطينيون، خلال المفاوضات مع رئيسي الحكومتين الإسرائيليتين، إيهود باراك وإيهود أولمرت، كذلك في مبادرة جنيف، على بقاء الضفة منزوعة السلاح وتحت إشراف دولي، وتعهدوا بعدم التوقيع على تحالفات عسكرية مع دول ومنظمات معادية، ليس لدى إسرائيل أي حاجة أمنية في غور الأردن. والعمق الإستراتيجي لاتفاقية السلام مع الأردن والتعاون الأمني الوثيق معها التي تمنحه لإسرائيل، أهم بكثير من السيطرة الإسرائيلية في الأغوار".

وكانت مجموعة باحثين من "مجلس السلام والأمن"، وهو هيئة إسرائيلية غير رسمية تضم ضباطًا ومسؤولين أمنيين سابقين، أصدرت تقريرا، في العام 2013، قالت فيه إنه "ينبغي تفضيل اتفاق دائم مع الفلسطينيين على أي مكسب يكمن في استمرار السيطرة على غور الأردن"، وأن "اتفاقيات أمنية في إطار اتفاق دائم ستحول الحدود الشرقية للأردن إلى الحدود الأمنية الفعلية لإسرائيل". وبين أعضاء مجموعة البحث نائب رئيس الدائرة الإستراتيجية في شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي، شلومو بروم؛ رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية الأسبق، شلومو غازيت؛ قائد سلاح الجو الأسبق، عاموس لبيدوت؛ ورئيس شعبة التخطيط الأسبق، ناتي شاروني.    

وأضافت هذه المجموعة البحثية أن استخدام تعبير "عمق إستراتيجي" في سياق غور الأردن وغرب الضفة هو استهزاء. وشددوا على أنه "لا يوجد لإسرائيل عمق إستراتيجي مع الأغوار أو بدونها، لأن مدى الصواريخ والقذائف الصاروخية اليوم تسمح بتغطية الأراضي الإسرائيلية حتى بدون نشر منصات إطلاق غربي نهر الأردن. بل أن القوة العسكرية (الإسرائيلية) المنتشرة في هذه المناطق ستعاني من دونية طوبوغرافية ومهددة بنيران تطلق من الغرب والشرق".

وخلص خبراء "مجلس السلام والأمن" إلى أن "اليمين الاستيطاني يستعرض أمام الجمهور الإسرائيلي، صباح مساء، سيناريوهات أمنية مرعبة وغير عقلانية أمنيا حول الأغوار، ويستعلون بشكل سافر تخوفات الجمهور الإسرائيلي لغايات سياسية ضيقة".