بعد محاولات هروب كثيرة، قام نتنياهو بحلِّ الكنيست، ودعا إلى انتخابات إسرائيلية في التاسع من شهر أبريل/ نيسان القادم، فكيف تبدو (إسرائيل) في طريقها إلى الانتخابات؟

في البداية، يبدو المشهد كلّه في (إسرائيل) أنَّ نتنياهو وحليفه ترامب يتبادلان حالة مزرية من عدم الثقة، ترامب الذي ارتكز إليه نتنياهو في تنفيذ برنامجه، يبدو مخنوقًا بمأزقه الداخلي، فقد اضطُرَّ إلى التنازل عن الإغلاق الحكومي الفيدرالي بدون أيِّ تقدُّمٍ في موضوع بناء جدار من الصّلب مع المكسيك، ولم يجد سوى التهديد بالإغلاق مرة أخرى، ولكنَّه ذهب إلى ورطة أخرى في فنزويلا ضد الرئيس الشرعي مادورو، وواجه هزيمة في مجلس الأمن أمام روسيا والصين اللّتين أفشلتا مشروع قراره، ويبدو أنَّ تغريدته التي نشرها قبل أيام، والتي يقول فيها: (أنا مسكين ووحيد في البيت الأبيض)، وهي تغريدة صادقة، خاصّةً حين يصدّقه حليفه نتنياهو الذي أصبح خائفًا من تقلُّباته المجنونة المفاجئة. أمَّا نتنياهو فمأزقه أكبر– إنّه يقترب من أن يكون مأزقًا وجوديًّا– فكلُّ ما يُلوِّح به ينقلب ضدّه خطرًا حقيقيًّا. ذهب إلى درع الشمال على الحدود اللبنانية (في الأنفاق التي ادّعاها)، فثبت أنَّ الادّعاء كاذب تمامًا، وأنَّ الأنفاق قديمة، واتّضح أنَّه يعاني فشلاً استخباراتيًّا، وانتهى الموضوع بأنَّ درع الشمال انكسر، وحلَّ بدلاً منه تهديد اجتياح الجليل، وهذه أول نكسة في حملته الانتخابية.

لكنَّ نتنياهو من دون أن يدري ظَهَرَ كمَن يحتقر شعبه الإسرائيلي ويغامر بمرتكزاته الرئيسة، ولا أدلَّ على ذلك، من أنَّ نجوم الحملة الانتخابية يبدو جميعًا أنَّهم يعانون من هزيمة أخلاقيّة ساحقة، أوّلهم النجم الجديد "جانتس" رئيس الأركان السابق الذي لم يجد لحملته الانتخابية بعد أن شكَّل حزبًا جديدًا اسمه "حصانة إسرائيل" سوى التفاخر الشاذ والمقزّز بأنّه قتل 135 فلسطينيًّا في حروبه ضد شعبنا الفلسطيني، وتبعه بسقوط أكبر رئيس بلدية القدس الاحتلالي "نير بركات" الذي نشر كعنوان لحملته أحد الفيديوهات التي يظهر فيها وهو ينكِّل إلى حد الشذوذ المقزِّز والجبان بأحد الشباب الفلسطينيين، وتبعهم هذا المختل المهووس بشكل كامل "غليك" الذي احتفى بزفافه داخل المسجد الأقصى بحماية من الشرطة والجيش الذين يشعرون أنَّ مستواهم أصبح منحطًا بالقيام بهذا الدور.

هذه هي أبرز العناوين للحملة الانتخابية الإسرائيلية، وزد عليها قذارات أخرى على شاكلتها مثل انكشاف الخدمات الجنسية الفاضحة التي تُدار كأسلوب مضمون لتعيين القضاة والقاضيات في المحاكم الإسرائيلية!!

هل هذه الانتخابات ستأتي بنتنياهو وأمثاله إلى حكم (إسرائيل) من جديد؟ هذا السؤال يجيب عنه الشعب الإسرائيلي الذي استشرت فيه هذه الممارسات الشاذّة، بعد أن أبدع نتنياهو نهجًا يُكافئ فيه المستوطنين الذين يتم شراؤهم عبر العطايا المجانية التي يُقدِّمها لهم نتنياهو وأمثاله، سلوك استيطاني يسابق الزمن، وغض نظر مفتوح عن نشاط مجموعات الإرهاب اليهودي، ووقوف نتنياهو مع المتظاهرين العنصريين الذين لا يريدون للقضاء الإسرائيلي أن يحكم الإرهابيين اليهود ما داموا يعتدون على الفلسطينيين.

(إسرائيل) نتنياهو وأشباهه من العنصريين- أكثر من أي وقت مضى- محقونة بالأزمة، ومرتجفة بالخوف، فكلُّ ما راهنت عليه سقط، رهان التطبيع المجاني يسقط بكل رموزه التافهة، لعب الدور مع "حماس"، يسقط أيضًا لأنَّ "حماس" التي هي النسخة الفلسطينية من تنظيم الإخوان المسلمين تُناضل بيأس لتبقى في المشهد الفلسطيني الذي تجاوزها حضورًا وفاعلية – و(إسرائيل) مُحتقِنة بعلامات المأزق والسقوط.