تمثِّل التعاونيات الاقتصادية واجهة للتنمية، وهي تمهّد الطريق لتوفير إطار اقتصادي صغير، يضمن زيادة دخل الأُسَر وتثمين المنتجات، وتسهيل عملية التسويق، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاعات مختلفة. ويُقبِل ذوو الدخل المحدود، ومنهم المزارعون الصغار من الجنسين، بشكل كبير على تأسيس تعاونيات صغيرة، تعمل وفق نموذج اقتصادي تضامني وتكافلي. وهذا يساعد في تمكين شرائح عريضة داخل المجتمع من كسب نقاط قوة في تصريف منتجاتها.

وعند النظر إلى واقع الجمعيات التعاونية فإنَّ أبرز ما تحتاجه التعاونيات يكمن في تسهيل التمويل أولاً، ثُمَّ يجب أن تتوافر للتعاونيات الإمكانات المناسبة من مقرّات عمل وآليات للإنتاج والتصنيع، كي تستطيع في سنواتها الأولى مقاومة تحديات الأسواق، وعدم الاكتفاء بمنحها مساعدات مالية وقروضًا غير مضمونة الربح خلال توظيفها.

التعاونيات دعم صمود للمواطن ومواجهة للاحتلال لقد أصبح تأسيس التعاونيات الاقتصادية المنفذ الوحيد لمواجهة الاحتلال الاقتصادي الإسرائيلي، وتطبيق مبدأ مقاطعة المنتجات التي يُغرق بها الاحتلال الأسواق الفلسطينية في ظل غياب البدائل.

ولأنّ القطاع الزراعي الفلسطيني يعتبر العمود الفقري للنشاط الاقتصادي الفلسطيني، فإنّ تجميع جهود المزارعين في إطار تعاونيات اقتصادية زراعية، يهدف لتحسين الدخل وتوفير فرص العمل، وبالتالي الحد من البطالة .

كما أنّ هناك بعض النماذج التعاونية الناجحة التي كانت كفيلة بالمساهمة في دمج حياة المواطنين تعاونيًّا واعتبار التعاون منهجًا ديمقراطيًّا ونشر الفكر التعاوني بغية تحسين حياة المواطنين.

وهذا ما يشير وبوضوح إلى أن المنهج التعاوني إحدى الوسائل التي من الممكن أن تأخذ بيد المواطنين الفقراء والمهمشين بتجميع قدراتهم وطاقتهم البشرية والمادية والاستفادة من التجارب العالمية في الدول النامية والتي أثبتت التعاونيات في أنّها الملاذ الأخير في الأزمات الاقتصادية والعامل الهام في تصويب التشوهات الاقتصادية في المجتمع.

وقد جاء المرسوم الذي أصدره فخامة الرئيس محمود عبّاس بالمصادقة على قانون التعاون رقم 20 لسنة 2017، الذي تمَّ بموجبه إنشاء هيئة العمل التعاوني ليُشكّل نقلة نوعية في سبيل النهوض بالقطاع التعاوني في فلسطين باعتباره إحدى روافع التنمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وهذا سيشجّع بلا شك على جعل التعاونيات الاقتصادية الاجتماعية بوابة لمحاربة التهميش والإقصاء وكذا فرصة للتخفيف من البطالة. وقد تضمن القانون الجديد عدة جوانب إيجابيّة سيكون لها أثر ملموس في نهضة الحركة التعاونية في فلسطين، وذلك عندما أشار إلى إنشاء صندوق تنمية التعاون وسيكون نواة لبنك تعاوني لإقراض ودعم الجمعيات التعاونية في إقامة مشاريع ذات طبيعة مستدامة تخدم الأعضاء وتساهم في تنمية المجتمع.

وهنا أشير إلى إن هناك توجّهًا يسير نحو مأسسة عمل التعاونيات الاقتصادية، والبحث عن فرص تكامل فيما بينها، وذلك عبر تنظيم ورشات ولقاءات مكثّفة، غايتها الاطلاع على التجارب، ورصد الصعوبات التي تواجه التعاونيات الاقتصادية العاملة في العديد من المجالات. وهذا ما يعوّل عليه كذلك في إيجاد فرص استثمارية لفائدة الشباب والنساء.

إنَّ هيئة العمل التعاوني قد أخذت على عاتقها المسؤولية بصفتها الجهة الرسمية المشرفة على قطاع التعاون في فلسطين ووضعت نصب أعينها وضع خطة تتضمن زيادة مساهمة التعاونيات في التنمية والوصول إلى قطاع تعاوني مشغل وتحسين الأداء العام للجمعيات بما يشمل توسيع نطاق عمل هذه الجمعيات لتضم فئات وأعمالا جديدة مثل جمعيات تعاونية تضم فنيي المختبرات والأشعة والصيادلة وغير ذلك من الفئات وهذا ما يصب في تشغيل الخريجين العاطلين عن العمل.

مدير هيئة العمل التعاوني في محافظة الخليل محمد الرواشدة