تخيلوا هذه المعادلة، فدولة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري إسرائيل ستسرق شهريا نسبة من أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة) تساوي ما تدفعه منظمة التحرير الفلسطينية لأسر الشهداء وللأسرى الفلسطينيين شهريا ايضا، لكن قادة هذه (الاسرائيل) تكاد قلوبهم تنفطر على حال حماس وموظفيها في قطاع غزة، فتقرر تمرير منحة مالية الى قيادة حماس شرط تعهد حماس بمنع أي عمل مسلح انطلاقا من القطاع وايقاف مظاهر اشعال النيران عند السلك الفاصل بين غزة واراضي فلسطين المحتلة منذ العام 1948، ومنع اطلاق البالونات الحارقة نحو ما يسمى مستوطنات غلاف غزة.. هذا من حيث ظاهر الأمور أما باطنها والتي نعلمها جيدا ان الرشوة التي تلقتها حماس هي بمثابة دفعة على الحساب لاختبار ردة فعل مسلحيها ومنتسبيها، وقياس موافقتهم على اضطلاع قيادة حماس بتنفيذ متطلبات صفقة ترامب. فإذا مرت هذه الدفعة دون آثار سلبية على قدرة حماس على السيطرة وضبط الأمور فان دفعات مكافأة الانفصال ستتدفق بسيولة غير مسبوقة.
من باع دماء شهداء وأسرى وجرحى ومعاناة فلسطينيين هم جزء لا يتجزأ من شعب فلسطين علنا، وباع جماعته (الاخوان المسلمين) لعاصمة دولة (الولي الفقيه) طهران في العام 2006 لن يمتنع عن بيع القضية الفلسطينية عندما يصل الى حافة الافلاس المادي والسياسي .. وللتذكير فإن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق لـ "حماس" هو القائل أثناء لقائه حفيد الامام الخميني إن حماس هي الابن الروحي للإمام الخميني، وذلك في شباط/فبراير 2006.
ليست الـ (15 مليون دولار) الا (فراطة) او ما تسمى (فكة) قياسا الى المبالغ الطائلة التي تلقتها حماس لاجتثاث قلب المشروع الوطني ، فبعد تصريح مشعل المذكور، ووقوفه في حضرة الخامنئي رجع مشعل بـ (مليون دولار) كانت بمثابة مكافأة مقدمة سلفا على انقلاب حماس في 2007، وقد تفيدنا الأرقام للاستدلال على مهارة رؤساء المكاتب السياسية لحماس في بيع وشراء القضية، فإسماعيل هنية لم يستطع تحصيل اكثر من 15 مليون دولار شرط مرورها عبر نظام صراف الاحتلال الاسرائيلي وإخضاعها لشروط ليبرمان وزير حرب جيش الاحتلال، وقد يكون هذا المبلغ زهيدا قياسا للمبلغ الذي حصل عليه مشعل مقابل بيع جماعته الاخوانية، باعتبار حجم المكافأة لحماس على تنفيذ خطة الانفصال، واغتيال المشروع الوطني الفلسطيني وتقزيم الكفاح الفلسطيني وتحويله الى مجرد سلوك مافيوي وبلطجة، واشهار عقد العمل لصالح صفقة العصر (الأميركية الاسرائيلية) جهارا نهارا.
ما تفعله حماس الآن اخطر من الانقلاب الذي نفذته عام 2007 ذلك انها تغتال علنا الوعي الوطني الفردي والجمعي، وتبدد معاني الوطنية والكفاح والنضال وتبخر عزيمة آلاف الشباب والرجال والنساء الذين رأوا في مسيرات العودة السلمية سبيلهم للتعبير عن حقهم في الحرية والكرامة، ورفض الاحتلال وحصاره، فحماس قايضت دماء اخوتهم وابنائهم وبناتهم الشهداء، وباعت اطراف الجرحى وآلامهم، ومسخت الثوابت والأهداف الوطنية وبادلت كل ذلك (بالمال) وسوقت هذه (المقايضة الحرام) على انها انتصار على الحصار !!!!.
مكافأة الانقلاب ومال الانفصال القذر
14-11-2018
مشاهدة: 353
باسم برهوم
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها