تربّينا بين أحضان الفكرة والقدوة والعمل ومعسكرات الأشبال، وخُضنا معارك ذواتنا ننتقل من زاوية لأخرى ونتجاوز الحفر في الطريق الوعر ضد العدو الصهيوني، وما كان لنا أن نقفز ونتجاوز لولا النشأة الأولى التي لها يعود الفضل في تركيب المكوّنات الأولى للشخصية.
هنا تحديدًا يبدأ المرء يتلمّس مواضع خطواته بين الانبهار والفرح، وكثير من حُبٍّ الاستطلاع وما بين الرغبة باللعب والفهم تقع المساحة القادرة على تحقيق الانفعالات الثورية الممزوجة بالدرس الأول.
كان درسنا الأول في معسكر الأشبال عام 1975 أو لعلّه قبل أو بعد ذلك بعام، وفيه تعلَّمنا ما استقرَّ في الوعي حتى اليوم، ونحن نكاد نقفز من قطار الخمسينيات من العمر.
كلُّ شبلٍ كلُّ زهرة.. في صفوفِ الشعبِ ثورة
وستبقى مستمرّة.. ثورتي رمزُ الإباء
 في معسكر الأشبال كان لقاء لم نتبيّن فيه الأصدقاء إلّا بعد زمن طويل، الذين كان منهم الأخ (الوزير) ماهر محمد غنيم والأخ (الوزير) موسى أبو زيد، والأخ العزيز باسم المصري وغيرهم، ولكن من هؤلاء ما عرفنا صدفة وجودنا معًا بعد أعوام طويلة.
ما حفّزني للكتابة في الموضوع هو المؤتمر الثالث للأشبال والزهرات الذي انعقد في 7/9/2019 في رام الله من أرض فلسطين، الذي أقامته مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة "فتح" بمفوضها د.جمال محيسن، وهو المؤتمر الذي حضره الأشبال والزهرات مع عدد من القيادات والكوادر.
 وفيه أبدع المنظّمون للمؤتمر من قيادة مؤسسة الأشبال والزهرات والفتوّة في حركة "فتح" في تعليم أبنائنا الصيد، إذ وضعوا عبر المخيّمات الصيفية في يد كل منهم صنارة الصيد وتركوا لهم اختيار التوقيت ومكان الصيد.
يستحق الأخ موسى أبو زيد المسؤول عن مؤسسة الأشبال والفتوّة بالحركة كلَّ التقدير، وتستحق اللجنة المشرفة على المؤتمر من الإخوة والأخوات جميعًا كلَّ التقدير لأنَّ مجرّد فكرة الاجتماع للأشبال في محيط مشترك يجمع كل مناطق فلسطين في الضفة بممثّلين لهم ليختاروا مجلسهم هو تحدٍّ كبير مع من لم يبلغوا سن الحلم بعد.
هل لكَ أن تعلّمهم الديمقراطية والحوار وتفهّم الآخر، وأدوار الفعل القادم عبر محاكاة واقعية للمؤتمر ثُمَّ عمل تطبيق له؟
 يتساءل المشرفون هل لك أن تجعلهم يمثّلون (يتعلَّمون) الأدوار قبل يوم من المؤتمر أو أكثر، ليظهروا بأفضل حلّة حين يقفون شامخين أمام قيادة الحركة، وأمام أنفسهم؟
ما بين وضع جدول أعمال المؤتمر وتحديد رئاسة المؤتمر وما بين قراءة التقريرَين الأدبي والمالي ولوجًا للنقاش والتوصيات عبر اللجان المشكلة (الثقافية والفنية والاجتماعية والرياضية...) مسافةٌ يجب أن يقطعها الأشبال والزهرات مع اللجنة المشرفة الرائعة.
في مؤتمر الأشبال عيونٌ ناهدة نحو المستقبل، وقلوب مليئة بالحُبِّ الجارف لفلسطين، مع إحساننا توجيهها لتفكر معًا في إطار فهم معنى الحوار والاختلاف، وبما يقوي معاني الحوار لديهم بمعنى التفكير المشترك من أجل فلسطين، فنكون قد أوجزنا سياق مسيرة ونكون قد وضعنا الأرجل الصغيرة على درب الصعود.