من المستغرب حتى هذه اللحظة؛ أنَّ المفاجأة الحقيقية لورشة المنامة الاقتصادية لم يتم التلميح عنها من قريب أو بعيد، ولا زال الحدث الأكبر الذي يتصدر الأخبار حولها، ويُهدد نجاح هذه الورشة هو عدم الحضور الفلسطيني أو المشاركة فيها.
فقد باتت الكثير من المعلومات حول جدول أعمالها، والمتحدثين فيها، وموضوعات النقاش متوافرة في الإعلام والشبكات المختلفة، ولكن جميعها لا تحمل المفاجأة!
هذه الورشة التي ارتبطت بـ "صفقة القرن" الأمريكية واعتُبرت الشق الاقتصادي الواعد منها، بدأت تُفصح عن مكنوناتها رويداً رويدًا!
هي التي تسعى إلى السلام في الشرق الأوسط، تؤكّد للعرب المشاركين والمحتفلين بها، أنَّ أمريكا والاحتلال حريصتان على ألّا تقوم دولة فلسطين، فما زال المصطلح المستخدم في جدول الأعمال "الضفة الغربية" و"غزة" منفصلتين لا تجتمعا ولا تتقابلا، وحتى غاب مصطلح أراضي "السلطة الفلسطينية"!
أمريكا ما زالت تصر على غياب القدس عن الحل النهائي، وها هي تشرع في إعلان غيابها عن الوجدان العربي من إحدى العواصم العربية!
السلام الاقتصادي، والإنعاش المنشود الذي لن يعرف الحدود بين "تل أبيب" والخليج العربي هل يستطيع أن يمر من خلال الحدود المفروضة على مجمل الأراضي الفلسطينية؟
وهل ينجح رأس المال الموعود في تخطي الحصار؟ أم أنّ مصيره هو نفس المصير التي آلت إليها أموال الإعمار بعد الحروب التي شُنّت على غزة؟
ما هو مصير أي استثمار إذا ما أقدم مستوطن على تخريب أو تدمير المشروع، أو أنَّ حكومة الاحتلال قررت أن تصادر أمواله؛ لأنّها اكتشفت فجأة أنَّ الحارس الفلسطيني على بوابة المشروع "معتقل سابق" لدى الاحتلال؟!
أمّا إذا كان القصد بالاستثمار هو للاحتلال في الدول العربية؛ فهو قائم ومتواجد منذ سنوات، وعرف الازدهار وجرب الخسارة في حالات أخري، والسري منه في المجالات الأمنية والعسكرية، والطاقة إضافة للتكنولوجيا، أصبح سوقاً رائجة!
فما زالت "الفزاعة الإيرانية" تُستخدم بجدارة من أمريكا والاحتلال، كذلك الحال بشأن الاستقرار الداخلي للأنظمة القائمة!
لكن كل هذه القضايا قد تكون معهودة ومكررة ولا تحمل "المفاجأة"، فما الجديد الذي سيعلن النصر لـ"فريق ترامب" ويعطي "ترامب" زخمًا في حملته الانتخابية التي أعلنها، ويعطي "ناتنياهو" حبل النجاة في مستقبله السياسي الذي يُعتبر على المحك الآن؟
بالتأكيد أنَّ "ترامب" لن يسافر إلى المنامة الآن في ظل هذا التوتر المصطنع مع إيران، لأنّ زيارته ستؤكد وجود السلام والاستقرار في المنطقة، وتلغي ضرورة قيام صفقات عسكرية!
لكن هل يغامر "ناتنياهو" باعتلاء طائرته ويسافر إلى المنامة، ويُفتح له القصر الملكي، وتحظى عقيلته بأغلى لآلئ البحرين؟!
أيعقل أن تكون هذه "المفاجأة" التي تُعبّر عن النصر لهذه "الورشة المشؤومة"؟!
أيعقل أن تكون صورته في المنامة هي الهدف المنشود؟!
وأنَّ هذا ما تفتّقت عنه عقول الخبراء في مراكز الدراسات الاستراتيجية والسياسية في "واشنطن"؟!
دعايات انتخابية للفاشلين سياسيًّا!!