أدخلت جريمة اغتيال العنصر في حركة "فتح" محمد السعدي وتفاعلاتها مخيم عين الحلوة مجدداً في غرفة العناية السياسية والأمنية وسط تصاعد وتيرة المخاوف في الأوساط الفلسطينية من أن يكون ما يجري في المخيم مدبر ومقصود منه اشعال فتيل تفجير في اكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في لبنان وليكون جزءا من خارطة تفجير اوسع ترتسم اولى معالمها انطلاقا مما يجري في طرابلس ولا تنتهي بعين الحلوة بهدف ادخال لبنان في حال دائمة من الفوضى واللااستقرار.

الا ان ما يمكن ان يشكل عامل طمأنة بالنسبة للوضع في المخيم هو ان تفاعلات جريمة اغتيال السعدي بقيت محصورة برد فعل عائلته وسط استنكار وادانة عارمة لهذه الجريمة من قبل مختلف الأفرقاء في المخيم، وشبه اجماع فلسطيني على انها تأتي ضمن سياق مشبوه يهدف لاثارة فتنة داخل المخيم.

وفي هذا السياق بدا واضحا حجم الوعي الذي تحلت به مختلف القوى الفلسطينية في مواجهة هذه الجريمة، وكذلك المسؤولية العالية التي ابدتها عائلة السعدي سواء في رد الفعل على الجريمة او في التبرؤ من بيان نسب الى العائلة يحمل توقيع الجناح العسكري لآل السعدي ويتوعد بالاقتصاص ممن قتله، وبالتالي التزام العائلة بلجنة المتابعة الفلسطينية والقيادة السياسية الموجودة وضرورة ان تتحمل مسؤولياتها في كشف ومحاسبة من ارتكب هذه الجريمة. في وقت قررت العائلة تشييع السعدي بعد صلاة اليوم الثلاثاء 3-12-2013.

القيادة السياسية

فكيف عاش مخيم عين الحلوة يومه الأول بعد اغتيال السعدي، وما آخر ما توافر من معطيات حول هذه الجريمة؟

بعد ليل متوتر جراء استمرار عمليات اطلاق النار والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية من قبل شبان غاضبين لمقتل السعدي، لم ينم خلاله ابناء المخيم، حملت ساعات الصباح الى شوارعه هدوءا حذرا مصحوبا بأجواء من الترقب التي خرقتها بين الحين الآخر اصوات رشقات نارية قبل الظهر، وسط اقفال عام شل الحركة في شوارع المخيم تخوفا من انفجار الوضع الأمني على خلفية اغتيال السعدي، فأقفلت المؤسسات والمحال التجارية وعلقت الدراسة في مدارس الأونروا والعمل في مكاتبها وعياداتها، وعمد عدد من اقارب السعدي الى اغلاق الطريق لبعض الوقت في المكان الذي وقعت فيه الجريمة.

ومتابعة لتحركها الذي بدأته ليلا من خلال لجنة المتابعة الفلسطينية لتدارس الوضع الأمني المستجد في المخيم، عقدت القيادة السياسية الموحدة للقوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية اجتماعا طارئا لها في مقر اللجنة في المخيم للتداول في المستجدات المتصلة بمقتل السعدي وما توافر من معطيات حول ملابسات هذه الجريمة. حيث دان المجتمعون هذه الجريمة معتبرين ان هناك افرادا مرتبطين بجهات خارجية يعملون على ضرب امن المخيم واستقراره.

وقرر المجتمعون تشكيل لجنة تحقيق تتمثل فيها مختلف القوى الفلسطينية لجمع كافة المعلومات حول هذه الجريمة والاستماع لإفادات بعض الشهود ولجمع كافة كاميرات المراقبة المحيطة بمكان الجريمة والاستعانة بها للتحقق من هوية الجاني وبالتالي كشف كافة الملابسات المتصلة بها.

كما شارك في الاجتماع ممثلون عن عائلة ابراهيم عبد الغني الذي اصيب باطلاق نار اثر اغتيال السعدي وتم توقيف مطلق النار حيث طالبت عائلته بتسليمه الى السلطات اللبنانية وتأمين نفقة علاج ابنها في المستشفى.

خطاب وقال أمين سر القوى الاسلامية في المخيم الشيخ جمال خطاب: "من الواضح ان هناك استهدافا لأمن المخيم واستقراره عبر جرائم الاغتيال التي تنفذ من وقت لآخر، وهذه الأعمال التي يقوم بها البعض داخل المخيم لا بد انها مرتبطة بمشاريع خارجية تستهدف قضية فلسطين، لتسليط الضوء على امن المخيمات وتصويرها كبؤرة امنية لجعل هذه المخيمات في حال من الاختراق السياسي الذي يضر بقضية فلسطين وبوجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وبأمن المخيمات عامة، لذلك نعتبر ان كل جريمة تحصل في هذا المخيم هي ليست جريمة بحق عين الحلوة فقط وانما هي ايضا جريمة بحق قضية فلسطين.

ونحن سنتابع موضوع التحقيقات الامنية من خلال لجنة التحقيق المكلفة بالكشف عن هذه الجرائم والتي اتفق الجميع على رفع الغطاء عن اي مخل او اي شخص يتم معرفة دوره في هذه العمليات الاجرامية، ولذلك ستبقى اجتماعاتنا مفتوحة بهذا الصدد حتى يتم حسم هذه القضية التي بات من غير المقبول ان تستمر على هذا النحو. واعتبر خطاب ان الذي يعبث بأمن المخيم لا شك انه يرتبط بجهات خارجية ويخدم هذه الاجندات الذي ينفذ هذه الأعمال لحسابها. وتقدم بالتعزية من آل السعدي كاشفا عن ان "لجنة التحقيق تتابع بعض الخيوط المتوفرة حول هذه الجريمة".

من جهته، رأى قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب ان اناسا يعملون على تخريب امن المخيم مرتبطين بجهات خارجية او داخلية من اجل اثارة الفتنة في هذا المخيم. وقال: "ان اي حدث يحدث في لبنان ينعكس على هذا المخيم، وان لهم مصلحة ان يأتوا الى هذا المخيم كنهر بارد جديد، هؤلاء اعتبرهم عملاء جواسيس مرتزقة، لا يهمهم لا اطفال ولا نساء ولا هذا المخيم، لا يهمهم الا مصلحتهم الذاتية. ونحن بدأت تتكشف لنا خيوط بهذا الخصوص ونأمل ان نتوصل الى الحقيقة وان نكشف الجاني الذي يجب ان يدفع ثمنها كائنا من كان.. نحن في هذا المخيم نريد الأمن والاستقرار".

وقال عضو قيادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فؤاد عثمان: "من الواضح ان هناك محاولة لإستدراج المخيمات الفلسطينية في لبنان وخصوصا مخيم عين الحلوة لما يمثل من تنوع سياسي الى الصراعات الداخلية الفلسطينية الفلسطينية والصراعات الفلسطينية- اللبنانية.. وهناك قضيتان الاولى لها علاقة بما يجري في فلسطين وانهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وما يجري في منطقة الشرق الاوسط له تداخلات وتشعبات.. ويبدو ان هناك محاولة لتشويه وجهة السلاح الفلسطيني لتغيير وجهة استعماله وبما ينهي هذا السلاح".

بيان عائلة السعدي

كما شكل المجتمعون وفدا منهم توجه للقاء عائلة السعدي قدم لها التعازي، حيث طالبت العائلة اللجنة بالعمل على كشف وتسليم قاتل ابنها.

ولاحقا صدر عن عائلة السعدي بيان جاء فيه: "فجعنا بالأمس باغتيال احد ابنائنا المرحوم محمد السعدي، بدم بارد وبأيادي القتلة المحترفين، هذه الجريمة لم تكن الأولى بحق ابناء عائلة السعدي ولا بحق اهلنا في المخيم، فالمسلسل يتواصل ويستمر والجهات المنفذة معروفة مجهولة.

وان الاستمرار بمعالجة مسلسل الاغتيال المتواصل والتفجير والخروقات الأمنية بالطريقة السابقة التي تعتمدها القوى السياسية والهيئات الوطنية التمثيلية الموحدة "لجان تحقيق روتينية وتجهيل الفاعل وتحميل المسؤوليات دوما لجهات خارجية " ما هي الا محاولة مكشوفة ومفضوحة لتبرئة القاتل المعلوم المجهول في آن والاستمرار بالتغطية الواقعية لمسلسل الاجرام والقتل.

وان هذه الطريقة اثبتت بالواقع الملموس والحقائق الحسية ان الحرص على امن اهالي المخيم لا يمكن الا بمعالجة جدية تقضي بتسليم القتلة المحترفين الى الأجهزة الأمنية والقضائية لينالوا عقابهم، وليس بتغطية افعالهم والتعامي عن الحقائق الدامغة تحت شعارات وهمية مضللة ظاهرها الحرص على الأمن والأهالي بينما جوهرها تغطية القتلة واعطائهم الحماية والمشروعية".

وتوجه البيان الى اهالي مخيم عين الحلوة بالقول: "ان حرصنا على امن اهالينا يدعونا اليوم الى رفع الصوت وعدم القبول مجددا بالحلول الوهمية، مطلبنا واحد والمفترض ان يكون مطلب كل الحريصين على هذا المخيم وامن اهله وسكانه، تسليم القاتل الى اجهزة الدولة اللبنانية لأنه بهذا المطلب وحده يمكننا قطع دابر الفتنة وسد الطريق على القتلة ومنعهم من تنفيذ مشروعهم الهادف الى ادخال الفتنة والارباك الأمني الى المخيم. واننا لن ندخر جهدا او عملا لنحقق غاياتنا، ونأمل من جميع اهلنا في المخيم مشاركتنا، وندعو كافة القيادات والهيئات السياسية والمجتمعية لتحمل مسؤولياتها على قاعدة الحرص الحقيقي على المخيم وامن اهله".

وفي السياق نفسه نفت عائلة السعدي ان يكون قد صدر عنها اي بيان لا سيما البيان الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويتعلق بتشكيل جناح عسكري للعائلة للاقتصاص من قتلة ابنهم محمد السعدي واكدت العائلة ان مرجعيتها في هذا الامر هي لجنة المتابعة الفلسطينية.. وقال ابو ربيع السعدي احد اقارب المغدور: "ليس لنا اي علاقة بهذا البيان، ونحن لدينا لجنة متابعة وقيادة سياسية موجودة ويجب ان تتحمل مسؤولياتها على اكمل وجه.. هذه مسألة تخص المخيم وتخص اهلنا وهذا مشروع كبير ونحن لن نرضى الدخول في هذا المشروع ونحمل المسؤولية للقيادة السياسية، ولا نرضى اي جهة مأجورة ان تأخذنا الى اماكن لا نريد الذهاب اليها".

اما في المعلومات المتوافرة حول اغتيال السعدي، فإن التحقيقات تتركز حول تحليل الشريط المصور الذي التقطته احدى كاميرات المراقبة لمنفذ الجريمة والتي تظهر فيها ملامحه بوضوح، وفي ما يمكن ان تكون قد التقطته كاميرات أخرى قريبة من المكان تم سحب اقراصها المدمجة، علما ان لدى لجنة التحقيق خيوطا قد تقود الى كشف الجاني او من يقف وراءه، وان احد هذه الخيوط هي اختفاء الدراجة النارية التي تركها الجاني وراءه بعد ارتكابه الجريمة، وان اللجنة توصلت الى معرفة الشخص او الجهة التي اخفت الدراجة.

وفي تفاعلات جريمة اغتيال السعدي، اصيب الفلسطيني علي ابو الكل عن طريق الخطأ جراء اطلاق النار احتجاجا على مقتل السعدي في الشارع الفوقاني للمخيم.

الحريري

كما نشطت الاتصالات واللقاءات اللبنانية والفلسطينية على أكثر من صعيد لمتابعة التطورات، حيث بحثت النائب بهية الحريري في مجدليون مع رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور الأوضاع الأمنية في صيدا ومنطقتها.

وتابعت المستجدات في مخيم عين الحلوة فأجرت اتصالات بعدد من القيادات الفلسطينية في المخيم، واطلعت منهم على آخر التطورات، والجهود التي تبذل من اجل ضبط الوضع الأمني وكشف ملابسات جريمة الاغتيال التي استهدفت أحد عناصر حركة «فتح»، بما يساهم في نزع فتيل التوتر، حيث أثنت على هذه الجهود وتمنت على كافة الأفرقاء في المخيم العمل على تهدئة الأجواء لإفشال اية محاولة لجر المخيم الى الفتنة والاقتتال.

بدوره أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد أكد «أن أي تصعيد يؤدي الى صدامات داخلية، إن كان على المستوى الفلسطيني أوالمستوى اللبناني أوالعربي، هناك من يدعو ويسعى لتفجيره بين أبناء الشعب الواحد في فلسطين وفي مختلف البلدان العربية. ومن الواضح بأن العدو الصهيوني وراءه ولكن بأداوت، تتحرك بوعي أومن دون وعي، لتنفيذ الأهداف الصهيونية وتعمل من أجل تفجير هذه الصراعات».

وأشار الى «أن أي صراع داخلي له طابع عنفي إنما يصب في خدمة المشروع الصهيوني وأعداء الأمة العربية وأعداء الشعب الفلسطيني لافتاً الى ما يحصل في طرابلس وفي المخيم».

ودعا «الجميع الى توحيد الطاقات لمواجهة التحديات والمخاطر، ولمواجهة المشروع الاميركي الصهيوني الرجعي العربي، وأن الانخراط في الصراعات لا يخدم الا العدو الصهيوني».

كلام سعد جاء خلال لقائه وفداً من دائرة العلاقات العربية لـ منظمة التحرير الفلسطينية» في رام الله وقد ضم الوفد كلاً من: مدير عام الدائرة زياد سلعوس، ومدير دائرة الإعلام غسان أبو حنيش، ومستشار السفارة الفلسطينية في لبنان خالد عبادي بحضور محمد ظاهر عن التنظيم الشعبي الناصري. وقد جاء اللقاء للتباحث في مختلف الأوضاع على الساحة الفلسطينية وعلى الساحة العربية عموماً.

وأكد سعد في تصريحه «أننا جزء من النضال العربي في مواجهة الخطر الصهيوني، ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني وحسب،وانما ضد الشعوب العربية. وإن التعاون مع منظمة التحرير وقوى الثورة الفلسطينية أمر لا غنى عنه من أجل تعزيز النضال المشترك لهزيمة مشروع العدو الصهيوني فوق أرض فلسطين والأراضي العربية، وصولاً لتحقيق كامل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني كحق العودة وحق تقرير المصير فوق أرضه ووفق إرادته».

بدوره سلعوس قال: اليوم نلتقي بالدكتور اسامة أمين عام التنظيم الشعبي الناصري، هذا التنظيم الذي وقف دائماً الى جانب القضية الفلسطينية وكان ولا يزال مساندأً للحقوق الوطنية الفلسطينية، وأيضاً مسانداً لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».

وأكد سلعوس «أننا نراعي ونتمسك بالحفاظ على السلم الأهلي اللبناني الذي لا يتعارض أبداً مع الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني».

ونقل الوفد للدكتور سعد تحيات الشعب الفلسطيني في الداخل الفلسطيني والمعاناة التي يتعرض لها الأهالي من قبل قوات الاحتلال الصهيوني بشكل متواصل ومستمر.وهذه الانتهاكات هدفها طرد الشعب الفلسطيني من أرضه والسيطرة على مقدساته.

وفي نهاية اللقاء قدم سعد للوفد كتاب «نضال وثورة» الذي يتناول نضال الشهيد معروف سعد وبخاصة في القضية الفلسطينية.

من جهة ثانية أجرى سعد اتصالاً بأمين سر حركة «فتح» وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي أبوالعردات، لمتابعة الوضع في مخيم عين الحلوة بعد التطورات الأخيرة التي حصلت فيه.

بدوره، دعا الدكتور عبد الرحمن البزري «جميع الفصائل والقوى الفلسطينية على مختلف مساربها للعمل على تثبيت الهدوء وإزالة أجواء التوتر من مخيم عين الحلوة مستنكراً الأحداث الأمنية الأخيرة التي روعت المخيم وأهله وأدت الى سقوط ضحايا وخسائر».

 واعتبر البزري «أن هنالك من يُحاول الاستفادة من هذه الأحداث لإعادة تركيز الضوء الأمني على المخيمات وربطها بمختلف الملفات الأمنية. وأن أمن صيدا وأمن عين الحلوة لازمتان لا تفترقان كما هو حال أمن الفلسطينيين في لبنان كجزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي اللبناني، فندعو لإحلال الحوار مكان العنف والاقتتال لأنه الحل الوحيد الممكن والمقبول في هذه الظروف الحرجة والدقيقة».

من جانبها قالت جريدة النهار: فشلت مساعي "لجنة المتابعة الفلسطينية" في مخيم عين الحلوة في اقناع عائلة السعدي بدفن ابنها محمد السعدي الذي اغتاله مسلحان مساء الأحد، إذ انها تصر على رفض دفنه قبل كشف هوية مطلقي النار واعتقالها وانزال اشد العقوبات في حقهما. ولا يزال الوضع في المخيم مأزوماً مع استمرار عائلة السعدي واصدقاء القتيل في قطع بعض الطرق داخله.

وكان وفد من القيادة السياسية للفصائل و"القوى الوطنية والاسلامية" في المخيم التقى عائلة السعدي، وبحث معها في التدابير والاجراءات التي اتخذتها اللجنة الأمنية من أجل كشف الجاني واعتقاله فورا، الا ان العائلة اصرت على موقفها الداعي بعدم الموافقة على دفن محمد السعدي أو إعادة فتح الطريقين الرئيسيتين المقفلتين منذ جريمة الاغتيال. وابدت مصادر فلسطينية خشيتها من انفجار الوضع الأمني في حال دخول طرف ثالث على خط التصعيد.

وعقدت "لجنة المتابعة" اجتماعا في مقرها ناقشت فيه الحادث وما تبعه من تبادل للنار، ووصف أمين سر حركة "فتح" في عين الحلوة ماهر شبايطة ما حصل بأنه "أمر خطير"، مشيراً الى "أن يد الفتنة التي قتلت محمد السعدي، أطلقت النار على مواطن من آل عبد الغني لا ناقة له ولا جمل، إلا أنه صودف أنه من بلدة الطيرة، و علينا الاسراع في العمل لحل القضية قبل ان تتحول الى عشائر و بلدات رغم صعوبة الموقف، إذ قتل من آل السعدي ثلاثة الى الآن من دون أن تقدم الفصائل اليهم القاتل، وهذا سيزيد صعوبة التعامل مع الملف، إلا أنه ملف فتنة ينطوي على كثير من المخاطر إذا أهمل".

أمّا جريدة البلد فقالت: بدا مشهد عين الحلوة امس كـ "الجمر تحت الرماد"، قابل للاشتعال في أي لحظة، وبدت معه القوى السياسية الفلسطينية في سباق محموم بين مساعي "التهدئة" و"الانفجار" الأمني في اعقاب جريمة اغتيال العنصر في حركة "فتح" محمد عبد القادر عبد الحميد الملقب "محمد السعدي"، وهي الثانية الاخطر بعد اغتيال العنصر في القوة الامنية الفلسطينية مسعد حجير قبل شهر ونيف، طارحة تساؤلات كثيرة عن توقيته وما اذا كان هناك رابط ما بما يجري من اشتباكات في طرابلس.

استبعدت مصادر فلسطينية لـ "صدى البلد"، ان يكون هناك رابط مباشر بأحداث طرابلس، ولكنها في الوقت نفسه لا تستبعد ان يكون هناك استغلال لجهة توقيته لتمرير تصفية حسابات، ومحاولة ايقاع الفتنة بين حركة فتح من بوابة عائلة آل السعدي وبين الاسلاميين من بوابة الناشط بلال بدر على خلفية الاشكالات والاشتباكات السابقة بينهما، في وقت اجمعت فيه القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية على ضرورة تجنيب أكبر مخيم في لبنان لهيب الخلافات السياسية والامنية اللبنانية والسورية.

وابلغت المصادر، ان المساعي الحميدة التي تبذلها القوى الفلسطينية تتركز على تمرير المرحلة الصعبة بأقل الخسائر الممكنة، على اعتبار انها لم تستكمل كل الخطوات العملية التي يمكن ان تحصن أمن المخيم "الهش" عمليا، فمعادلة "الامن بالتراضي" و"المربعات الامنية" و"عدم رفع الغطاء السياسي عن اي مخل بالامن".. ما زالت عوائق اساسية امام تحقيق هذا الهدف المنشود، رغم نجاحها في تشكيل لجنة قيادية تعتبر مرجعية سياسية هي القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان، ونجاحها ايضا في تشكيل قوة امنية مشتركة تنتشر للمرة الاولى في المخيم.

توتر واستنفار

وكانت اجواء التوتر والاستنفار خيمت على المخيم بعد اغتيال السعدي، فيما اصيب بالعملية نفسها العنصر في "الجبهة الشعبية" عبد اليوسف بجروح في قدمه، واصيب الحاج ابراهيم عبد الغني بعد تجدد اطلاق النار بجراح خطرة ولم يفارق الحياة بعدما اجريت له عملية في الراس في مستشفى صيدا الحكومي وهو في غرفة العناية المركزة بين الحياة والموت بعدما اصيب بكسور في الجمجمة".

وأكدت مصادر فلسطينية، انه جرى التعرف على هوية مطلق النار على الحاج عبد الغني ويدعى "محمد.ش" وهو احد عناصر حركة "فتح" وقد فر الى قريبه الناشط الاسلامي في "جند الشام" سابقا "هيثم.ش" في حي الطوارئ ولكنه لم يستقبله فعاد ادراجه لتوقفه حركة فتح بغية تسليمه، بينما أظهر شريط تسجيل لإحدى كاميرات المراقبة في مسرح عملية الاغتيال، احد الاشخاص يقود دراجة نارية ثم يترجل منها، ويهم مسرعا بالدخول الى محل اليوسف المعد لبيع الادوات الكهربائية على مقربة من مستشفى "النداء" الانساني في الشارع الفوقاني، قبل ان يطلق النار مباشرة على السعدي وعلى مسافة قريبة ما ادى الى مقتله، اضافة الى اصابة اليوسف.

حركة مشلولة

وعلى وقع التحقيقات، بدت الحركة في المخيم معدومة، اقفلت مدارس الاونروا ابوابها والكثير من المؤسسات التجارية خوفا من تطور الوضع الامني فجأة، فيما خفت الحركة في سوق الخضار، وتواصل اقفال الطريق في الشارعين الفوقاني والتحتاني من قبل آل السعدي للمطالبة بكشف القاتل والاقتصاص منه، تزامنا مع اطلاق نار متقطع بين الحين والآخر ادى الى اصابة الشاب علي فرهود بجروح في قدمه، فيما عقدت القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية و"لجنة المتابعة الفلسطينية" اجتماعا طارئا في مقرها بحثت فيه تفاصيل الحادث الامني، قبل ان يتوجه المشاركون الى منزل فادي السعدي ويعقدوا لقاء مع العائلة لم يخلُ من حدة في الخطاب، أصرت خلاله العائلة على كشف ملابسات جريمة الاغتيال على اعتباره الثالث الذي يستهدف ذات العائلة بعد اغتيال ابو ماهر السعدي وعماد السعدي الذي صودف اغتياله في ذات التاريخ من العام الماضي في الاول من كانون الاول 2012، مصرين على كشف الجناة ومحاسبتهم حتى لا يبقى افراد العائلة عرضة للاغتيال دون محاسبة، وعلم انه لم يتم الاتفاق على دفن المغدور ولا على اعادة فتح الطريق، ما يعني ان الوضع في المخيم بقي مفتوحا على كل احتمالات التوتير بانتظار ما ستؤول اليه لجنة التحقيق التي قررت الاستماع الى افادات الشهود ومراجعة كاميرات المراقبة في المنطقة.

كشف الفاعلين

وابلغ امين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" العميد ماهر شبايطة، ان الوضع الامني متوتر جدا في المخيم ولكنه ممسوك الى الآن، والمساعي تنصب على كشف الفاعلين حتى لا يبقى المخيم رهينة بيد "مجموعة مرتزقة" تحترف القتل، معتبرا ان الهدف ليس فقط استهداف عائلة السعدي المناضلة التي قدمت شهداء في سبيل القضية الفلسطينية وانما أمن واستقرار المخيم وجهود قواه السياسية الوطنية الاسلامية في تجنيبه اي تداعيات".

 بينما اعتبر أمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات "أن عملية الإغتيال الجبانة هي مشبوهة تستهدف زعزعة الأمن والإستقرار في المخيم وتستهدف ضرب الوحدة التي تحققت بين كافة القوى والفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية". وترأس ابو العردات في مكتبه في مخيم المية ومية إجتماعا لفصائل المنظمة. وثمّنت القيادة السياسية الجهود التي تبذل من قبل اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا ولجنة المتابعة الوطنية والإسلامية في مخيم عين الحلوة، مؤكدة على خطواتها وتوجهاتها لمتابعة التحقيق للكشف عن منفذي عملية الإغتيال ومن يقف خلفها لتقديمهم للقضاء اللبناني للإقتصاص منهم، مناشدة كافة القوى الوطنية والإسلامية واللجان الأمنية والشعبية وشعبنا في لبنان للوقوف صفاً واحداً لمواجهة كافة المشاريع المشبوهة التي تستهدف أمن مخيماتنا واستقرارها وعلاقتها مع الجوار.