فرضت التطورات الأمنية الأخيرة على الساحة اللبنانية، المزيد من التحركات السياسية واللقاءات التنسيقية بين مختلف القوى اللبنانية والفلسطينية في الجنوب، بغية الحفاظ على الأمن والاستقرار العام في البلاد، لا سيما على صعيد المخيمات الفلسطينية، خاصة بعد قيام أحد الفلسطينيين بالمشاركة في العملية الانتحارية ضد السفارة الإيرانية في بيروت، مما زاد من توتير الأجواء في البلد، واستدعى بالمقابل المزيد من تكثيف التحركات لمنع تحقيق المتربصين باللبنانيين والفلسطينيين شراً من تحقيق أهدافهم المذهبية الإجرامية.            

وأكدت رئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري، أن "لبنان يمر بظروف صعبة علينا أن نواجهها دائما بالوعي والحكمة"، وأوضحت أن "أمامنا مسؤولية كبرى في الحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي وفي العمل من أجل تمرير هذه المرحلة بكثير من التضامن الوطني". ودعت الى "تعاون الجميع من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار"، معربة عن ثقتها بوعي جميع اللبنانيين بعدم الانجرار الى اي فتنة ، وشددت على "ضرورة عدم زج الفلسطينيين في أي نزاعات محلية أو صراعات إقليمية، وعدم إلصاق التهم بهم ومنع اللعب بالساحة الفلسطينية او الساحة اللبنانية وأن لا تكون الأولى ساحة تجاذب والثانية ساحة رسائل ".

استقبلت النائب الحريري في مجدليون أمس، وفداً من القيادة السياسية الموحدة للقوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية في لبنان بحضور منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود، وضم الوفد : "امين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي ابو العردات ، قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب ، عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير صلاح اليوسف، عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية عدنان ابو النايف، امين سر لجنة المتابعة الفلسطينية عبد مقدح وعضو اللجنة ابو وائل زعيتر، مسؤول جبهة النضال الشعبي الفلسطيني ابو العبد تامر، مسؤول حزب الشعب الفلسطيني غسان ايوب، مسؤول الجبهة العربية الفلسطينية محيي الدين كعوش، مسؤول العلاقات السياسية في حركة الجهاد الاسلامي شكيب العينا ومسؤول الحركة في منطقة صيدا عمار حوران، مسؤول حركة حماس في منطقة صيدا ابو احمد فضل، مسؤول العلاقات في عصبة الأنصار ابو سليمان السعدي، نائب امين عام انصار الله محمود حمد، ومسؤول اللجنة الاعلامية للقيادة السياسية الموحدة عصام الحلبي ". وجرى خلال اللقاء التداول في المستجدات على الساحتين اللبنانية والفلسطينية والوضع في المخيمات.

وأكدت الحريري امام الوفد أن "لبنان يمر بظروف صعبة علينا ان نواجهها دائما بالوعي والحكمة وان امامنا مسؤولية كبرى في الحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي وفي العمل من اجل تمرير هذه المرحلة باقل ضرر وبكثير من التضامن الوطني" .واعتبرت أنه "مهما كانت المخاطر والتحديات كبيرة وخطيرة ، بامكاننا بالتواصل والحوار التصدي لتداعياتها والتخفيف من وطأتها على الناس".

وقالت: "بتعاوننا جميعا نحافظ على الأمن والاستقرار في منطقتنا تحت مظلة الدولة وقواها الأمنية التي لدينا ثقة بها ولدينا ثقة بأن هناك وعيا كبيرا لدى جميع اللبنانيين بعدم الانجرار الى اي فتنة ،وان المطلوب لبنانيا وفلسطينيا هو تكثيف التواصل واللقاءات لمنع اي خلل او اختراق للنسيج اللبناني او للساحة الفلسطينية في لبنان. واننا حريصون كما حرصكم على عدم زج الفلسطينيين في اية نزاعات محلية او صراعات اقليمية، وعدم إلصاق التهم بهم ومنع اللعب بالساحة الفلسطينية او الساحة اللبنانية وان لا تكون الأولى ساحة تجاذب والثانية ساحة رسائل".

وأضافت الحريري: "إن الحق بالاختلاف أمر طبيعي لكن المهم هو الاجماع على الثوابت الوطنية وهي بالنسبة للبنان سلمه الأهلي وعيشه الواحد ضمن التعددية والتمسك بالدولة ومؤسساتها مرجعا وحيدا لكل اللبنانيين ومسؤولة عن امنهم واستقرارهم ، وبالنسبة للأخوة الفلسطينيين في لبنان امن واستقرار المخيمات والجوار ان تبقى وجهتهم قضية فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في تحرير ارضه واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة لاجئيه ،والحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية التي يعبر عنها هذا الوفد الجامع لكل الوان الطيف الفلسطيني والذي يدل على المسؤولية العالية التي يتحلى بها الأخوة الفلسطينيون في لبنان".

وتوقفت الحريري عند خصوصية تزامن هذا اللقاء عشية اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 الجاري، معتبرة ان "هذا اليوم الذي اقرته الأمم المتحدة انما يعبر عن قضية شعب ظلم واقتلع من ارضه وناضل حتى ابقى قضيته حية ، ولغاية اليوم هو الشعب الوحيد في العالم الذي ليس لديه دولة، وهو يحتاج الى تضامن حوله وحول قضيته حتى يتم الضغط لإيجاد حل للدولة الفلسطينية. من هنا يجب دعم هذه القضية بكل الوسائل السلمية ونحن في صيدا ستكون هناك بهذه المناسبة وقفة في كل المدارس ليعبر الطلاب عن دعمهم للقضية الفلسطينية التي ستبقى هي القضية المركزية لكل الشعوب العربية وقضية الأجيال الجديدة التي تعبر عن وعي لكل القضايا .. وأملت الحريري ان تنعم كل الشعوب بالأمن والاستقرار ضمن مساحة من الحرية والديموقراطية وتحت قيادات حكيمة وواعية ".

وتحدث أبو العردات بإسم الوفد، فأكد أن "الأوضاع حافلة بالأحداث، تطرقنا الى موضوعين : موضوع مناسبة احياء ذكرى استشهاد الرئيس ابو عمار وعملية الاغتيال وهذه الجريمة السياسية بامتياز، وطبعا نحمل الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية، وهناك كذلك الأمر مناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني من كل عام والذي اقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977 يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني من اجل حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.وهناك مجموعة من النشاطات اللبنانية الفلسطينية ، هناك نشاط بالتعاون مع بلدية صيدا واللجنة اللبنانية الفلسطينية للتنمية والحوار وكذلك مجموعة نشاطات مع كافة القوى والأحزاب اللبنانية في المدارس والجامعات وفي المخيمات، في اطار وحدة فلسطينية لبنانية مشتركة من اجل إحياء هذه المناسبة للتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف" .

وقال: "كذلك اكدنا اهمية العلاقات الفلسطينية اللبنانية على كافة المستويات السياسية والعسكرية والأمنية، والتعاون من اجل وأد الفتنة وبالتالي اكدنا موقفنا الثابت في هذا المجال وهو سياسة الحياد الايجابي ، والوقوف بوجه كل الجرائم والعمليات الارهابية التي حصلت بدءا من الضاحية مرورا بالشمال وآخرها في محيط السفارة الايرانية . حيينا ارواح الشهداء وتمنينا للجرحى الشفاء العاجل" .

وأضاف: "كذلك الأمر تطرقنا الى الوضع في المنطقة، في ظل المعاهداتوالاتفاقات التي عقدت ونأمل ان تكون هناك نافذة تفتح من اجل توطيد الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الملتهبة، وعلى قاعدة اننا واخوتنا اللبنانيين نواجه مصيرا واحدا وفي خندق واحد ، وبالتالي التعاون والتكامل يجب ان يبقى قائما على الأسس التي قامت عليها التفاهمات .. والسياسة الفلسطينية في هذا البلد هي سيادة القانون ودعم السلم والإستقرار في لبنان وان امن المخيمات هو جزء من الأمن اللبناني وان الأمن هو كل لا يتجزأ".

الى ذلك زار الوفد الفلسطيني، منسقية تيار "المستقبل" في الجنوب، والتقى المنسق العام الدكتور ناصر حمود في حضور مسؤول دائرة صيدا في التيار أمين الحريري والمسؤول التنظيمي المحامي محيي الدين جويدي وعضوي مكتب المنسقية" رمزي مرجان وكرم سكافي.

وجرى خلال اللقاء استعراض الاوضاع على الساحتين اللبنانية والفلسطينية واوضاع المخيمات ولا سيما مخيم عين الحلوة حيث كان تأكيد مشترك على اهمية تحصين امن المخيم والجوار .

واثر اللقاء تحدث قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب بإسم الوفد فقال: كان اللقاء ممتازاً، ونحن دائما نلتقي مع الأخوة في تيار المستقبل ووضعناهم في صورة امن واستقرار المخيمات، خاصة في ضوء ما يشن على المخيمات من شائعات ومن تسليط الضوء من قبل بعض الاعلام الذي يحاول زج المخيمات في امور ليس لها صلة بها لا من قريب ولا من بعيد".

واضاف: "استنكرنا ونستنكر التفجيرات التي وقعت امام السفارة الايرانية وفي الرويس وفي طرابلس وكل المناطق، نحن كفلسطينيين نستنكر كل الاعمال الاجرامية التي تطال اي منطقة من لبنان ،لأن لبنان وجه حضاري وجه سياحي جميل لا يتحمل هكذا امور، ونعتبر ان الوضع الامني في المخيمات جيد ونتمنى ان تبقى الامور كما هي ونطمئن اخوتنا اللبنانيين ان امننا من امن الجوار وامن الجوار من امننا ونحن واياهم يد واحدة".

من جهته قال الدكتور ناصر حمود: "أجواء اللقاء مع القيادة الفلسطينية الموحدة جيدة، والوفد تمثل فيه كل الفصائل وكل التوجهات السياسية الفلسطينية وهو امر يستحق التنويه .جرى التطرق الى ما يجري من محاولات من البعض لإقحام الأخوة الفلسطينيين في كل اشكال امني او عسكري يحصل على الارض اللبنانية وهذا امر مستنكر ومرفوض. كما جرى البحث في موضوع الحقوق المدنية والاجتماعية للأخوة الفلسطينيين والذي سبق ان كنا السباقين في طرحه سواء في اللجنة اللبنانية الفلسطينية للحوار والتنمية او في تيار المستقبل بالمطالبة بالحق المدني للاخوة الفلسطينيين ونتمنى بعد انقشاع هذه الغيمة التي تغطي لبنان أن نعيد تفعيل المطالبة والتحرك بهذا الخصوص".