أكد وزير العدل علي أبو دياك، على حق فلسطين في الملاحقة القانونية للحكومة البريطانية، وبحث كافة الوسائل والخيارات المتاحة لمقاضاة المملكة المتحدة على وعد بلفور ونتائجه وآثاره.
وجاء ذلك خلال مشاركة الوزير أمس الخميس في المؤتمر الدولي الذي نظمته مفوضية العلاقات الدولية في حركة "فتح" بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور المشؤوم، بمشاركة عدد من أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" وعدد من الشخصيات الاعتبارية والرسمية.
وقال أبو دياك: "إن هذا الوعد الذي وضع الأساس غير المشروع الذي أدى إلى نكبة شعبنا الفلسطيني، وتهجيره وتشرده من وطنه وأرضه ودياره، حيث شارك الانتداب البريطاني العصابات الصهيونية في احتلال فلسطين، وإقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي على حساب شعبنا وإرثه التاريخي وهويته الوطنية والقومية وحضارته العريقة، وانتهاك حقه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير".
وذكر "أن هذا الوعد أسس لارتكاب العصابات الصهيونية أبشع الجرائم والمجازر بحق أبناء شعبنا، وهدم مدنهم وقراهم ومساجدهم وكنائسهم وبيوتهم التي نشئوا فيها وورثوها عن آبائهم وأجدادهم".
وأضاف: "وتعد بريطانيا شريكاً للعصابات الصهيونية بكافة الجرائم والمجازر التي ارتكبتها بحق شعبنا خلال فترة الاحتلال والانتداب البريطاني لفلسطين، كما ارتكبت المملكة المتحدة نفسها كقوة احتلال وانتداب جرائم بشعة بحق شعبنا وأرضنا، بالإضافة إلى أن بريطانيا لا يمكن تبرئتها وما تزال شريكا لدولة الاحتلال الإسرائيلي بكافة الجرائم وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان التي ارتكبتها إسرائيل، وما زالت ترتكبها بحق أبناء شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
وتابع "لقد أصدرت بريطانيا وعد بلفور وتعهدت والتزمت بالوفاء به، وقامت بتنفيذه فعلا وتدريجيا وخطوة بخطوة خلال فترة احتلالها وانتدابها لفلسطين التي امتدت حوالي ثلاثين عاما من 1917م حتى 1948م، وقد ارتكبت هذه الجريمة مع سبق الاصرار، حيث قامت بتنفيذ التزام غير مشروع من حيث المحل والموضوع والسبب، وارتكبت الجرائم بحق شعبنا خلال حقبة احتلالها وانتدابها لفلسطين، وساعدت العصابات الصهيونية المسلحة على ارتكاب الجرائم والمجاز ضد أصحاب الأرض الأصليين".
وأردف إن بريطانيا قامت بالاحتلال العسكري لفلسطين قبل صدور صك الانتداب بمدة خمسة أعوام، ودخلت القوات العسكرية البريطانية إلى فلسطين، تحت راية الحلفاء، واحتلال القدس بتاريخ 9/12/1917م، وقام "الجنرال ألنبي" قائد الحملة العسكرية التي احتلت القدس بإعلان الأحكام العرفية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرت فترة الحكم العسكري حتى تاريخ 1/تموز/1920م، وتم استبدال الحكم العسكري البريطاني بحكم مدني خلافا لعهد عصبة الأمم، وعينت بريطانيا أول "مندوب سام" لها على فلسطين "هربرت صمويل" في 1 تموز 1920م وتعيينه رئيس المجلس التنفيذي والمجلس الاستشاري، وهو رجل أعمال يهودي صهيوني بريطاني ووزير سابق في الحكومة البريطانية، وكان هدفه الأول تنفيذ وعد بلفور الذي كان له دور بإصداره.
وقال: "لقد منحت بريطانيا له كافة صلاحيات الحكم والإدارة والتشريع، وأمعن في إدارة الحكم بطريقة استعمارية صهيونية، وإصدار التشريعات والأوامر التي تشجع هجرة اليهود إلى فلسطين، وتسهيل تسريب الأراضي لليهود، وإقامة المستوطنات اليهودية، والاعتراف بمؤسساتهم الاستيطانية الصهيونية".
وقدم وزير العدل قراءة قانونية في نصوص وعد بلفور، مؤكدا بأن بلفور قد أصدر هذا الوعد ليس باسمه وصفته كوزير خارجية فحسب وإنما باسم الحكومة البريطانية برئاسة "ديفيد لويد جورج" الذي تولى رئاسة الوزراء ما بين 1916 حتى 1922م، وهي حكومة الملك ""جورج الخامس"" الذي تولى العرش ما بين 1910 حتى 1936م، وبأن رسالة بلفور لم تقتصر بصيغتها على مجرد وعد من بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، بل تعهدت بريطانيا في الرسالة ببذل كامل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية.
وأضاف: "كما أن رسالة بلفور تعترف بالأقلية اليهودية في فلسطين بأنهم الشعب اليهودي في فلسطين، علما بأن نسبة السكان اليهود في تلك الفترة لم تتجاوز 5% من عدد السكان بما يساوي حوالي 40.000 يهودي من أصل مجموع عدد السكان البالغ حوالي 800,000 ثمانماية ألف، وفي المقابل فإن رسالة بلفور تنزع الاعتراف بالشعب العربي الفلسطيني في فلسطين مسلمين ومسيحيين، وتنزع عنهم صفتهم كمواطنين أصليين، وتتنكر للحقوق الوطنية والسياسية للشعب العربي الفلسطيني، وتعتبرهم مجرد طوائف أخرى غير يهودية مقيمة في فلسطين تتمتع بحقوق مدنية ودينية، علما بأن المواطنين العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين كانوا يشكلون نسبة 95% من عدد السكان، بما يساوي 760,000 عربي فلسطيني.
وقال: "ولم يوجه بلفور رسالته إلى "روتشيلد" بصفته زعيم الطائفة اليهودية في بريطانيا فحسب، وإنما وجهها من خلاله للاتحاد الصهيوني، حيث ختم رسالته بعبارة (وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح)، وبهذه العبارة يضفي على وعده التأكيد على أنه وعد وتعهد والتزام رسمي صادر من الحكومة البريطانية وموجه إلى الاتحاد الصهيوني".
وأشار أبو دياك إلى أن الانتداب البريطاني على فلسطين قد خالف ميثاق عصبة الأمم وبأن الحكومة البريطانية قد مارست الغش والخداع تجاه فلسطين، حيث أن قرار عصبة الأمم بوضع الأقاليم والبلدان التي انفصلت عن الدولة العثمانية تحت انتداب الدول الكبرى، كانت الغاية منه أن تلتزم دول الانتداب بمساعدة شعوب هذه الأقاليم والبلدان التي وضعت تحت الانتداب في إدارة نفسها وتمكينها من الاستقلال، وتلتزم بالحفاظ على وحدة أراضيها، وضمان حق هذه الشعوب في تقرير مصيرها، وذلك بموجب المادة (22) من ميثاق عصبة الأمم.
وحمل وزير العدل، بريطانيا كامل المسؤولية القانونية والقضائية والجنائية والسياسية والمادية والمعنوية والتاريخية عن إصدارها لوعد بلفور واحتلالها وانتدابها غير القانوني على فلسطين، وعن نكبة شعبنا، مضيفا: إن قرار رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بالاحتفال بمرور مئة عام على الوعد، يؤكد أن الحكومة البريطانية ماضية في عدائها لشعبنا وانتهاك حقوقه العادلة، وتؤكد تبنيها للجريمة التاريخية التي نتجت عن وعد بلفور.
ودعا جميع أحرار العالم وأحرار الشعب البريطاني لتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي والقانوني والجماهيري لإجبار الحكومة البريطانية على تقديم اعتذار رسمي عن سياستها التميزية والعنصرية ضد شعبنا، والعمل على تصويب سياستها تجاه شعبنا وحقوقه العادلة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها