المشهد في إسرائيل على صعيد توازن القوى داخلياً، وعلى صعيد علاقاتها مع العالم يؤكد أنَّها تندفع إلى الأسوأ داخلياً، وتندفع إلى الأخطر، في الداخل كل من هو ليس مع نتنياهو، أو يختلف معه قليلاً أو كثيراً، ومع إدارته لهذا الائتلاف الذي تتشكل منه الحكومة الإسرائيلية الحالية، هو عدو داخلي، خائن لليهودية، يسار بكل ما أصبحت تحمله كلمة يسار في ظل الائتلاف بقيادة نتنياهو من صفات قبيحة، بل يمكن القول إن إسرائيل الحالية تتحول شيئاً فشيئاً إلى عائلة حاكمة، أو نخبة حاكمة، أعلى من مستوى مجموع الإسرائيليين، وإنَّ هؤلاء الإسرائيليين سواء كانوا يهوداً أو عرباً لا يستحقونها ولذلك فهم يتآمرون عليها!.

والوضع نفسه ينطبق على علاقات إسرائيل خارجياً، ابتداءً من العلاقة مع جيرانهم الفلسطينيين أو دول العالم الذي ينتظم منذ عقود في إطارات ومنظومات ومنظَّمات دولية، فهذا المجتمع الدولي، وهذا القانون الدولي لا يعني لإسرائيل شيئاً، إنه مجرد عدو لأنه لا يعرف الحكمة من وراء اعتداءات إسرائيل، وتعاليها على الشرعية الدولية، وموقفها العدائي المطلق من قواعد القانون الدولي، فإسرائيل لا تعترف بأنَّها دولة احتلال، وإنها تحتل أرض الفلسطينيين بالقوة الطاغية، وأنَّ هذا يخالف القرارات الدولية ويخالف القانون الدولي بما في ذلك القرار الذي أسس لوجود إسرائيل وهو القرار 181 ويعرف بقرار التقسيم الذي نص على قيام دولة فلسطين بجانب دولة إسرائيل، فأين دولة فلسطين؟ وكل من يذكر ائتلاف نتنياهو بذلك يصبح عدواً بالمطلق، ولا يجب التعاطي معه، وحتى إقرار قرار بهذا الخصوص من مجلس الأمن وهو القرار 2343 ضد الاستيطان، يرد عليه ائتلاف نتنياهو بصيغة الاستنكار، أي استيطان، نحن لسنا محتلين، هذه أرضنا وعدنا إليها، شيء سيئ للغاية، وعدوانية منفلتة، وعنصرية عمياء، وقد يبدو هذا سيئاً للغاية، ولكن هناك وجه آخر للمسألة وهي أنَّ إسرائيل لم تعد مفهومة بالمرة، لم تعد في مجال إمكانية التعامل معها، لم تعد على صلة بوعوده القديمة، هاربة من الاضطهاد العالمي، بل هي الرمز الأكبر للعدوان، ورفض الإصغاء لأي شيء على الإطلاق، وطريق الكراهية لها أصبح مفتوحاً بلا عوائق، دولة ضد العالم رغم مناصريها من الكبار أو بعض الصغار المتساقطين، وهذه الدولة ستنتج مشاكلها العميقة، لأنَّ لا أحد يستطع أن يعيش ضد التاريخ.