قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين رياض المالكي، "إننا نتطلع نحو مواصلة تعميق وتعزيز علاقاتنا الثنائية مع اليابان، ونرفع سقف توقعاتنا نحو تتويج العلاقة الفلسطينية اليابانية في المستقبل القريب باعتراف اليابان بدولة فلسطين، تماشيا مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة".
جاء ذلك في كلمته أمام الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للحوار السياسي العربي الياباني في الجلسة المغلقة التي انطلقت أعمالها في مقر الجامعة العربية، بحضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.
وأضاف المالكي أن "ما كفلته القرارات والمواثيق الدولية، يتواءم فعليا مع المكانة الدولية المرموقة لليابان، وسعيها الدائم لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وتوجهاتها المبدئية القائمة على احترام الشرعية الدولية، والالتزام الوثيق بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسان وقيم العدالة الإنسانية"، وتابع أن "كل هذا يجعلنا دوما نلتمس من طوكيو الإقدام على هذه الخطوة، بما يعزز في نهاية المطاف العلاقات العربية اليابانية، وإعادة تأهيل كافة أوجه التعاون الممكنة بين الوطن العربي واليابان، على كافة الُصعد السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والعلمية، وغيرها".
وأشار إلى أن "فلسطين إذ تتطلع إلى النهوض بالعلاقات العربية اليابانية، بما يتناسب مع أهمية كل منهما للآخر، وصولاً إلى تحقيق شراكة استراتيجية، متعددة المجالات بين الجانبين، فإنها ترى أن أي تطور نوعي في العلاقة العربية اليابانية، سينعكس إيجابا على تعزيز الأمن والاستقرار العالميين، بما يعني تلقائيا الاهتمام بأي تطور مأمول، في معالجة مسببات الاضطراب في المنطقة، التي يأتي على رأسها استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، ومن هنا فإننا نرحب بوزير الخارجية الياباني الصديق تارو كونو، في هذا الحوار الهام".
وقال، "إن دولة فلسطين التي تشكر كل من ساهم في عقد لقائنا العربي الياباني الأول من نوعه، وتخص بالذكر الرئيس الحالي لمجلس جامعة الدول العربية، وزير خارجية جمهورية الجزائر الديموقراطية الشعبية، الصديق عبد القادر مساهل، تعتقد بأهمية هذا الحوار في إطار تعزيز الفهم العربي الياباني المتبادل، حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في ظل الظروف والتحديات الراهنة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط خاصة والعالم أجمع، على قاعدة ما تمثله اليابان اليوم من قوة اقتصادية عالمية معتبرة وعضو فاعل في الأسرة الدولية، في صناعة التنمية والاستقرار الدوليين، ودولة قادرة بما تمتلكه من إمكانيات ورؤية عالمية متزنة، في ترجيح لغة العقل، واحترام القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، سيما في الشرق الأوسط".
وتابع أن "شعبنا الفلسطيني الذي يمر بظروف عصيبة منذ ما يقارب السبعين عاما، جراء تعرضه لأفدح ظلم تاريخي، على مدار القرنين الماضيين، بفقدان وطنه، وضرب أمنه واستقراره، وسرقة تاريخه وتراثه، وتشتيت مجتمعه، وتعطيل نموه الثقافي والعمراني، وتحويله من شعب منتج ومصدر للحضارة، إلى عنوان عالمي مستمر، لأزمة سياسية وإنسانية، لهو أكثر الشعوب إيمانا بتجربة اليابان الحديث، التي أثبتت أن الشعوب لا يمكن لها أن تقهر، ما دام الرصيد الأساس في أي معادلة بقاء هو الشعب وإيمانه بأرضه وثقافته ومقدراته الوطنية".
وأردف المالكي أن "القيادة الفلسطينية تنظر بتقدير وامتنان كبيرين إلى الدور الذي تلعبه الحكومة اليابانية، في دعمها الدائم والمستمر لبناء وتطوير مؤسسات الدولة الفلسطينية وتعزيز القدرات البشرية للشعب الفلسطيني، وتُثني مرة أخرى على مبادرة السلام والازدهار اليابانية، التي تشهد هذا العام سنويتها العاشرة، بما يَصب لصالح رؤية اليابان في تحقيق الازدهار والسلام في المنطقة".
وأشاد بالتطور الحاصل في مدينة أريحا الصناعية الزراعية، باعتبارها أحد أهم أركان هذه المبادرة، بوصفها قصة نجاح تحاكي التطور العالمي، ونموذجا للتنمية المستدامة في فلسطين، التي تساهم بدورها بشكل جوهري في تطوير اقتصاد دولة فلسطين، من خلال تطوير الصناعات الزراعية وتشجيع التجارة والتعاون الإقليمي مع الدول المجاورة، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، وخلق فرص عمل للشباب الفلسطيني.
وقال المالكي، في كلمته، "إن مواقف اليابان المبدئية تجاه قضيتنا العادلة والاهتمام الياباني المتزايد بالقضية الفلسطينية والذي انعكس إيجابا من خلال زيارة دولة رئيس الوزراء شينزو آبي إلى فلسطين، ومع حلول الذكرى الأربعين لبدء العلاقات الفلسطينية اليابانية، فإن شعبنا الفلسطيني، الذي يؤمن بالسلام وينشده، لهو أكثر إيمانا اليوم بعدالة قضيته، وبأهليته في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من حزيران عام 1967".
وأكد أن "هذا حق لا يمكن لنا إلا أن نستمر في المطالبة به، والكفاح والتضحية من أجله، مستعينين بالله ثم بدعم أشقائنا العرب، وإسناد الأصدقاء في مجموعات الدول الأوروبية واللاتينية والآسيوية والإفريقية، ودول عدم الانحياز، والاشتراكية الدولية التي نتمتع بعضويتها إلى جانب اليابان، وكافة القوى المحبة للعدل والخير والسلام في العالم، ملتزمين بالشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة بإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، على قاعدة حفظ الحقوق الفلسطينية، وأولها حق العودة للاجئين الفلسطينيين، رغم تنكر إسرائيل لالتزاماتها، وتعمدها إفراغ عملية السلام من مضمونها، ومراهنتها على آلتها العسكرية لخلق واقع عنصري، يُسّهْل ابتلاع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية في وطنه".
وأوضح: "ذهبنا إلى الأمم المتحدة، عام 2012، لطلب نيل العضوية المراقبة لدولة فلسطين، وفاءً لدماء قوافل شهداء شعبنا، والتزاما من قيادتنا بحتمية تحرير الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتمسكا بضرورة جني ثمار نضالات شعبنا العظيمة في القدس الشريف والضفة الغربية وقطاع غزة، ومخيمات اللجوء والشتات، فإن حينها كما الآن، كان الإيمان يملأ قلوبنا وعقولنا، بدور المجتمع الدولي، الذي نحن جميعا أعضاء فاعلون فيه، بعد أن أصبحت مؤسساتنا الفلسطينية جاهزة تماما، للانتقال من مرحلة إدارة السلطة إلى مرحلة إدارة الدولة، وهو ما سنستمر فيه مهما تم وضع العراقيل أمامنا، حتى الوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف، تعيش بسلام مع محيطها الإقليمي والقاري الآسيوي والدولي".
وقال المالكي "إن تحركات قيادة الشعب الفلسطيني تجاه إشراك العالم في حل القضية الفلسطينية، تأتي من باب قناعتنا الراسخة، بأن وضع حد لمعاناة شعبنا في الوطن والشتات يمثل مفتاحا للأمن والاستقرار السلميين في الشرق الأوسط والعالم، الشيء الذي واجهته إسرائيل بكثير من الصلف والتنكر، بعد أن أعطت نفسها الحق في شن حروب مدمرة ضد أهلنا في قطاع غزة، وزادت من وتيرة الاستيطان غير الشرعي في الضفة الغربية، واتخذت جملة من الإجراءات والقوانين العنصرية، التي تهدف لتهويد القدس الشرقية".
وأوضح أنه "في الآونة الأخيرة، عملت إسرائيل علناً، على إشعال فتيل حرب دينية في المنطقة، من خلال مسعاها لتغيير الوضع القائم في القدس المحتلة، ومحاولتها فرض تقسيم زماني ومكاني للحرم القدسي الشريف، الشيء الذي ترافق مع القيام بأكبر حملة للإعدامات الميدانية الفردية للفتية والفتيات الفلسطينيات، بحجج وذرائع واهية، في محاولة منها للاستفادة من ارتباك المشهد العربي، واشتعال منطقة الشرق الأوسط بالأزمات الداخلية".
وأضاف أن "إسرائيل تحاول بكل ما أوتيت من قوة، أن تتعالى على الإرادة الدولية، وتضرب بعرض الحائط القرارات والتشريعات الدولية ذات الصلة، بإنهاء الاحتلال، أو إثبات أحقية شعبنا فيما تبقى من أصول وطنه التاريخي، وأهليته في حماية مقدساته المسيحية والإسلامية، كما فعلت حديثا بتمردها على قرارات منظمة اليونسكو الأخيرة، التي أثبتت عدم وجود أي رابط حقيقي بين إسرائيل والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية المحتلة، وكذلك إعطائها المستوطنين استقلالا عن بلدية الخليل".
وأردف: "نحن أمام دولة تعطي نفسها الحق، ليس في اضطهاد وقهر الشعوب فحسب، وإنما في تحدي الشرائع والمقررات الدولية، الشيء الذي يتنافى نصا وروحا مع مبادئ السياسات الدولية المتعارف عليها، بتمجيد الاحتلال وتشريع أدواته"، مؤكدا أن "القيادة الفلسطينية منفتحة على كافة الجهود الدولية الرامية الى إحلال السلام في المنطقة وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ومبادرة السلام العربية بشكل يكفل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ضمن سقف زمني محدد، إلا أن إسرائيل من جانبها لم تتعاط مع أي من هذه الجهود واستمرت باحتلالها العنصري للأرض الفلسطينية".
وقال، "نحن على ثقة أن العالم العربي من خلال جامعة الدول العربية، ودول العالم المؤثرة، التي تأتي اليابان في مقدمتها، قادرة بتنسيق مشترك بينهما، ومن خلال هذا الاجتماع الهام، على وضع تصور يعمل على إسناد الموقف الفلسطيني، الذي يرتكز إلى احترام القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة والمبادرات الدولية، في مواجهة آخر احتلال في القرن الحادي والعشرين، الذي تقوم عليه إسرائيل، متمنيا دعمكم لعدالة قضيتنا الفلسطينية، ومتمنين لاجتماعات حوارنا العربي الياباني السياسي الأول، النجاح والتوفيق، بما يعود بالخير والرفاه والاستقرار على الجميع".
وحضر الاجتماع، إلى جانب الوزير المالكي، وكيل وزارة الخارجية وشؤون المغتربين تيسير جرادات، وسفير دولة فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية جمال الشوبكي، والمستشار أول مهند العكلوك، والمستشار تامر الطيب، والمستشار رزق الزعانين، وسكرتير أول جمانة الغول، والملحق دبلوماسي بمكتب الوزير لمى الصفدي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها