الوصول إلى شهادة الثانوية العامة (التوجيهي) والنجاح في امتحاناته، حلم يراود كل طالب مقدسي يعيش ظروف المدينة المحتلة، وكل أسير يقبع في سجون الاحتلال ويعيش ظروف السجن وقهر السجان، فهو جزء من مقومات الثبات والصمود، وهو البوابة إلى الدراسة الجامعية وأحد مفاتيح الحياة العملية... لكن الاحتلال يقف دائما أمام أي طموح وتقدم للأسير، ويحاول عرقلة نجاحه وتحطيم أماله، ليخلق جيلا بعيدا عن الثقافة والعلم... إلا أن الفلسطينيين يتحدون في كل مرة أصعب الظروف المحيطة بهم ويتغلبون عليها بإرادتهم وإصرارهم... فتمكن 72 أسيراً مقدسيا بالنجاح في امتحانات التوجيهي رغم الأسر.
الأسيرة مرح جودة بكير.. تغلب على وجع الاصابة والأسر
تغلبت الأسيرة مرح جودة بكير 17 عاماً على أوجاعها من إصابتها في يدها بعد أن هشم الرصاص عظامها، وعلى بُعدها عن عائلتها، وتمكنت من الدارسة والنجاح والحصول على معدل 69%.
وتقف اليوم على أعتاب مرحلة اختيار تخصص جامعي لاستغلال وقت اعتقالها بالدارسة الجامعية، وتقول والدتها :"اعتقلت مرح بداية شهر تشرين أول/ أكتوبر من العام الماضي، مع بداية صف الثانوية العامة "التوجيهي"، وتمكنت ومن خلال متابعة المحامية من الالتحاق والتسجيل لتقديمه في السجن.
وأضافت :"في أول زيارة لها بعد اعتقالها كانت تفكر "بالتوجيهي"، حيث قالت لي:"ماذا عن التوجيهي والدراسة؟ وأنا بدوري أخبرتها بأننا نتابع أمورها لتسجليها لتتمكن من تقديمه هذا العام دون أي تأخير".
وتابعت:" من أول يوم اعتقلت مرح فيه قلت لا أريد أن تخسر سنتها الدراسية، جميعنا نمر في ظروف صعبة لكن أمامنا المستقبل.. والاعتقال والإصابة يجب ان لا يقفوا عائقا أمامها."
واوضحت والدة مرح أن ابنتها بدأت بتقديم الامتحانات في شهر تموز الماضي، وفي هذا الشهر على وجه التحديد عقدت لها عدة جلسات "سماع شهود" وكانت الجلسة تعقد لأكثر من 6 ساعات متواصلة، فعانت ابنتها خلال ذلك من البوسطة – سيارة نقل الأسرى-، والجلسات الطويلة، والشهود ضدها، مما أثر عليها نفسيا وجسديا ورغم ذلك وبدعم وتشجيع من عائلاتها من خلال الزيارات استمرت مرح من الدراسة وتقديم الامتحانات.
وقالت الوالدة:" خلال فترة تقديم الامتحانات كنت أتمنى أن أكون معها لرعايتها وتشجيعها ودعمها والاهتمام الخاص خلال هذا العام، وكنت احرص على إرسال رسالة لها عبر الإذاعات اضافة الى زيارتها بشكل أسبوعي.
واضافت الوالدة:"تعيش العائلة فرحة منقوصة، فلم تكن الفرحة كاملة بسبب غياب مرح.. لم استطع توزيع الحلويات واستقبل المهنئين..فمرح لا تزال أسيرة في سجون الاحتلال.. والجلسات مستمرة ولا نعرف وضعها، ونعيش في قلق على مصيرها وفرح بنجاحها وتغلبها على السجن في ذات الوقت."
وأشارت أن العائلة استلمت مؤخرا شهادة مرح في حفل اقيم في مدينة رام الله، تصادف موعده في يوم زيارتها، حيث تقول الوالدة :"شعرنا بالفرحة والفخر عند المناداة على اسم مرح ووجودها ضمن قائمة الناجحين.
وعن طموحها بعد نجاحها تقول الوالدة:" قبل اعتقالها كانت تريد دراسة السكرتيرة الطبية، لكن بعد اعتقالها وإصابتها أرادت دراسة الحقوق، خاصة لتعلقها بمحاميتها واهتمام الأخيرة بها في فترة اعتقالها الاولى واحتجازها في المستشفى فلم يكن أحد يتمكن من زياراتها سواها، لكن للأسف لن تتمكن من دارسة الحقوق لعدم وجود ذلك التخصص في السجن، وستقوم باختيار تخصص آخر لدراسته."
واعتقلت مرح بتاريخ 12-10-2015، بعد خروجها من مدرستها في حي الشيخ جراح بمدينة القدس، وأصيبت بجراح خطيرة في يدها، وبتاريخ 1-11-2015 خرجت من المستشفى الى السجن... منوهة انه سمح لها -بقرار من المحكمة- بزيارة مرح يوم العملية لمدة ساعة فقط"
وأضافت الوالدة وهي تروي فترة اعتقال ابنتها الأولى :" بعد أربعة أيام من إجراء عملية جراحية لمرح بيدها تم تحويلها الى سجن عسقلان وبعدها الى سجن الرملة ثم الى الشارون، وخلال هذه الفترة أخبار مرح كانت منقطعة فلا نعرف ماهو وضعها الصحي والنفسي".
وتضيف الوالدة :"لحسن حظ مرح انها أصببت بكسور في يدها اليمنى قبل اعتقالها بعدة أشهر، وهذا أعطاها "الخبرة" بمعالجة نفسها بالمعالجات الطبية والتمارين الخاصة، واليوم هي تتحسن لكن لا تزال تشعر بأوجاع وهي بحاجة لزراعة عضل."
الأسير محمد عزمي البكري.. شهادات نجاح وتفوق بالأسر
أما الأسير محمد عزمي البكري 20 عاماً، فحصل على أعلى معدل بين الأسرى المقدسيين، وقال والده :"اعتقل محمد وهو بالتوجيهي "الصناعي"، وفور اعتقاله قدمنا له طلب لتقديم التوجيهي في السجن، وبعد عامين تم الموافقة بعد استيفاء كافة الأوراق اللازمة من الوزارة ومديرة التعليم والمدرسة."
وعن العراقيل التي مر بها قال والده :"يعامل محمد كغيره من الأسرى.. فالقمع والعقوبات بحق الأسرى مستمرة في السجون الإسرائيلية، وخلال فترة دراسته منعنا في بعض الأحيان من إدخال الكتب الخاصة له..ومحمد ممنوع من الزيارة منذ شهرين..ونتمنى زيارته لتهنئته بنجاحه. "
حرمان من الزيارات وفرض قيود هو جزء من حياة الأسير محمد البكري، لكن ذلك الوضع لم يمنع عائلته من الاحتفال بنجاحه، ويقول والده :"عشنا فرحة كبيرة بنجاحه ولم نكن نتوقع ذلك لانه أسير وبعيد عن أهله، ولم نتمكن من تهنئته أو إخباره بنتيجته وعرفها فقط من خلال زيارات الأهل لأبنائهم، ووالدته تتمنى فقط زيارته لتبارك له لاخباره عن الحفل الذي أقيم للاسرى وشعور العائلة بالفخر بنجاح أبنائها.
وأضاف :"فور الاعلان عن نجاح محمد حضر الأقارب والأصدقاء لتهنئتنا ووزعنا الحلوى وكأن محمد بيننا..لكن مشاعرنا مختلطة بين الفرح والحزن".
وأوضح الوالد أن محمد يريد اكمال دراسته الجامعية في السجن، ويريد أن يدرس تخصص تربية اسلامية أو تربية رياضية، لافتا ان ابنه محكوم بالسجن لمدة 7 سنوات ونصف، امضى منها عامين وشهرين.
ولم تكن شهادة التوجهي هي الشهادة الاولى التي حصل عليها محمد، فقد حصل قبلها بشهرين على شهادة التجويد بمعدل 92%..ومحمد شاب رياضي وهو مؤسس لعبة الباركور في مدينة القدس ويمارس الرياضة ويقوم بتمرين الأسرى داخل السجن.
ولفت والده أن ابنه الثاني أحمد البكري 18 عاما يقضي حكما بالسجن الفعلي لمدة 8 سنوات، وحرم الاحتلال الشقيقين من التواجد سويا في السجن ذاته.
أمجد أبو عصب رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين
وأوضح أمجد أبو عصب رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أن 72 أسيراً مقدسيا نجحوا بامتحان الثانوية العامة، حيث أقامت هيئة شؤون الأسرى والمحررين حفل توزيع الشهادات لهم..
وأشار الى أن الأسرى يتقدمون داخل السجون لامتحانات الثانوية العامة، حيث توجد لجان علمية معتمدة من وزارة التربية والتعليم تشرف على امتحانات التوجيهي للأسرى، وتقوم بإخراج الكشوفات من خلال طواقم المحامين الذين يقومون بزيارة السجون.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها