حسن بكير

المخدرات آفة اجتماعية مدمرة للبشرية وهي من أكبر المشكلات التي تعاني منها دول العالم وتسعى لمكافحتها ومحاربة تجارها ومروجيها لما لها من أضرار نفسية وجسدية واجتماعية وأمنية واقتصادية وصحية ولها تأثير خطير على الدماغ والجهاز العصبي.

انتشرت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، ويعود انتشارها بسبب الفقر والبطالة، والتفكك الأسري، والابتعاد عن الدين، عودم مراقبة ومتابعة الأهل لأولادهم، والصحبة السوء.

مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كغيرها من المجتمعات والدول، انتشر فيها مروجي المخدرات وزادت معهم أعداد المدمنين. والمروجون وجدوا المخيمات أرضاً خصبة لنشر سمومهم بين كافة شرائح اللاجئين والسبب يعود للأسباب التي ذكرنا، أضف إليها غياب الأمن والمسؤولين وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم المدنية وفي مقدمها حق العمل والتملُّك مما رفع نسبة البطالة والفقر الى أكثر من 64%.

هذا ما دعا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت وهيئة التوجيه السياسي والمعنوي إلى تنظيم ندوة موسعة وشاملة في مخيم شاتيلا، مساء الأربعاء 26/10/2016 تحت عنوان "المخدرات وأضرارها اجتماعياً وصحياً وطرق الوقاية منها وكيفية العلاج"،  حاضر فيها مسؤول اللجنة الوطنية الفلسطينية لمكافحة الإدمان الدكتور فايز البيبي، وبحضور مسؤول هيئة التوجيه السياسي والمعنوي العميد نزيه سلام، وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في بيروت العميد سمير أبو عفش، وأعضاء قيادة بيروت، وممثلو الفصائل والقوى الإسلامية الفلسطينية، واللجان الشعبية، وقوى الأمن الوطني في بيروت، ومسؤول مركز إنسان لمعالجة الإدمان نمر النمر، ورجال دين، وأمين سر وكوادر الشعبة الرئيسية، وحشد فتحاوي، وممثلون عن الحراك الشعبي في مخيم شاتيلا، وممثلو المؤسسات والجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، وفاعليات، وكبار السن، وأهالي مخيم شاتيلا.

 ورداً على سؤال رأى البيبي أن الهدف من هذه الندوات تأتي استكمالاً لبرنامج شامل تقوم به اللجنة الوطنية الفلسطينية لمكافحة الادمان في المخيمات الفلسطينية كافةً. واعتبر البيبي أن  الادمان لا يقتصر على المخدرات بل يتعداه الى الكحول والدخان، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود بين الأهالي والفصائل والجمعيات لمكافحة ظاهرة الادمان.

بدأت الندوة بكلمة للعميد سلام تحدث فيها عن تأثير المخدرات على المدمن فذكر منها عقوق الوالدين، وتدمير الأسرة ، وتضييع العقل وصرف الأموال بحيث يصبح المدمن غير قادر على العمل والدراسة وبذلك يلغي دوره في المجتمع ويصبح أسير هذه السموم.

وتحدث سلاّم عن المؤامرات والمجازر التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية، لافتاً أن الشعب الفلسطيني يتعرض اليوم لأخطر مؤامرة وهو سلاح المخدرات الذي يستهدف المجتمع الفلسطيني أطفالاً وشباباً لإلغاء دورهم النضالي. مشيراً أن العدو الصهيوني يعاقب هذا المخيم لدوره النضالي الذي تميز بانطلاق العمليات الإستشهادية ضده.

وختم سلاّم بتوجيه الشكر لفصائل الثورة الفلسطينية والقوى الإسلامية والقوى الأمنية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني والمشايخ وأهالي المخيم  ولكل من شارك في هذا العمل الجماعي المشترك لمواجهة هذه الآفة.

وألقى عضو اللجنة الوطنية الفلسطينية لمكافحة الادمان أحمد اسكندر كلمة استعرض فيها لفروع اللجنة الوطنية الفلسطينية لمكافحة الادمان والتي أصبحت تغطي كافة المخيمات الفلسطينية. وأكد اسكندر أن جهود اللجنة بدأت تعطي ثمارها بعد افتتاح مركز لعلاج المدمنين في مخيم برج البراجنة يعالج المدمنين من كافة المخيمات الفلسطينية، وناشد اسكندر المدمنين وأهاليهم أن يبادروا إلى تسليم أنفسهم لتلقي العلاج.

تلى ذلك عرض لفيلم قصير عن الادمان وإحصاء لعدد المدمنين في العالم والذي بلغ ١٤٠ مليون. واستعرض الفيلم لمخاطر الادمان وما ينجم عنها من مشاكل اجتماعية وأهمها التفكك الأسري اضافة إلى المخاطر الصحية التي تودي في أغلب الأحيان بحياة الانسان وتدفعه باتجاه الجريمة.

وكانت المداخلة الأساسية لرئيس اللجنة الوطنية الفلسطينية لمكافحة الادمان الدكتور فايز البيبي عرّف فيها الإدمان بأنه أحد مشاكل العصر المستعصية مما يؤدي إلى نقص الكفاية في العمل وإلى الاضطراب في الحياة الأسرية للفرد. وانتقل بعدها البيبي إلى تعريف بأنواع المخدرات التي تؤدي إلى الادمان ومنها الافيون، الهيرويين، المورفين، الكوكايين، الامفيتامينات، المواد الاستنشاقية، وعقاقير الهلوسة.

ولخص البيبي الدوافع التي تدفع الفرد إلى تعاطي المواد المخدرة ومنها استشعار روح الجماعة، وتحصيل اللذة الجنسية، وتناسي الهموم والمشاكل الاجتماعية، معتبراً أن المدمن يمر في مراحل عدة هي الادمان النفسي ومنها ينتقل إلى الادمان العضوي والتي تكون من أخطر المراحل على الانسان وقد تودي بحياته.

وأكد البيبي أن الاسباب النفسية هي من أهم الاسباب التي تدفع الانسان إلى تعاطي المخدرات، تليها الأسباب الاجتماعية ومنها التنشئة الاجتماعية، يضاف إليها ضعف الوازع الديني، والبطالة وضعف التوعية بخطر المخدرات وما ينجم عنها. مناشداً الجمعيات والتنظيمات الفلسطينية إلى العمل في استغلال طاقات الشباب بما يبعدهم عن الادمان وتعاطي المخدرات.

وأسهب البيبي في الحديث عن أضرار الادمان ومنها الأضرار الصحية وما تؤديه من تلف للجهاز العصبي وغيرها من الأمراض، والأضرار النفسية ومنها القلق، والأضرار الاجتماعية، داعياً الأهالي إلى تغيير التعاطي مع المدمن واعتباره كمريض يستحق العلاج بدلاً من النظر إليه كمجرم.

وفي ختام الندوة عدد البيبي طرق الوقاية من الادمان من خلال الوقاية الدينية والاجتماعية، والوقاية الصحية والحضارية والثقافية، والتربية الوطنية. مؤكداً أن سبل العلاج تبدأ من خلال رغبة المريض في العلاج والتخلص من آفة الادمان. معتبراً تنظيم هذه الندوة جاءت في موعدها ومكانها حيث يعاني المخيم من هذه الظاهرة.

بعدها فتح باب الأسئلة والمداخلات للعديد من الحضور، وسطرت والدة أحد المدمنين أروع مواقف الجرأة والشجاعة حيث اعترفت بتعاطي ابنها المخدرات وقد استطاعت علاجه وأصبح عضواً فاعلاً في المجتمع.