في إطار الجهود التي تبذلها المؤسسات الصهيونية في إطار حربها المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومؤسساته، دعت دراسة بحثية صهيونية الدول التي تدعم "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا" إلى الضغط عليها بهدف إحداث تغييرات في السياسة الدولية إزاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا(.

واستهلت الدراسة - التي صدرت قبل أيام - مقدمتها بتصريح أدلى به مؤخراً عضو الكنيست (البرلمان) آفي ديختر، وهو رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، يزعم فيه أن 100% من موظفي الأونروا هم أعضاء في المنظمات الفلسطينية المسلحة.

واللافت أن التقرير جاء ضمن ما تسميه صحافة العدو بـ "أنشطة المنظمات المعادية لإسرائيل"، في تحريض سافر على الوكالة الدولية المسؤولة قانونياً عن تأمين المساعدات لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين طردتهم العصابات الصهيونية من أرضهم، عشية إعلان قيام الكيان الغاصب.

وأكد التقرير أن حكومة العدو سوف تطلب من هذه الدول المانحة اشتراط مواصلة دعم الأونروا بإجراء تغيير في سياستها، تتناول الكتب المدرسية التي تتناول حق العودة للفلسطينيين، واصفاً إياه بغير المنطقي، على حد زعمه، وكذلك التحريض على قتل اليهود وكراهيتهم، وداعياً إلى فصل أي موظف على صلة بحركات المقاومة.

والجدير ذكره هنا أن سياسة الأونروا التعليمية تعتمد تبني المناهج المدرسية للدول المضيفة، الأمر الذي يبين زيف مزاعم التقرير الصهيوني التحريضي.

وكانت تقارير تحدثت، خلال السنة الماضية، عن مساع يبذله العدو الصهيوني لفرض تدريس الرواية الصهيونية حول المحرقة اليهودية "الهولوكوست"، الأمر الذي أحدث سلسلة من ردود الفعل بين اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج.

وقال الباحث الصهيوني، دافيد بادين، في دراسته المنشورة على موقع مجلة مرآة العبرية لدراسات الشرق الأوسط، إن الأونروا تقدم خدمات إنسانية وإغاثية لقرابة ستة ملايين لاجئ  فلسطيني منذ حرب العام 1948، وما زالوا يطالبون بتحقيق حلم العودة إلى القرى التي هاجروا منها من خلال لجوئهم إلى الكفاح المسلح.

ويرى بادين في ذلك تحريضاً ضد الكيان الصهيوني، في حين أن قانون العودة الصهيوني يسمح لمنح الجنسية لكل يهودي تطأ أقدامه أرض فلسطين، دون وجود إثبات تاريخي أو أركيولوجي ملموس على تواجد اليهود في فلسطين، وحتى لو لم يكن آباؤه وأجداده من مواليد فلسطين.

وأشار بادين إلى أن الأونروا تعدّ من أكبر المنظمات الإغاثية حول العالم، وينخرط فيها قرابة ثلاثين ألف موظف، وتشرف على تعليم 492 ألف طالب، يدرسون في مناهجها التعليمية مفاهيم حق العودة، في حين تحصل هذه المنظمة الدولية، التي أقيمت بناء على قرار دولي صادر عن الأمم المتحدة، على ما نسبته 97% من موازناتها المالية المقدرة بـ1.2 مليار دولار من تبرعات سخية من الدول المانحة.

وزعم بادين، وهو رئيس مركز أبحاث سياسات الشرق الأوسط في الكيان، أن كل دولة من هذه الدول المانحة تستطيع وضع حق النقض (فيتو) على أي سياسة تنتهجها الأونروا تتعارض مع مفاهيم السلام، كاشفاً النقاب عن أن مركزه وثّق العديد من أشرطة الفيديو التي تظهر حجم التحريض في مؤسسات التعليم التابعة للأونروا، ومن المتوقع أن يرسل المركز نسخاً من هذه الأشرطة لأعضاء الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي وكندا وبريطانيا وأستراليا والدول الإسكندنافية.

غير أن بادين لا يذكر شيئاً عن تنصل حكومة العدو من تعهداتها بالسماح لعودة اللاجئين إلى أرضهم، وموافقتها على القبول بقرار الأمم المتحدة رقم 194، والذي اشترطت الأمم المتحدة قبول "إسرائيل" به شرطاً لعضويتها في هيئتها العامة.

وأشار إلى أنه في ظل وصول المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طريق مسدود، يمكن للدول الأجنبية المانحة تقديم مساعدات مباشرة للاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من ضائقة اقتصادية، بدلا من إرسال أموالها إلى الأونروا.

باختصار، يسعى العدو الصهيوني، من خلال الأفكار التي تتقدم بها أمثال هذه المراكز البحثية، إلى التحريض على وكالة الأونروا، وإلغائها، باعتبارها الشاهد الدولي على جريمة قيام العدو الصهيوني على أنقاض شعب بأكمله.