قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله إن شعبنا الفلسطيني يصر على اجتراح الفرح رغم كل الدمار والموت والهدم المحيط بنا، ورغم كل الاعتداءات والانتهاكات خاصة بحق أهلنا في مدينة القدس.

جاء ذلك خلال كلمته في حفل تخريج الفوج التاسع من جامعة فلسطين التقنية خضوري بطولكرم، اليوم الخميس، بحضور محافظ طولكرم عصام أبو بكر، ووزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم، ورئيس جامعة فلسطين التقنية (خضوري) مروان عورتاني.

وقال رئيس الوزراء: "أمام كل صور الهدم والدمار والموت، نحتفل اليوم بتجربة وطنية رائدة هي أقوى من كل هذه الانتهاكات والاعتداءات خاصة بحق اهلنا في القدس، ونحتفي بقصص النجاح والتميز وروح الصمود والتحدي التي نراها واضحة في ثقة واعتزاز خريجينا في جامعة الخضوري."

وأعلن أن الصناديق العربية والإسلامية ستقدم مبلغ مليون ونصف المليون دولار، لبناء مبنى كلية التربية في "خضوري"، حيث سيتم توقيع اتفاقية بهذا الخصوص خلال أيام قليلة.

وأضاف الحمد الله: "في غمار معاناة ابناء شعبنا، تتحول رسالة الجامعات الفلسطينية إلى رسالة استثنائية هامة، تتمحور حول تمكين الإنسان الفلسطيني وتثبيته في أرضه وانتشاله من البؤس والإحباط، وتنمية مهاراته ومعارفه، ليكون فردا منتجا مبادرا، متفاعلا مع الثقافات والعلوم من حوله، قادرا على المنافسة محليا ودوليا أيضا، ولنثبت للعالم أن شعبنا عصي عن التدمير والإبادة، وإنه لن يرضخ لواقع العزلة والحصار الذي تريده لنا إسرائيل."

وتابع رئيس الوزراء: "بكثير من الفخر والفرح معا، أتواجد بينكم لأشارككم حفل تخريج كوكبة جديدة من طلاب جامعة خضوري، "فوج التعليم المقاوم"، فنحن نسطر بكم ومن خلالكم، أهم أدوات التصدي لمخططات الاحتلال في الطمس والتهجير والاقتلاع. ونشارككم اليوم فرحة صنعتموها بأنفسكم، وإنجازا حققتموه بإصراركم وتعبكم وتحصيلكم العلمي، باسمي ونيابة عن الرئيس محمود عباس، أقدم لكل واحد وواحدة منكم كل التحية والتهنئة، متمنيا أن تكونوا سفراء أوفياء لجامعتكم وبلادكم، ومثالا في الالتزام والمسؤولية والتفاني في خدمة الوطن."

واستطرد رئيس الوزراء: "نلتقي مرة أخرى في كنف "جامعة فلسطين التقنية"، التي تشكل حاضنة منتجة للعلم والمعارف وبيتا لمراكمة الخبرات والفكر الخلاق، رغم كل ما يتهدد طلابها وكوادرها ومسيرتها التعليمية وبنيتها من أخطار وتحديات، فهي الجامعة الوحيدة في العالم بأسره التي يتواجد داخل حرمها معسكر للرماية والتدريب العسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ويصادر الاحتلال ما يزيد عن مئتي دونم من أراضيها لصالح جدار الفصل العنصري ويعزلها خلفه، هذا بالإضافة إلى ما تتعرض له الجامعة من اقتحامات وتدمير لأراضيها، وانتهاكات واعتداءات متواصلة تطال طلبتها وهيئتها التدريسية. ولهذا، فقد تحول التعليم في رحاب "خضوري" ليس فقط إلى تعليم نوعي وهادف، بل ومقاوم أيضا، وليكون هذا الفوج من خريجيها فوج التعليم المقاوم".

وأردف الحمد الله: "نجتمع معكم، في ظل المعاناة والألم والقهر الذي يعيشه شعبنا، وهو يواجه ببسالة، احتلالا عسكريا ظالما يصادر أرضه وموارده، ويعتقل في سجونه نحو سبعة آلاف أسير فلسطيني، بينهم الأسير بلال كايد المضرب عن الطعام منذ أربعة وأربعين يوما، وستة وثلاثين أسيرا متضامنا معه في إضرابه، وثمانية آخرين مضربين عن الطعام احتجاجا على قضيتي الاعتقال الإداري وقرار الصليب الأحمر تقليص الزيارات".

وأضاف "إذا كان الوطن يسمو ويتطور من خلال مؤسسات قوية، وفي إطار منظومة متكاملة من المهنية وفعالية الأداء، فقد انصبت جهودنا على تكريس دور المؤسسة الأمنية في فرض سيادة القانون وتوفير الأمن للمواطنين وحماية ممتلكاتهم وحقوقهم، واجتثاث مظاهر الفوضى والعبث والفلتان. وقد نجحت أجهزتنا الأمنية في عملها الأخير، ووسط ارتياح شعبي واسع، في تحقيق الاستقرار وتقديم الخارجين عن القانون للعدالة.  نعم، هذا هو جزء من عمل دؤوب ومستدام لتكريس السلم الأهلي وصون سلامة وأمن المواطنين، كرافعة أساسية لحماية مشروعنا الوطني التحرري وبنيتنا المؤسسية والمجتمعية."

وتطرق الحمد الله إلى انتخابات الهيئات المحلية وقال: "وفي السياق ذاته، ولتفعيل كافة حلقات الحكم والإدارة، فإننا نعمل بأقصى الطاقات، لضمان عقد الانتخابات البلدية المقبلة، في أجواء من الديمقراطية والأمان والنزاهة. فهذه الانتخابات، هي في مطلق الأحوال، استحقاق شعبي ووطني لا بد من تنفيذه وتذليل العقبات التي تعترضه، بل والحفاظ على دوريته أيضا. حيث إن المجالس المحلية المنتخبة، ستكون أكثر قدرة وكفاءة على بلورة احتياجات المواطنين وتعزيز صمودهم، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم في مختلف المجالات".

وأوضح رئيس الوزراء: "أن جزءا أساسيا من جهود المأسسة والبناء والحوكمة التي نخوضها، ترتكز أيضا على استنهاض مؤسسات التربية والتعليم بكافة مكوناتها، وتعزيز البحث العلمي، وضمان جودة التعليم وربط مخرجاته مع احتياجات المجتمع وسوق العمل، بالإضافة إلى الارتقاء بالتعليم التقني والتدريب المهني لارتباطهما بالصناعات المحلية والقطاع الخاص وبخلق فرص العمل. وفي مسار متلازم، طوعنا تدخلاتنا واستراتيجياتنا الوطنية، بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، لتطوير قدرة السوق على استيعاب الخريجين، والحد من البطالة وخلق بيئة محفزة للعمل الريادي من خلال تدخلات وطنية لترسيخ مفهوم الريادية ودمجها في البرامج والمناهج التعليمية الأكاديمية والمهنية، وتطوير السياسات التي تشجع على تنفيذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة".

وأضاف رئيس الوزراء: "لهذا، أتمنى من كافة الجامعات توسيع تخصصاتها وبرامجها، وتكثيف برامج البعثات والإيفاد للخارج في إطار التبادل العلمي والمعرفي، وتعزيز مهارات البحث والتقصي العلمي، لتعزيز مساهمتنا في إنتاج المعرفة عربيا ودوليا. ونعتز كثيرا ب"خضوري"، وهي توسع برامج ابتعاث كوادرها وطلابها، وتطور البنية التحتية للبحث العلمي وتشارك في العديد من المؤتمرات الدولية وتحرز جوائز نوعية وهامة. ويسرني أن أعلن هنا، عن أن الصناديق العربية والإسلامية ستقدم مبلغ مليون ونصف المليون دولار، لبناء مبنى كلية التربية في "خضوري"، وسيتم خلال أيام قليلة توقيع اتفاقية بهذا الخصوص".

واختتم الحمد الله كلمته قائلا: "اسمحوا لي أن أشكر مجددا باسم سيادة الرئيس محمود عباس جامعة فلسطين التقنية، بكادرها وطواقمها التدريسية والإدارية ورئيسها، على ما يقدمونه لتبقى هذه الجامعة صرحا أكاديميا ملتزما ومتميزا، يواكب احتياجات سوق العمل، ويحافظ على هويته وتفرده. وأبارك مرة أخرى لخريجينا بهذا النجاح والتفوق، فأنتم وقود التغيير والحراك، وثروتنا واستثمارنا الحقيقي".

من جهته اعلن وزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم، عن استحداث مقعد أكاديمي للبحث العلمي في جامعة خضوري يحمل اسم الدكتور علي نايفة، دعماً للبحث العلمي حيث يخصص هذا المقعد للباحثين من طلبة وأساتذة في هذا المجال، كما اعلن عن اعتماد ماجستير التكنولوجيا الحيوية في جامعة خضوري ليتسنّى لها بأن تكون جامعة متألقة في مجالي التدريس والبحث العلمي.

بدوره بين رئيس الجامعة مروان عورتاني، أن تسمية فوج  الجامعة التاسع باسم فوج التعليم المقاوم يؤكد على صبر الجامعة وصمودها الأسطوري وإصرارها على البقاء مشرعة شامخة في وجه اقتحامات قوات الاحتلال  لتغدو نموذجا ملهما للتعليم المقاوم. 

وأوضح عورتاني ان مسيره الجامعة تشهد نهضة شاملة تهدف بالأساس إلى بناء جامعه الدولة العتيدة للعلوم والتكنولوجيا، وإلى جعلها إضافة نوعية إلى منظومة التعليم العالي الفلسطيني ومظلة وطنية جامعة للتعليم التقني والمهني .

وخاطب عورتاني الخريجين قائلاً: "صنعت الجامعات تاريخ دول، وغيرت معالم الحياة على كوكبنا، لنجعل من جامعتنا الحبيبة الفتية مسرعا للانعتاق والحرية، ورافعة لبناء الدولة وشريكا في إبداع وابتكار وصياغة مستقبل مشرق لشعبنا العظيم، مستقبل يليق بتضحيات شهدائنا وأسرانا.  

وجرى في نهاية الحفل توزيع الشهادات على الخريجيين.