'الإخوان المسلمون' كما يدعون هي جماعة منظمة تسعى للحكم والسيطرة من مفهوم إسلامي سياسي إصلاحي وليس تطبيقي فالهدف الأول لدى الجماعة هو الوصول أو السيطرة على الحكم بالطريقة التي تراها القيادة مناسبة لتحقيق مخططاتها الحزبية / إنتخابات أو إنقلاب أو ثورات أو أي إستراتيجية توصل لكرسي الرئاسة بغض النظر عن التكاليف والضحايا .
في مصر إنطلقت جماعة الإخوان المسلمون ومنها إنتشرت على مدار فترة زمنية ممتدة إلى حوالي 72 دولة بالأخص بعد أن إغتال مجموعة متطرفة خرجت من تحت عباءة الإخوان المسلمين الرئيس الراحل أنور السادات بعد إتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل حيث تسلم بعده الرئيس السابق محمد حسني مبارك قيادة مصر،علما بأن السادات منح الاخوان المسلمين مساحة واسعة من حرية العمل في عهده ، وجعلهم رأس حربة في مواجهة اليساريين والناصريين والقوى السياسية الأخرى ، لكن مبارك بدأ مباشرة برد الصفعة للتيارات الاسلامية وخصوصا الاخوان حيث قام بملاحقتهم وإعتقالهم فردوا عليه بمحاولة الإغتيال الفاشلة فأوكل أمر القضاء عليهم للواء عمر سليمان فإعتقل منهم أكثر من سبعة آلاف عنصر في حملات أمنية متواصلة شاركت فيها جميع أجهزة الأمن المصرية إلى أن إستسلموا للإرادة القومية المصرية في ظاهر الامر وحاولوا نسج صيغة من علاقة التفاهم مع النظام الذى ظل يتعامل مع جماعة الاخوان المسلمين بإعتبارها جماعة محظورة وخارجة عن القانون حتى سقوطه في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ، التى شكلت فرصة مواتية للانقضاض على السلطة وسرقة الثورة كمقدمة للاستيلاء على سدة الحكم كمرحلة أساسية وضرورية لتنفيذ مشاريعهم المعجلة والمؤجلة بالتمكين على طريق تحقيق فلسفة إستاذية العالم التى تشكل رأس سنام المشروع الاخوانى .
يذكر هنا بأن جماعة الاخوان المسلمين قد إستغلت كل الثورات العربية التى تفجرت في عدة دول عربية وبحكم كونها الاكثر تنظيما وإستعدادا وجاهزية من جميع القوى السياسية والمدنية في العالم العربي لقطف ثمار المرحلة وسرقة النضالات الشعبية فقد تمكنت من السطو المبكر على ما تحقق من إنجازات أولية ساهمت في إسقاط الانظمة السياسية المستبدة في الدول المعنية ،لكن ما ثبت بالدليل القاطع هو سقوط الشعارات الزائفة التى ظلت ترددها جماعة الاخوان وفشلها في القيام بأعباء الحكم وتحمل المسؤولية أمام الشعوب التى منحتها الفرصة للوصول للسلطة في دول ما يسمى 'بالربيع العربي' الذى تحول إلى مخطط أمريكى بدعم أوروبي وتمويل خليجى لضرب الكيانات العربية القائمة والتمهيد لإعادة فك وتركيب المنطقة العربية وفق مبدأ تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم ، وإغراق الجميع في دوامة الصراعات الطائفية والإثنية ، كما أثبت المعطيات المتلاحق على ضلوع جماعة الاخوان في هذا المخطط التدميري مقابل دمجها في النظام السياسي الاقليمى وإستيعابها في المجتمع الدولي كواجهة لمحاربة ما يسمى بالتطرف الاسلامى السنى ممثلا في تنظيم القاعدة وغيره من التيارات الاسلاموية المتشددة بالإضافة للمهمة الرئيسية الاخرى في مواجهة الاسلام الشيعى بالرغم من النتائج المحتومة لهذا الدور الذي يخدم المخططات الغربية بإشعال صراع طائفي ومذهبي سوف يحرق الاخضر واليابس ، بينما يوفر كل المقومات اللازمة لكى تصبح إسرائيل القوة الوحيدة في المنطقة بلا منازع .
من ناحية ثانية فقد شكلت حركة المقاومة الاسلامية 'حماس ' في فلسطين الذراع الأقوى والأبرز للإخوان المسلمين خاصة بعد أن نجحت بالفوز بالأغلبية البرلمانية في إنتخابات المجلس التشريعي الفلسطينى والإعداد لفرض سيطرتها على مؤسسات السلطة المدنية والعسكرية بغطاء المقاومة والدين في المرحلة الأولى وبعدها قامت بإنقلاب دموي للانقضاض على السلطة وإغتصابها بالقوة المسلحة وظلت تجربة حماس الورقة الرابحة في العقل الاخوانى حتى بدأت ثورة تونس وتحققت لحركة النهضة غاية السيطرة على الحكم هناك ، غير أنه جري بالتأكيد أن حركة النهضة التونسية تمثل الفرع الاخوانى في تونس بالرغم من الفوارق النسبية في الاجتهاد الفقهى في بعض المسائل التى تراعي خصوصية الواقع التونسي ، وهو ما أعطى دفعة قوية للجماعة الأم في مصر وزاد من شهيتها لاختطاف دفة الثورة المصرية ، ثم إنزلقت التطورات المتلاحقة في ليبيا وأسقطت معمر القذافي بالدم وتحالف الناتو والأمريكان ودعم كامل من جماعة الاخوان التى تحولت إلى حصان الرهان القطري لتحقيق الرغبات الامريكية في المنطقة ، وبعدها تجلى سوء المقاصد والأهداف الإخوانية في مصر لتدمر كل مقومات حياتها وتضعها في خانة الدولة الفاشلة دون أن تعطى الامر أي أهمية ، بل لازالت تمعن في السيطرة على مفاصل الدولة وتنفيذ مخطط الأخونة والتمكين بالاعتماد على الاستفراد في مكونات الحكم والاستيلاء على موارد الدولة وضرب مؤسساتها وممارسة أبشع أساليب الاقصاء والإحلال في مختلف مواقع القرار فيها ، أما في سوريا فإن جماعة الاخوان المسلمين شكلت المطية المفضلة في مشروع إسقاط الدولة السورية وهى القوة الرئيسية التى تدفع بإتجاه التدخل العسكرى الأجنبي بهدف إسقاط النظام وتسليمها مقاليد الحكم فيها بالرغم من هول الضحايا والخسائر الباهظة التى يدفع فاتورتها الشعب السورى, فسوريا تشكل بالنسبة لأمريكا وروسيا صراع البقاء في الشرق الأوسط وسقوط أي من الجيش الحر أو النظام يعني حياة أو موت لجماعة الإخوان المسلمين وما يعني من سقوط لمشاريع أمريكا وإسرائيل في وحل الواقع وسيطرة روسيا وإيران على الشرق الأوسط وتكريس معادلات نفوذ ومصالح إقليمية ودولية جديدة في المنطقة والعالم ،
والسؤال هنا – إلى متى ؟ وإلى أي مدى ؟ يستمر الإخوان في تقديم الخدمات وفروض الولاء والطاعة لكسب رضى أمريكا وإسرائيل وبعض الدول الخليجية ؟!!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها